كشفت المحكمة الصغرى الجنائية الثالثة أمس حيثيات الحكم الصادر بتاريخ 21 مارس الماضي، في أكبر قضية من حيث عدد المتهمين، إذ بلغ عددهم 138 متهماً بينهم رئيس جمعية المعلمين المنحلة مهدي أبوالذيب بعقوبات تراوحت بين الحبس 15 يوماً و3 أشهر وتغريمهم 100 دينار، و50 ديناراً لوقف تنفيذ العقوبة عن تهمة الاشتراك في تجمهر والتحريض على كراهية النظام. وأوضحت المحكمة أن المادة الثالثة من المرسوم تنص على "تنفيذ الأوامر الصادرة من السلطة المكلفة بتنفيذ أحكام هذا المرسوم من قبل قوة دفاع البحرين، وقوات الأمن العام والحرس الوطني وأية قوة أخرى إذا اقتضت الضرورة ذلك، وعلى كل موظف عام تقديم المساعدة المطلوبة منه ضمن دائرة اختصاصه. كما ورد في المادة الرابعة، تمارس السلطة صلاحياتها بموجب أوامر مكتوبة ولها أن تفوض بعض صلاحياتها لمن يقوم بذلك بالشروط والقيود التي تحددها، كما ورد في البند الحادي عشر من المادة الخامسة بذات المرسوم القبض على المشتبه بهم والأشخاص الخطرين على سلامة المواطنين وتوقيفهم. وورد في البند السادس من ذات المادة تفتيش الأشخاص والأماكن، والمادة السابعة أن النيابة العسكرية تختص باتخاذ إجراءات التحقيق ومباشرة الدعاوى أمام هذه المحاكم”. كما نص المرسوم بقانون رقم 28 لسنة الماضية في المادة الأولى منه "تتولى المحاكم العادية الفصل في جميع دعاوى الجنح والطعون المتعلقة بها والتي لم تفصل فيها محاكم السلامة الوطنية بشكل نهائي”. وقالت: "إن الثابت أن النائب العام العسكري أصدر أمر الضبط وتوقيف المتحرى عنهم (المتهمين) بتاريخ 20 مارس 2011 وذلك بعد صدور مرسوم السلامة الوطنية، ومن ثم يكون أمر الضبط والتوقيف صدر خلال إعلان حالة السلامة الوطنية وطبقاً للمرسوم رقم 18 لسنة 2011 سالف الذكر، فضلاً عن إجراءات النيابة العسكرية المتعلقة بالضبط وتوجيه الاتهام والإحالة لمحاكم السلامة الوطنية قبل اتصال المحكمة بهذه الدعوى”. كما ذكرت الحيثيات أن ما تضمنه المرسوم الملكي بإعلان حالة السلامة الوطنية من وضع تنظيم وإجراءات تخالف الإجراءات المعمول بها بالقوانين المعمول بها لا يكون قد خرج عن نص المادة 36 من فقرة 5 من الدستور، فمن ثم يكون الدفع على غير سند وقابلة للرفض”. وعما أثاره الدفاع بشأن بطلان اعترافات المتهمين، كونها وليدة إكراه مادي ومعنوي، أوضحت المحكمة أن ذلك قول مرسل لم يقم عليه دليل. وكان الاعتراف في المسائل الجنائية عنصراً من عناصر الإثبات التي تملك محكمة الموضوع تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعترافات المتهم في أي دور من أدوار التحقيق، ولو عدل عنه بعد ذلك، متى اطمأنت لصحته ومطابقته للحقيقة والواقع. وكان الثابت من التقارير الطبية أن الطبيب الشرعي لم يجزم بعلاقة تلك الآثار المبينة بالمتهمين الموقع الكشف الطبي عليهم وسببها وتاريخ حدوثها، فضلاً أن الكشف الطبي كان لاحقاً بمدة زمنية عن تاريخ إفادتهم بمحاضر الشرطة، ومن ثم لا ترى المحكمة صلة بين تلك الآثار التي توجد بالمتهمين وإفاداتهم المحررة في محضر الشرطة، مشيرة إلى اطمئنان المحكمة لاعترافات المتهمين ومطابقتها للحقيقة. وفيما يخص الدفع ببطلان إجراءات المحاكمة لعدم جلب المتهمين العشرين، والثالث، والثمانين، لتوجيه الاتهام إليهم بمعرفة المحكمة فهو دفع قانوني ظاهر البطلان، ذلك أن تلاوة التهمة بشأن الجنح على المتهم غير لازم فضلا عن جواز حضور وكيل عنه في الدعوى الحالية. وبخصوص الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه، اعتبرت المحكمة أن ذلك أمر لا يستحق رداً خاصاً، فالعبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي، مؤداه أن تكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين، كما إن للمحكمة الحق في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث، وأن تأخذ اعتراف المتهم في حق نفسه وفي حق غيره في أي مرحلة من مراحل التحقيق، ولو عدل عنها بعد ذلك، مادامت اطمأنت لصحته صدوره عن إرادة حرة طواعية. كما إن المحكمة غير مقيدة عن أخذها باعتراف المتهم بأن تلتزم نصه وظاهره، بل لها أن تستنبط منه ومن غيره من العناصر الأخرى الحقيقية التي تصل إليها وهي اقتراف المتهم للجريمة بطريق الاستقراء والاستنتاج وكافة الممكنات العقلية مادام ذلك متفقاً مع العقل والمنطق. كما إنه من المقرر قانوناً بنص المادة 178 من قانون العقوبات "كل من اشترك في تجمهر في مكان عام مؤلف من خمسة أشخاص على الأقل الغرض منه ارتكاب الجرائم أو الأعمال المجهزة أو المسهلة لها أو الإخلال بالأمن العام ولو كان ذلك لتحقيق غرض مشروع يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تجاوز مئتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين”.كما لا يشترط لتوافر جريمة التجمهر وجوب قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين إذ أن التجمع يبدأ بريئاً ثم يطرأ عليه ما يجعله معاقباً عليه عندما تتجه نية المشتركين فيه إلى تحقيق الغرض الإجرامي الذي يهدفون إليه مع علمهم، ومن ثم يكون نص المادتين سالفتي البيان قد أوجبت العقوبة على مرتكب الفعل المؤثم وهو فعل المساهمة في جريمة جنائية، وليس غيره، وما دام أركان الجريمة قد توافرت في حق أي شخص فهو مرتكب لها. ومن ثم فإن المشرع لم يخرج عن القواعد العامة في التجريم والعقاب بل التزم بمبدأ شخصية العقوبة التي تبدو أهم سماته في ألا يؤخذ بجريرة الجريمة إلا جناتها”.وأما عما أثاره دفاع المتهمين الثامن والثلاثين، والتاسع والثلاثين، والأربعين، من خلو الأوراق من أقوالهم تلتفت عنه المحكمة لما سلف بيانه بشأن إيراد إفاداتهم كدليل إدانتهم قرين كل منهم كما سلف بيانه أخذاً بأدلة الثبوت التي أوردها الحكم.فيما عقبت المحكمة على طلب استدعاء شهود الإثبات تلتفت عنه المحكمة، حيث لم يبين الدفاع الشهود الذين يرى سماع شهاداتهم، كما لم تسند النيابة لشهود معينين في إسناد الاتهام للمتهمين. وأشارت إلى أنه عما أثار الدفاع عن شيوع الاتهام وعدم توافر أركان جريمة التجمهر وما أثاره من دفاع موضوعي بمذكرات دفاعهم تلتفت عنه المحكمة لما سلف وسيأتي بيانه.وبناء على ما تقدم استقر في يقين المحكمة أن المتهمين اشتركوا مع آخرين يزيد عددهم عن خمسة أشخاص في عدة تجمهرات في أماكن مختلفة الغرض منه الإخلال بالأمن العام وهم عالمون به تجاه إرادة كل متهم الاشتراك فيه، وقيام البعض منهم بأعمال شغب تمثلت في غلق الطرق العامة والتعدي على رجال الأمن. ومن ثم يكون الاتهام ثابت في حق كل متهم مما يستوجب عقابه عملاً بالمادة 178 من قانون العقوبات وعملاً بالمادة 256 من قانون الإجراءات الجنائية مع إعمال نص المادة 66 عقوبات.
«الصغرى الجنائية» تكشف حيثيات أكبر قضية من حيث عدد المتهمين
15 أبريل 2012