مذكرتا إلقاء قبض بتاريخ واحد هو (8 يناير 2014) وبرقمين مختلفين (أمر قضائي 2014/2/1/1881 ضد الصحافي سرمد الطائي و2014-2-1-1883 ضد القاضي منير حداد) وبتهمة واحدة: القذف والتشهير.وخوّلت محكمة استئناف بغداد/ الرصافة الثانية "عناصر الشرطة كافة باعتقال المدعو عليه وإحضاره إلى قاضي محكمة قضايا النشر والإعلام في الحال لكونه متهماً في الشكوى المقامة ضده فيها".المذكرتان شغلتا الوسط الصحافي وأصبحتا مدار حديث الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي لكون "المشتكي" هو رئيس الحكومة العراقية و"المشتكى منهم" شخصيات اعتبارية معروفة، فأحدهم مؤسس المحكمة التي اقتادت صدام حسين إلى المشنقة منير حداد، والثاني من وجوه الإعلام العراقي الجديد سرمد الطائي.ولا يحتاج الأمر - برأي المتابعين - إلى" إلقاء قبض وإحضار"، وإنما من صلاحية القاضي أن يصدره أمر "الاستدعاء" لأخذ أقوال المطلوبين بصدد ما وجّه إليهم من اتهامات؛ لاسيما أن مادة "جريرتهم" تقبل الكفالة!مادة قانونية.. وحيثياتيؤكد المتعاطفون مع سرمد حداد أن المادة القانونية التي استند إليها القاضي بتوجيه التهمة "229 ق.ع" هي من مخلفات النظام القضائي السابق التي أصدرها عام 1969، ثم قام بتعديلها صدام حسين عام 1985 لتكميم الأفواه والحريات وسجن معارضيه، وبالتالي فإنها غير شرعية.ودليل المتعاطفين على النيّة المبيتة أن القاعدة المعروفة في القضايا من هذا النوع هي أن يجري استدعاء المشتكى عليه إلى المحكمة مرة أو أكثر، حتى إذا رفض الحضور جرى إصدار مذكرة بجلبه للتحقيق معه.وبين اعتراض المعترضين ومذكرة المحكمة الواضحة كان لابد لنا أن نستعين برأي الاختصاصيين،وقال المستشار القانوني أحمد العبادي : "هذه المادة موجودة في قانون العقوبات العراقي تحت بند الاعتداء على الموظفين ومن يقوم بخدمة عامة ومتنها: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة كل من أهان أو هدد موظفاً أو أي شخص مكلف بخدمة عامة أثناء تأديته الواجب أو بسبب ذلك".وتؤكد دفوعات المتهمين أو المشتكى عليهم أنها لم توجّه الإهانة إلى "شخص" رئيس الحكومة، وإنما أعطت رأيها في "أدائه"، وهو حق كفله الدستور والنظام الديمقراطي.وقال علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة، : "إن صحت الشكوى فرئيس الحكومة أيضاً يريد استثمار هذا النظام الديمقراطي لأخذ حقه عن طريق القضاء؛ وهو أمر يعزز دور القانون مثلما يعتبر الشكوى ممارسة ديمقراطية، حاله حال أي مواطن أسيء إليه".مذكرة قانونية بلا شروط قانونيةولم يصدق أحد في البدء مذكرة إلقاء القبض على الصحافي سرمد الطائي لأنها – وبحسب الصورة المنشورة هنا – قد خالفت الكثير من الشروط القانونية التي تلزم المحكمة بذكر الاسم الكامل للمتقدم بالشكوى ووظيفته، والاسم الكامل للمطلوب ووظيفته ومحل إقامته فضلاً عن شروط قانونية أخرى.ولذلك اعتقدها الوسط الإعلامي نوعاً من التقسيط الذي يستهدف الحكومة، لكن حضور المطلوب الثاني أمام القضاء وإطلاق سراحه بكفالة أثبت بما لا يقبل الشك حقيقتها لتبدأ حملات مهنية ومجتمعية مع المطلوبين باعتبار أن قضيتهم هي قضية "رأي عام"، ولها مساس بحرية التعبير.وصرح مرصد الحريات الصحافية وعلى لسان رئيسه هادي جلو مرعي لـ"العربية نت": "ما نخشاه إن السكوت على هذه القضية سيشجع السلطة على استغلال القضاء لرغباتها، بحيث يصبح الاعتداء على حرية الرأي عرفاً من أعراف الترهيب القانوني للخصوم واستجابة لمزاج المسؤول وليس لدواعٍ مهنية".ومازالت القضية تتفاعل خصوصاً أن خصوم المالكي يعتبرونها نوعاً من التخبط الذي يعيشه فريق الحكومة بفتح أكثر من جبهة وفي آن واحد، كما يحدث الآن في الفلوجة والأنبار ومع أكثر من وسيلة إعلامية.