دعت التربوية والناشطة في القضايا المجتمعية والأسرية الدكتورة حنان السعيد إلى ضرورة أن يكون العام الجديد 2014 مصدر سعادة وعمل دؤوب واجتهاد لتحقيق النجاح وتحويل الإحباطات التي واجهناها في 2013 إلى تفاؤل وأمل وفي حال حققنا ذلك يجب أن نكافئ أنفسنا، كما تطرقت الدكتورة حنان في حوارها مع "ليالينا" إلى الكثير من القضايا التي تهم الأسرة والمجتمع.
ها نحن نستقبل عاماً جديداً ولكل منا آماله وطموحاته...فكيف نستقبله؟
يعاني الجيل الحالي من عدم وضوح الأهداف لديه، فهو يعيش على طريقة الوجبات السريعة أحياناً، شباب يعيش عصره والعصر يتسم بالسرعة وعدم التأني، لذا المفروض على وسائل الإعلام والمؤسسات الأخرى وضع برامج واستراتيجيات تمهد لهم التخطيط للعام الجديد، بالإضافة إلى دور الأم و الأب في البيت الذين يجب أن يشجعوا أبناءهم على وضع الخطط للعام المقبل ووضعها في قائمة بناء على أهداف ممكن تحقيقها وليست أهدافاً مستحيلة وطبعاً لابد أن تكون الخطة مناسبة للواقع وصوت العقل ولابد من تحديد خطوات أو إجراءات في الوصول للأهداف المرجوة، فلا يمكن أن تنجح خطة كانت مجرد فكرة في العقل دون خطوات إجرائية لتنفيذها، كذلك لابد أن نفكر بما لم ننجزه في العام السابق وما هو القصور والخطأ وتحديد نقاط الضعف وعلاجها، أيضاً لابد أن نحدد نقاط القوة بداخلنا ونعززها ونثني على أنفسنا بامتلاكها وتقويتها، لذا وجب على الأسرة أن تغرس في نفوس الأجيال الحالية ثقافة وضع الأهداف والتخطيط والإبتعاد عن العشوائية واللامبالاة في تسيير أمور حياتهم، ولنواجه إحباطاتنا التي تعرضنا لها العام الماضي ولا نخفيها، بل بالعكس نواجهها ونسلط الضوء عليها لنتخلص منها ونتغلب عليها بعمل الأفضل ولابد من التشجيع الذاتي لأنه ضروري ولا ننتظره من الآخرين فقط ولنكافىء أنفسنا بوسائل ترفيهية كلما أنجزنا هدفاً من أهدافنا لتعزيز ثقتنا بأنفسنا.
هل تعتقدين بأن الجيل الحالي يعرف كيف يستعد للعام الجديد؟
من وجهة نظري، يعد وقت الفراغ أحد أهم معوقات النضج الأخلاقي و السلوكي إذا لم يتم إشغاله بخطة وبرامج ذات منفعة على المستوى الشخصي أولاً، ثم توجيه هذه الخطط التي يتبناها الفرد وبرمجتها وتحديد الخطوات المناسبة للوصول إليها ولابد أن نتعاون من أجل حماية الجيل من فائض الوقت الذي يشغله في أمور لا تفيده أحياناً.
ماهو الإستثمار الحقيقي لوقت الفراغ الذي تنصحين به، خاصة مع إطلالة عام جديد؟
ربما من أصعب الأشياء التحدث عن الأسلوب الأمثل، لأن في التعامل مع الجيل الحالي نحتاج إلى مهارات وسعة صدر وبلورة أفكار قابلة للتطبيق والتعاطي، فتنشئته الإجتماعية إجتهاد وقيم متوارثة تحتاج منا جميعاً إعادة صياغة ذهنية ومنطقية وواقعية لبلورتها من جديد، لتتماشى مع احتياجات الجيل الحالي. وأعتقد أن إظهار الحب والمودة للأبناء كفيل بتقوية ثقتهم بأنفسهم وغرس القيم الإنسانية والدينية والوطنية بأسلوب علمي ووسطي متسامح وبرؤية واضحة ومقبولة، فلا يجوز أن نطلب منهم شيئاً ونحن نفعل العكس.
كيف يتصرف من واجهته مجموعة من الإحباطات في العام الماضي؟
أنا متفائلة أننا متى ما قمنا بتحميل الجيل الحالي المسؤولية المجتمعية بدون تردد و شجعناه على الأعمال التطوعية حتماً سنشاهد إبداعات وإنجازات لا تخطر على البال، العام الجديد ينتظر منا تحويل الإحباطات إلى نجاحات.
من العام الجديد نبحر معك إلى قضايا جديدة، بماذا تردين على من يدعي أن المجتمع الكويتي مجتمع ذكوري؟
المجتمع الشرقي عموماً وليس الكويتي فقط متهم أنه ذكوري ولكن لا أشعر أن هذا الوصف دقيق، لأن هناك مجتمعات تتباين في نظرتها للمرأة، مثال في شرق آسيا وأوروبا، فهناك أمور لا تقترب منها المرأة ولا تمارسها ولا يسمح لها بمنافسة الرجل فيها ولهذا فالمجتمع الكويتي تفوق في جوانب كثيرة ويد الرجل بيد المرأة لرفعة الوطن. المرأة اليوم أخذت حقوقها كاملة وآخرها وصولها لمجلس الأمة وهي تحتاج الآن لثقة بعض أفراد المجتمع بقدراتها وإنجازاتها وتحملها للمسؤوليه كالرجل وأتمنى أن يتدارك المجتمع بعض السلبيات الأخرى مستقبلاً.
هل ترين أن المرأة الكويتية اقتحمت كافة المجالات، أم ما يزال أمامها الكثير؟
نعم المرأة الكويتية ضربت أروع الأمثلة بالتميز قديماً وحديثاً وتميزت أكاديمياً وسياسياً وتربوياً وفنياً والحمدلله وصلت بشهادتها وعلمها وثقافتها واطلاعها إلى أعلى المراتب، فالكل يشهد أن الكويتية بالذات مطلعة لما يجري في العالم من أحداث وتريد أن تعرف كل ما يدور ببلدها، كذلك لديها القدرة على الحوار والنقاش وإقناع الآخرين بوجهة نظرها.
كيف تتعامل الأم تربوياً مع أطفالها في حال أنها كانت متوسطة التعليم؟
الأم إذا كانت متوسطة التعليم لديها التلفاز والآي باد وحضور الندوات حتى تساعد أبناءها وتغرس في نفوسهم القيم التربوية المناسبة ولا تتحجج بعدم وجود شهادة، فأمهاتنا لم يكن متعلمات وأوصلونا إلى أعلى مراتب العلم ولا يمنع أن تستعين بخبرات خارجية قدر الإمكان مثل الإستشاريين والإداريين، حيث أن السلوكيات الصحيحة والمنظمة لا تحتاج إلى علم وتقنية وأبسط مثال إذا الأم علمت أولادها كيف ينظمون غرفهم ووقتهم وواجباتهم سينمو معهم هذا السلوك ويصبح عادة لتنظيم كل حياتهم.
هل فعلاً أن طبيعة المجتمع الكويتي المرفه تتسبب بمخرجات غير قادرات على تحمل المسؤولية؟
فعلاً، أبناء الجيل الحالي إعتمدوا على التقنية بشكل كبير، فأنا قلقة حيال أمر وهو ماذا لو انعدمت هذه التقنية لأي سبب من الأسباب، كيف يمكنهم تسيير أمور حياتهم؟.
تولين المجتمع اهتماماً كبيراً، فما هي القضايا التي تجدينها ضرورة قصوى لتعديل ثقافة المجتمع الكويتي الحالية تجاهها؟
- قيمة الأسرة في المجتمع، خاصة المرأة، حيث تعود الأسرة محور الحياة الإجتماعية وأن يكون الأب والأم هم أساس تربية الأبناء.
- تقييد السلوك الإستهلاكي لدى الفرد الكويتي، فقد أصبح الجيل الحالي مستهلكاً أكثر مما هو منتجاً ويريد اقتناء كل شي بدون مجهود وأحياناً يحمل نفسه أعباء وأقساطاً يعاني منها مستقبلاً.
- التعامل المادي بين أفراد المجتمع، حيث تلاشت العلاقات الإنسانية البعيدة عن المصالح الشخصية.
- النظرة الخاطئة للأشخاص الذي يقومون بمساعدتنا من موظفين أو عمال أو خدم، فغالباً ننظر إليهم نظرة دونية في المجتمع ونحن نحتاجهم، وهذا قمة التناقض.
- مفهوم التسامح، حيث طغت حالياً ثقافة غريبة في المجتمع بعيدة عن التسامح و بدت روح الإنتقام هي السائدة وهذا ما نراه من جرائم ترتكب في الأسواق والمجمعات بسبب موقف سيارة أو أمور تافهة جداً.
كيف تفسرين إرتفاع ظاهرة العنف في المجتمع؟
للأسف، تنامي ظاهرة العنف بين الشباب أرجعها إلى تدني مستوى الثقافة القانونية لدى الشباب وقلة اجتهاده على تنمية تلك الثقافة وتعزيزها، فهو لا يبحث عنها ولا يتحراها، مما ساعد على انعدام هيبة القانون لأنه يجهله والإنسان عدو ما يجهل، لذا وجب أن نزيد من حجم الثقافة القانونية لدى الشباب الجامعي وقبل الجامعي من خلال الندوات والمحاضرات ووسائل الإعلام والمقررات الدراسية، حيث أظهرت غالبية الدراسات أن الثقافة القانونية تنمي المواطنة الصالحة والمسؤولية وتحد من الجرائم بنسبة كبيرة.
كيف تنظرين إلى مخرجات الجيل الحالي؟
لابد أن نرسخ في نفوس الجيل الحالي فكرة أن الحقوق تقابلها واجبات وأن حرية الإنسان ليست مطلقة، بل هي محدودة بما يصون حقوق الآخرين وعدم التعدي عليها وتمكينهم من تحليل ومناقشة أوضاع حقوق الإنسان في مجتمعهم والمجتمع العالمي.
تحرصين دائماً على غرس المفاهيم التربوية في النشء، ماهي أبرز هذه المفاهيم؟
نحتاج في الوقت الحاضر إلى غرس مفاهيم دينية وأخلاقية ليعيش الفرد بصحة نفسية ومتصالحاً مع نفسه ومتفاهماً مع أفراد مجتمعه وأيضاً نحتاج إلى تعميق المفاهيم الوطنية وغرسها في نفوس النشء بأن الكويت هي الأصل وهي المنبع، فيها نحيا ونموت، وما عداها هي دول وشعوب تربطنا بها أواصر الأخوة أو الجيرة نتعامل معها وفق ما تقتضيه مصلحة دولتنا الكويت وهذا هاجس أحمله على عاتقي، إذ علينا أن نعلم هذا الجيل أن لا وطن لنا إلا الكويت ولا عزة ولا كرامة لنا إلا بأرضه وبوجوده وأن ما يربطنا من علاقات وصداقات مع الدول الشقيقة والصديقة هو من مبدأ التعاون والمصالح المشتركة فقط وليس الولاء والإنتماء.
لو سألتك عن الأهداف المطلوبة في التعليم العام والجامعي، ماذا تقولين؟..
يجب أن يأتي في مقدمتها إعداد الإنسان لحماية الأمن والسلام الإجتماعي وتقدير حقوق الإنسان وحمايتها ويجب تعزيز ذلك بإدخال موضوعات في الكتب المدرسية أو تخصيص مقررات للثقافة القانونية لمواجهة النزوغ الملاحظ عند البعض والتعدي على حقوق الآخرين الذي يعد إنتهاكا صريحاً وسلباً لحق الإنسان في الحياة.
كتربوية، برأيك ماذا نحتاج لإصلاح الخلل؟
نحتاج في الوقت الحالي إلى تنظيم البيئة التعليمية في المدارس والجامعات، لتكون بيئة مربية بالفعل بكل مكوناتها المادية والمعنوية تعين الطلبة على إدراك حقوقهم وتحمل مسؤولياتهم والإلتزام بواجباتهم وبما يعزز لديهم الإنتماء لمجتمعهم المدرسي والجامعي وبالتالي ينمي لديهم المواطنة الصالحة بشكل عام.
كيف ترين أهمية دور الأسرة في تنشئة الجيل لإستقبال العام الجديد؟
لابد أن تهتم الأسرة بالذات بتقوية الوازع الديني، فهو الرقيب الذاتي للأبناء والحرص على ممارسة الرياضة وهي ليست أموراً ثانوية، بل أساسية إذا أردنا أن نبعد أبناءنا عن آفة المخدرات والإنحرافات السلوكية الأخرى.
هذا يقودنا إلى سؤال آخر عن الأم البديلة " الخادمة " أو مصطلح المربية مثلما يروق للبعض تسميتها؟
الخادمة مساعدة فقط بالبيت وليست أماً بديلة أو مربية ويجب أن يكون دورها هامشياً وليس محورياً في الأسرة
ولمعرفة حظكم في العام الجديد يمكنكم الاطلاع على:
توقعات ماغي فرح 2014 - تنبؤات لجميع الأبراج