تعدّدت مواهب "جايمي فوكس"، الفنّان الأصيل الحائز على جائزة الأوسكار. فبالإضافة إلى مهنته المتميّزة على الشاشة الكبيرة، يشتهر أيضاً بكونه موسيقياً حائزاً على جائزة "غرامي" بعد إنتاجه ثلاثة ألبومات تصدّرت لائحة "بيلبورد 200"، كما أنّه كوميدي مسرحي.

بدأ "فوكس" مسيرته كممثّل في الفيلم الكوميدي "تويز" (Toys) الذي صدر في العام 1992 ومثّل أول دور درامي له في العام 1999 في فيلم "آني غيفن صانداي" (Any Given Sunday) من إخراج "أوليفر ستون". تبع ذلك أداؤه المتميّز جدّاً إلى جانب "توم كروز" في فيلم "كولاتيرال" (Collateral) من إخراج مايكل مان الذي رُشّح بفضله لجائزة أوسكار عن فئة أفضل ممثّل في دور ثانوي.

تميّز فوكس أيضاً بكونه ثاني ممثّل على الإطلاق – بعد "آل باتشينو" – يحصل على ترشيحين في التمثيل في العام عينه. فبالإضافة إلى ترشيحه عن دوره في "كولاتيرال" (Collateral)، رُشّح أيضاً لجائزة أفضل ممثّل وفاز بها عن دوره كعازف الإيقاع وموسيقى البلوز، "راي تشارلز"، في فيلم السيرة الذاتية "راي" (Ray) للمخرج "تايلور هاكفورد". بعد هذه النجاحات، أدّى "فوكس" دوراً في "دجارهيد" (Jarhead) و "ميامي فايس" (Miami Vice) وتمكّن من أن يستثمر مواهبه الموسيقية في دوريه في "دريم غيرلز" (Deamgirls) و "ذو سولويست" (The Soloist).

أمّا في دوره الرئيسي كـ "دجانغو" في أحدث أفلام "كوينتن ترانتينو"، "دجانغو آنشايند" (Django Unchained) الذي يبدأ عرضه في صالات العرض السينمائية 17 يناير 2013، فيؤدّي "فوكس" دور عبدٍ معتق يتوق إلى الاجتماع بعد فراق بزوجته الحبيبة التي ما زالت تحت قبضة تاجر رقّ عديم الأخلاق. من موقع التصوير في "إيفرغرين بلانتايشن" في قلب "لويزيانا"، وسط مكانٍ كانت تملأه مساكن العبيد في القدم، يحدّثنا "فوكس" عن دوره..

ما شعورك كونك راعي بقر "كوينتن ترانتينو"؟إنّه لأمرٌ مذهل. إنّه واحدٌ من النصوص الأكثر شجاعة التي قرأتها قط وأن أتمكّن من أداء دور عبدٍ، كما في "غلادياتور"، حيث يتسنّى للعبد أن ينتقم في الواقع وأن يحصل على الفتاة التي يحبّها... لم نرَ قط فيلماً عن الغرب الأمريكي يُقرّ بالعبودية. إنّه فيلم عن الغرب الأمريكي يتكلّم عن العبودية، إنّه قصّة حبّ، أنّه أمور كثيرة مختلفة. ولا يمكن إلاّ لـ "كوينتن" أن يقوم بمثل هذا العمل. إنّه لأمرٌ مميّز. وقد تسنّى لنا أن نلتقي بـ "دجانغو" الحقيقي – "فرانكو نيرو" – ومثّلنا مشهداً معاً. لا يجدر بي على الأرجح قول ذلك!

من أين تأتي شجاعة كوينتن؟يجب أن تتحلّى بالشجاعة وبحسٍّ فنّي وأن تكون ناجحاً: أنت بحاجةٍ إلى جميع هذه الأمور. أنا متأكّد من أنّ الكثير من الناس الشجعان لا يتمتّعون بالقدرة على إنتاج الفنّ وبالقدرة على مجاراة جيل الهيب هوب لكنّ "كوينتن ترانتينو" قادر على ذلك. إذا نظرت إلى تقييم أفلام السينما على شبكة الإنترنت وإلى الأسماء التي يتمّ البحث عنها الأكثر، تجد أنّ "كوينتن" يسبق الممثّلين الكبار كلّهم. فهو، إذا صحّ التعبير، قد شرّع الأبواب أمام هذه الموضوع واستحوذ على حقّ معالجته. سيكون هذا الفيلم صعب الإنجاز لكنّ الطريقة التي يصوّره فيها مذهلة. لهذا هو "كوينتن ترانتينو" الشهير. أشعر بأنّني محظوظ؛ فقد تمكّنت من العمل مع "أوليفر ستون" و "مايكل مان" و "تايلور هاكفورد" و "سام مانديز" و "بيل كوندون" و "أنطوان فوكا"... لقد عملت مع بعضٍ من أفضل الرجال و "كوينتن" واحدٌ منهم.

ما الذي يميّز "كوينتن"؟إنّه عصري وشابّ ومحبّ للحياة. عندما ننتهي من التصوير، نذهب للتسكّع معاً ونعود في اليوم التالي. فهو يتمتّع بهذا التفكير الشابّ؛ إنّه أشبه بنجم روك أند رول. فهو ليس مجرّد مخرج بارع فحسب. عندما يترجّل من السيارة عند الوصول إلى مطعم ما، تسلّط الكاميرات كلّها عليه وهو يدرك ذلك ويستخدمه ليقوّيَ نفسه. وعندما يكون وراء كاميرا التصوير، هو نابغة. لا يدع جانب نجومية الروك أند رول يقف في الطريق. فهو يهتمّ فعلاً بما يفعله. تلك الطريقة التي يهتمّ بها بكلّ أولئك الشبّان، وهذا الموضوع الحسّاس الذي يعالجه، فكان الجميع مكبّلين وكان يحرص على أنّ جميعهم بخير بين اللقطة والأخرى. لا نرى ذلك غالباً. إنّه واحدٌ من أولئك الأشخاص المميّزين.

أليس حلم كلّ شاب أن يكون راعيَ بقرٍ؟بلى – الكلّ يريد القيام بذلك. [يسحب مسدّسه] أتفهم ماذا أعني؟ ترعرعت في صباي في تكساس وكان لدّي الكثير من المسدّسات اللعبة. حصلت على حصان في مناسبة عيد ميلادي منذ أربع أو خمس سنوات، لذا أنا أركب حصاني الخاص في الفيلم. يُدعى "تشيتاه". الكثير من الأفلام التي أمثّل فيها تقابلها قصّة موازية في حياتي. فقد ربيت في تكساس أشاهد "بونانزا" وكلّ تلك البرامج العظيمة وألعب بالمسدّسات اللعبة والآن باتت هذه طبيعتي الثانية. لا أحتاج إلى أن يعلّمني أحد ذلك، كما بات لديّ حصاني الخاص الآن.

هل احتجت إلى تعلّم أيّ شيءٍ إضافي لتؤدي دور راعي بقر؟بالتأكيد كان هناك بعض الأمور، مثل كيفية التعامل مع الحصان الذي عليك أن تركبه. عليك أن تصبح راعي بقر حقيقي. لا يمكنك ارتكاب أي أخطاء. ويلزمك بعض الوقت للاعتياد على الجلوس على هذه السروج القديمة. سرجي الجديد فيه مخمل وفرو... يمكنك الجلوس عليه بمنتى الراحة، لكنّ هذا السرج هنا مريع. تصبح بارعاً في مشية رعاة البقر جرّاء ذلك!

هل ستحتفظ بالزيّ عند الانتهاء؟آه أجل بالتأكيد – وهل تعلم زيّ من أيضاً؟ زيّ "كريستوف". لا أعلم إذا رأيت زيّه لكنّه رائع.

كيف كان العمل معه؟إنّنا كالثنائي "بوتش" و "صاندانس" ولكن، في إطارٍ مختلف. هو أيضاً يتحلّى بالشجاعة. كلّهم كذلك؛ فعندما تنظر إلى طاقم التصوير، تجد "صامويل ل. جاكسون" و "ليوناردو دي كابريو" و "كورت راسل" و "دون جونسون" و "كيري واشنطن". روعة. إنّها لمغامرة كبيرة أخرى.

هل شعرت بالسلطة وأنت تؤدي دور شخصيةٍ تتحلّى بهذه القوة؟الأمر المذهل. لا يُدرك كم يُساعد الجميع، وبالأخص أولئك السود المسنين الذين يعملون من التاسعة صباحاً وحتى الخامسة مساءً لفرصة المجيء ومشاهدة الفيلم، لأنهم يعرفون الكثير عن العبودية، وأن يروا الآن عبداً لا يقول: "سوف أضع حدّاً للعبودية" بل: "سوف أحصل على الفتاة التي أحبّها"... ولا أعرف كم تعلم عن العبودية، لكنّ كلّ شخصٍ أمريكي من أصل أفريقي وُلد نتيجة زواجٍ قسري أو تزاوج قسري. فكان يتزوّج الرجل الأضخم المرأة الأقوى لينجبوا عبيداً أقوى. وعندما كان يقرّر عبداً أن يتزوّج الفتاة التي يحبّها، كان عليه أن يتسلّل خلسةً، وإن تمّ القبض عليه، كانت الفتاة تواجه خطر خسارة حياتها وحياة أطفالها. فكان أمراً عظيماً أن يقع "دجانغو" في حبّ هذه المرأة. عندما تشاهد النساء هذا الفيلم، أظنّ أنّهنّ سيقلن: "ليت رجلاً يتحدّى العالم لينقذني وهو يحمل مسدّساً ويرتدي هذه السترة الخضراء".

أتظنّ أنّ الفيلم سيرفع الوعي عند الناس؟سيرفع الوعي وسيكون ممتعاً في الوقت نفسه. ففيه الوجهان. كتب "كوينتن" مؤخراً بعض الأمور عن فراسة الدماغ ودراسة الجماجم وكيف تكشّفت المكوّنات الدينية – كقول الله إنّ وجود العبيد ضرورة وإنّهم يجب أن يكونوا من السود – وعلم الجماجم. ثمّة أمور مثيرة جداً للاهتمام. إن كنت تعتقد أنّه عليك القيام بمقابلات كثيرة الآن، انتظر حتى صدور الفيلم، فسيتهافت الناس عليه.