تصبح ذكرى انطلاق الثورة في سوريا أكثر مرارة على السوريين إذا كانوا في الغربة المترافقة مع التشرد، خصوصاً إذا كان المشردون من درعا مهد الثورة، وهذه حال عشرات الشبان السوريين العالقين منذ عدة أشهر في مدينة كالي شمال فرنسا، في حين لم تمنحهم باريس اللجوء بعد ولم توافق بريطانيا على طلبهم.لذلك يعمد بعضهم إلى المخاطرة من خلال محاولة العبور بطريقة تصفها الشرطة بالمتهورة، فيما يبررها اللاجئون بصعوبة ظروف عيشهم في المدينة الأكثر فقراً من بين مدن فرنسا.ويقضي شبان درعا في كالي نهارهم وبعض الليل بين خيم التشرد، المزروعة على طول الطريق إلى مرفأ المدينة، وشاحنات نقل البضائع التي يختبئون بين عجلاتها للعبور إلى بريطانيا.وتبقى أنظارهم شاخصة نحو السفن والعبارات التي تنقل الشاحنات من البر الفرنسي إلى ما يعتقدون أنه بر الأمان الإنكليزي.كما المملكة ترفض استقبالهم منذ أشهر عدة، ولذلك لم يبق لديهم سوى المخاطرة والدخول من دون تأشيرة ولا وعد باللجوء.ويحاول الشبان يومياً النزول إلى أسفل الشاحنة وترك الجسد يتدلى بين كتل الحديد التي تربط بين عجلاتها الخلفية من دون علم السائق.وتخشى عمدة المدينة أن تفقد منصبها في الانتخابات البلدية بعد أيام إن هي أظهرت اهتماماً باللاجئين في مدينة يتفوق فيها اليمين المتطرف شعبياً على الحزب الاشتراكي الحاكم، حيث ينقسم سكان كالي بين من لا يبالي بوجود اللاجئين وبين من يعتبرون أنهم عبء على المدينة.ويعاني المهاجرون السوريون في كالي من قلة النوم أحياناً، وذلك بسبب شدة الصقيع، ولا يأكلون سوى وجبة واحدة ولا يملكون المال الكافي بعد أن ذهب معظمه إلى جيوب سماسرة تهريب المهاجرين دون جدوى.كما يعاتب هؤلاء الأهالي بلدية كالي التي لا تشملهم عنايتها، وعلى فرنسا الدولة التي لا تفعل الكثير برأيهم للمساعدة، وحلمهم العودة إلى سوريا ذات يوم لا يظنونه قريباً كما يرددون بيأس.