شغلت حادثة مقتل صحافي عراقي على يد ضابط ينتسب إلى حماية الرئيس العراقي جلال الطالباني في 21 من الشهر الجاري الوسط الصحفي؛ خصوصا بعد دخول رئيس الوزراء العراقي على الخط، وإعلانه المثير للجدل أثناء القبض على القاتل " الدم .. بالدم " وهو عرف عشائري مشهور لدى القبائل العربية؛ ليتحول مقتل الصحفي محمد بديوي الشمري إلى "قضية رأي عام" شاركت فيها بعثة الولايات المتحدة في العراق، والاتحاد العام للصحفيين العرب، فضلا عن منظمات إنسانية ومهنية عدة.وبالرغم من أنها ليست المرة الأولى التي يتحول فيها رجال الأمن إلى مساهمين باستهداف الأبرياء العزل؛ لكن وقوعها على مشارف الانتخابات هو ما جعلها راية تحملها العديد من الجهات السياسية وتتبناها باختلاف النوايا.ووسط جو مشحون بالغضب ومحاولة إثارة النعرات الطائفية، كان هناك من يطالب بأن يُنظر إلى الجريمة باعتبارها حادثة قتل جنائي محذرين من تسييسها، وهؤلاء يقفون عند خط شروع واحد سواء كانوا من عقلاء العرب أو من الأكراد المنصفين الذين ينتسب القاتل إلى هويتهم القومية وليس إلى عاداتهم التي ترفض استهداف الأعزل.تظاهرات ووقفات احتجاجيةامتلأت مقار النقابات الصحفية في عموم محافظات العراق بالوقفات الاحتجاجية والمطالبات بإنزال القصاص بالجاني.قابلتها تظاهرات في مناطق كردستانية تتعاطف مع ذوي المقتول وتطالب في الوقت نفسه وقف الدعوات إلى الثأر، معتبرة أن شعار "الدم بالدم يؤجج الطائفية والكراهية بين أبناء المجتمع وبحسب قول أحد قيادات البيشمركه فإن "182 ألف كردي قتلوا بعمليات الأنفال ولم نطالب الدم بالدم".ومع التسريبات الصحفية التي تفيد بموافقة رئيس الوزراء العراقي على نقل محاكمة الضابط القاتل إلى إقليم كردستان؛ كتب الحقوقي قاسم الدبيسي على صفحته في "فيسبوك": أعطت المادة 55 / ب والمادة 142 من قانون الأصول الجزائية؛ الجواز بنقل الدعوى إذا اقتضت ظروف الأمن أو كان النقل يساعد على ظهور الحقيقة.. فهل يوجد مبرر لطلب نقل الدعوى.. وما هي مقتضيات المصلحة العامة التي تضمنها طلب مكتب رئيس الجمهورية؛ وما سبب جواب مكتب رئيس الوزراء (لا مانع لدينا).وأضاف "إن بها رائحة صفقة سياسية، ونطالب رئيس مجلس القضاء الأعلى بعدم الاشتراك بضياع دم المظلوم الدكتور محمد بديوي الشمري لأنه أصبح قضية رأي عام".من جانبه قال الشاعر والإعلامي علي وجيه إنه تم استغلال الموضوع بصورة بشعة من جميع الأطراف، والمحصلة النهائية - بعد انفضاض الجمع - ستكون جثة الشمري نفسها مرمية على الإسفلت ولا أحد بقربها، فالعنصري أخذ حصته من الشتائم، والسياسي أخذ ما أراد من التجيير ما قبل الانتخابات، وذيول الصحافة، وناشطو فيسبوك أيضا استثمروها فرصة للثرثرة، والمظلوم الوحيد بالمعادلة هو المغدور نفسه".أما الكاتب والحقوقي كريم السيد فقال "ما يميز قضية الإعلامي القتيل محمد بديوي هو جانب شخصي وآخر موضوعي، الشخصي جاء بحكم وظيفة القاتل العسكرية؛ وطبيعة الضحية هذه المرة كإعلامي بارز وأكاديمي في الجامعة ومدير لإذاعة مهمة؛ وبشاعة الطريقة التي قتل بها، والجانب الموضوعي يكمن في وجود قوات لحماية الرئيس تسيطر على منطقة مهمة من بغداد، علما أن الرئيس غير موجود ولا أحد يعرف مصيره".