كتب - علي الشرقاوي: علوي الهاشمي من أهم الشخصيات التي كتبت عن الحركة الشعرية في البحرين، ونقلت الصوت البحريني الجديد إلى جميع الدول العربية، ساهم بقصائده وآرائه النقدية وأفكاره المغايرة والمختلفة في تحريك أي ركود ثقافي أو فني أو فكري .عمل الهاشمي من خلال حضوره اللافت في اللقاءات والندوات والمهرجانات الشعرية، على أن تكون البحرين حاضرة وبقوة في المشهد الثقافي العربي. وقد جمع بين بضاعتي النقد والشعر، فأصدر عدة دواوين منها من أين يجيء الحزن، والعصافير وظل الشجرة، ومحطات للتعب إضافة إلي عدد من الدراسات النقدية، منها ما قالته النخلة للبحر، والسكون المتحرك.علي الصعيد العملي، مارس الهاشمي أدواراً متنوعة في الإذاعة والصحافة البحرينية، إضافة إلى أعماله الإدارية كعميد لكلية الآداب في جامعة البحرين، ثم أمين عام مجلس التعليم العالي. الصبا والأغاني يكتب علوي الهاشمي في مقدمة أعماله الشعرية الكاملة: مرت تجربتي الشعرية، بأربع مراحل، مثلت البدايات الشعرية الأولى المتعثرة التي ابتدأت عام 1960 إرهاصاتها المبكر، وقد عبرت عن نفسها في الكلمات والنصوص العامية التي كانت تكتب للغناء وفي بعض النصوص الشعرية التي تتسم بشيء من النضج في التعبير عن مرحلة المراهقة، مثل قولي في قصيدة عنوانها «ليت أني» أو «ذات الوشاح الأخضر:» «ليت أني زهرة في روض أحلامك تنمو/ ووشاح ضيقٌ ما بين جنبَيْكِ يضمُ/ لأحوش الشهوة الحبلى وفيها أستحم/ كلما دغدغك الشوق وفيك ضج حلم/ لملميني في عبير الجسد الدافئ لثم/ يا حبيبي.. ليتني في ليلك الأخضر نجم». وصاحب الشعر في هذه المرحلة المبكرة من عمري عدد من الهوايات الفنية كالرسم والتصوير الفوتوغرافي وفن الخط العربي والتلوين الفوتوغرافي. ثم مثلت المرحلة الثانية فترة الغربة والسفر إلى لندن للدراسة الجامعية سنة 1965 والابتعاد عن الوطن، وهي الفترة التي أفرزت في القسم الأول «قصائد عن الغربة» وتمتد حتى نهاية الستينات، فيما اتصل القسم الثاني بالقصائد الوطنية التي كانت تدافع عن البحرين ضد المطالب الإيرانية، وتؤكد عروبة البحرين قبل الاستقلال العام 1970. وارتبط القسم الثالث من تجربتي بالمناسبات الخاصة كالأعياد الاجتماعية والكشف عن أعماق الإنسان الحقيقية تجاه الفرح، وتم ربط كل ذلك بمأساة الإنسان الفلسطيني. أما القسم الرابع فهو مخصص للمرأة بصفتها حبيبة...لندن والإحساس هي مرحلة السفر إلى لندن التي ولدت مجموعتي البكر «الجرح المسافر»، وهي المجموعة التي تم تقديمها إلى سفارة دولة الكويت في البحرين للطباعة العام 1970، وحين تأخر طبعها عاماً كاملاً لعدد من الأسباب وظهرت مناهج شعرية جديدة في شعري آنذاك تخطت «الجرح المسافر» قمت سحب المجموعة من السفارة الكويتية.كانت كل الملامح الشعرية تصب في مرحلة جديدة هي مرحلة «من أين يجيء الحزن» الذي كان عنوان المجموعة الأولى، في حين همشت مرحلة الغربة، ووضعتها على الرف، وهكذا حصل الاقتناع عندي بأن تكون مجموعة من «أين يجيء الحزن» الإصدار الأول الذي أقدمه لجمهور القراء دون أن يعني أن قصائده تمثل أول ما كتبت في تجربتي الأولى، بل كان هنالك قصائد كثيرة، تمثل مراحل عديدة أتت تجربة الغربة ومرحلة القصائد الدينية قبلها وأثناءها وقد تجسدت هذه المرحلة المبكرة في نشر أولى قصائدي العام 1962 في مجلة «البحرين» التي تصدرها وزارة الإعلام آنذاك. عشق الوطن مرحلة الغربة، شكلت إحساسي الحقيقي بالشعر والوطن معاً، حتى صار الشعر عندي يعني الوطن والوطن يعني الشعر ولو كان ذلك من بعيد، فقد كان الوطن بكل ما فيه يتوهج في الذاكرة ويرتوي من نهر الحنين في الغربة.في هذه المرحلة بدأ ابتكار الصور الشعرية ذات المنحى الرومانسي اللصيق بالروح والتجربة، فولدت صور مثل «الشمس التي تغسل شعرها الذهبي» في مياه «عين عذاري»، ومثل «انسياب اخضرار المراعي في الروح»، و«مغازلة نخل الوطن المفتون بقلب الشاعر»، «وسرائرهم كالفجر تحتضن القرى»، إلى غير ذلك من الصور المرتبطة بأجواء الوطن وطبيعة البحرين الساحرة وشعبها المسالم.وخلاصة ذلك أن هذه المرحلة، شكلت بالنسبة إلي الباب الذي أدخل منه إلى الوطن، والعيون التي أراه بها، مما جعلها تمهيداً حقيقياً وأرضية صالحة لمرحلة الالتصاق الثوري بالوطن في مجموعة من «أين يجيء الحزن» لاحقاً.من أين يجيء الحزن؟ يرى علوي الهاشمي أن مرحلة من «أين يجيء الحزن» هي المنطلق الشعري الجاد والحقيقي بالنسبة إلى على مستوى كل من البحرين والوطن العربي، خوصاً عندما شاركت بقصيدة «الطوفان» في مؤتمر الأدباء العرب الثامن في سوريا سنة 1973، يومها شعرت بثقة عالية في مستوى الحركة الشعرية في البحرين على الرغم من أنها كانت في مرحلة اليفاع، لأن إعجاب الحضور خصوصاً المثقفين منهم والأدباء المعروفون مثل د.سهير القلماوي، وسهيل إدريس صاحب دار الآداب، بالإضافة إلى القامات الشعرية التي وقفت إلى جانبها مشاركاً في إلقائي الشعري على المنصة كالجواهري ومصطفى جمال الدين ونزار قباني وعمر أبو ريشة وتعرفي على الشعراء الشباب العرب مثل ممدوح عدوان وأحمد دحبور وعلي الجندي وفايز خضور الذين أشعروني بانتمائي إلى المرحلة الجديدة التي يمثلونها، كل ذلك جعلني أعتز بتجربتنا الشعرية الشابة في البحرين ومساهمتي الشخصية فيها. العبور إلى الرصيف المقابل إن هذا الشعور قد تأكد، عندما تلقيت بعد أشهر قليلة، دعوة للمشاركة في مهرجان المربد الثاني في العراق وكانت النتيجة لا تقل أثراً عما حدث في دمشق حين قرأت القصيدة نفسها.وقد أنتجت تلك المرحلة، قصائد انطلقت من قصيدة «الطوفان» سالفة الذكر، مثل قصيدة «العبور إلى الرصيف المقابل» وقصيدة «المدينة التي أهلكها السكوت» و»كلمات من دفتر جدي» و»من يشتري سيف أبي» وصائد أخرى ضمها ديوان من «أين يجيء الحزن» الذي حرصت على أن يكون عنواناً لمجموعتي الأولى وهو اللازمة المتكررة في قصيدة الطوفان، وقد شاعت وانتشرت على ألسنة المتلقين العرب... وكان أول من انتبه إلى ذلك خلال مهرجان المربد د.إحسان عباس الذي قدم القصيدة نقدياً في واحدة من جلسات المربد النقدية، وربط بينها وبين تجربة «الرعب والحب» في تجربة الشاعر السوداني محمد الفيتوري.والتفت إلى أهمية هذا المقطع الشعري/ اللازمة، وإلى القصيدة بشكل عام، عدد من النقاد والشعراء أمثال المستشرق الإسباني بيرو مارتينيز والشاعر سليمان العيسى ونزار قباني علي الجندي. وأتذكر، هنا، أن بعض الزملاء في البحرين قد استغرب من أن تكون جملة استفهامية «من أين يجيء الحزن» عنواناً لكتاب أو مجموعة شعرية، فهي في نظرهم لا تصلح لذلك، غير أني ألححت على وضعها عنواناً للمجموعةالرومانسية الثورية إن أهم ما تميزت به هذه المرحلة، هو ذلك العناق الرومانسي الثوري ف قضايا الوطن وهموم الإنسان، وقد جاء تجسيداً لشعار أسرة الأدباء والكتاب في البحرين التي تأسست العام (1969) وهو الشعار الذي أجج الحماس في قلوب الأدباء الشباب المنتمين إلى هذه الأسرة ولم يمر على تأسيسها سوى سنة أو سنتين.وتميزت التجربة في مجموعة «من أين يجيء الحزن»، بتجريب عدد من الأشكال الفنية والموسيقية والبنائية المتصلة بتشكيل النص الشعري. فلعبت الحكاية البسيطة المستمدة من التراث الأدبي على المستويين الوطني والقومي دوراً في هذا التشكيل النصي، كما لعبت الأسطورة أيضاً بعض الدور في هذا التشكيل.أما التاريخ المحلي بشكل خاص، فقد شكل القاعدة التي تتحرك عليها نصوص هذه المجموعة، ولعل أهم ما في هذه المرحلة أن كل واحدة من قصائدها تشكل بذرة مشروع شعري قابل للتوسع والنضج مستقبلاً... العصافير وظل الشجرةبشأن مرحلته الثالثة «العصافير وظل الشجرة» عنوان المجموعة الشعرية الثانية، يقول الهاشمي بدأت الاهتمام بالوطن كموضوع شعري مستقل بعد أن كان في المرحلة السابقة موزعا بين المرأة والطبيعة والتاريخ. فإذا كانت هذه العناصر قد بقيت في مرحلة «العصافير وظل الشجرة» فإن موضوع الوطن قد وظفها جميعاً توظيفات رمزية أسهمت في تطوير النص الشعري وبلورته نحو أفق رؤياوي جديد، كادت تكون قصيدة «العصافير وظل الشجرة» نفسها التي صارت عنواناً للمجموعة تطبيقاً حقيقياً لهذه الرؤيا الفنية.فالقصيدة تقوم على أرضية السجال الوطني الذي كان محتدماً في مطلع السبعينيات بين الجبهات السياسية في البحرين بعد الاستقلال مباشرة، عندما تحققت أول تجربة ديمقراطية وقفت منها القوى السياسية على مسافات مختلفة. وتعتبر هذه القصيدة من المطولات الشعرية التي تضمنتها المجموعة الثانية كما تتميز ببنائها الفني المتقاطع مع الفن التشكيلي خاصة من حيث توظيف الألوان وهي هواية كانت معي منذ الصغر وكنت أمارسها قبل الشعر ومعه في صورة رسم اللوحات التشكيلية وتلوين الصور الفوتوغرافية. وقد نشرت القصيدة في مجلة الآداب أول مرة تحت وصف «قصيدة لونية»، وهناك مطولات شعرية أخرى في هذه المرحلة الشعرية التي ملتها مجموعة «العصافير وظل الشجرةومن المطولات أيضاً قصيدة «قراءات في دفتر الجرح العربي» وهي عبارة عن سبع قراءات تدور حول هم سياسي مشترك بين الواقع السياسي في البحرين آنذاك وبين الواقع السياسي في لبنان أثناء الحرب الأهلية. فقد كان خبر موت إحدى المناضلات اللبنانيات محركاً وباعثاً لهذه القصيدة بالإضافة إلى رسالة وصلتني من شاعر معتقل في سجون البحرين وقتذاك.وتمثل هذه المطولات الشعرية الأرضية التي تفسح المجال لقصائد المجموعة الشعرية الثالثة «محطات للتعب» التي تمثل المرحلة الشعرية الرابعة أو لنقل الأخيرة في إصدار المجموعات الشعرية المنشورة. محطات التعب هي المحطة الرابعة والأخيرة في تجربته الشعرية، يقول عنها: يدل اسم المجموعة عليها، فرغم وجود بعض المطولات الشعرية التي تضمنتها هذه المجموعة مثل قصيدة «عيون بهية» التي كتبتها بمناسبة حادثة المنصة المتصلة باغتيال الرئيس المصري أنور السادات، والتي زاوجت فيها بين الهم الفلسطيني ووجودي في تونس مطلع الثمانينيات لإعداد رسالة الدكتوراه بالجامعة التونسية وهي تجربة طريفة في تداخلاتها وملابساتها.فقد خامر التعب الشعري أوصال بناءات بعض القصائد في هذه المجموعة، مما عكس حالة الإجهاد التي بلغتها التجربة الشعرية عندي في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي. وهذا ما جعل عدداً من قصائد «محطات للتعب» تنحو نحو القصر النصي والتقطع البنائي».قصيدة النثر جنجت بعض قصائد المجموعة إلى النثرية الواضحة لأول مرة في تجربتي الشعرية، حيث تضمنت المجموعة الشعرية بعض القصائد مما يسمى قصيدة النثر وهي البذرة الجديدة التي كانت تتقلب في هذه المرحلة من تجربتي الشعرية ولو على حياء متردد.وقد تأكدت هذه البذرة في قصيدة نثرية مطلة كتبتها بعد صدور مجموعة «محطات للتعب» سنة 1988 وعنوانها «حشرجة الريح» لخصت فيها تجربتي في كتابة الشعر ضمن حالة من الحالات النفسية والثقافية التي مررت بها أثناء كتابة القصيدة فهي أشبه بالسيرة الذاتية والشعرية التي كتبت شعراً.ولا أدري إن كان هذا الشكل الشعري هو الذي سيقود تجربتي الشعرية في المستقبل أم أن غيره من الأشكال البنائية الفنية هو ما سيجعل هذه التجربة على أبواب من التجريب، هذا إذا تجاوزت أمر التردد في الكتابة الشعرية والتوجه إلى الكتابة النقدية ولو بلغة شعرية بدلاً من ذلك. المشروع النقدي يقول الهاشمي: ولئن كان انكبابي على تأصيل حركة الشعر المعاصر والحديث في البحرين، بحثاً وتوثيقاً ونقداً وتحليلاً، سبباً في انصرافي عن كتابة الشعر بالصورة الغزيرة التي كانت عندي حتى مطلع الثمانينات من القرن الماضي، وهو ما يترتب عليه الانشغال عن تنمية مشروعي الشعري الخاص وتطوره كماً وكيفاً، ونظراً لأنني كنت في مشروعي النقدي مجبراً على تجاوز الحديث عن دوري الشعري بين زملائي من شعراء البحرين المعاصرين، فإنني أجد نفسي اليوم مضطراً، أمام تغير الأحوال وتقلب الظروف وتقدم العمر، إلى جمع أهم أعمالي الشعرية وقصائدي التي شكلت الإطار الأبرز في مشروعي الشعري المتواضع الذي أسهمت به مع زملاء لي في تدشين المنطلق الأول للحركة الشعرية الحديثة في البحرين ابتداء نم عقد الستينات من القرن الماضي. وهو شرف يكفيني للافتخار به، متمنياً أن أعود إلى كتابة الشعر ذات يوم. الشاعر والناقد معاًنقتطف من حوار مع جهاد الحكيم، لعلوي «إن الشاعر والناقد يولدان معاً، وينموان في المهد نفسه، ويلتفان على بعضهما كطرفي ضفيرة، فلا يطغى أحدهما على الآخر»، «الشاعر في داخلي يجعلني أؤثر في الآخر والناقد يجعلني أستمع إليه»، * الإبداع يكون أقوى عندما يرتبط بالرغبة الجامحة للحرية»، في الخليج يوجد البحر والنخل والصحراء، هذا الثالوث البيئي هو الذي يطبع الإنسان الخليجي»، «لو عرف أهل القرار حقيقة ما بداخلي لكانوا استفادوا مني أكثر بكثير، وينموان في المهد نفسه، ويلتفان على بعضهما كطرفي ضفيرة، فلا يطغى أحدهما على الآخر»، «الشاعر في داخلي يجعلني أؤثر في الآخر والناقد يجعلني أستمع إليه»، «الإبداع يكون أقوى عندما يرتبط بالرغبة الجامحة للحرية»، «في الخليج يوجد البحر والنخل والصحراء، هذا الثالوث البيئي هو الذي يطبع الإنسان الخليجي»، «لو عرف أهل القرار حقيقة ما بداخلي لكانوا استفادوا مني أكثر بكثير». حوار الألوانتكتب د.ثناء انس الوجود في مقدمة الأعمال الشعرية «يلعب حوار الألوان في شعر علوي الهاشمي دورا مهما بحيث تعكس قصيدة مثل ( العصافير وظل الشجرة ) حواراً واسعاً لمدى مع كافة الألوان القزحية المعروفة، وإذا كانت كل الألوان في القصيدة تنسل من اللون الأحمر، كما يقول الشاعر، فإن الخضرة لديه هي مفتاح كل الفصول، وهنا يدخل الأحمر في حوار إبداعي خلاق مع الأخضر، يتبادلان المواقع، ويتخاصمان ، فحيث يحل الأحمر يأتي الأخضر في إعقابه، وما يمكن أن يسير على دربه من ألوان فيشكلان معاً قوسين يحصران البؤس والهزيمة والضياع.ونقرأ د.إبراهيم السعيد في مقدمة كتاب الهاشمي (التفكير الحضاري في البحرين – في ضوء إشكالية العلاقة بين الواقع والمثال) والصادر عن الملتقى الثقافي في مملكة البحرين: هذه دراسة شاملة أخمن أن الدكتور الهاشمي كتبها إلى النخبة، هدفها هو إعادة كتابة تاريخ دلمون البحرين ، وفق المنهجيات الفكرية الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية والنفسية بصفة خاصة ، ومن المدهش ، والمفرح معاً، أن كتاب علوي الهاشمي يبتعد بإصرار عن التفسير السياسي ويقدم، بدلاً من ذلك، تفسيراً شاملاً بنيوياً يتضمن مدارس متعددة ، فيوظف النصف الأول من الكتاب للتفسير الفكري، معالجاً الصراع بين الإشكالية والثنائية في حضارة أرخبيل البحرين منذ الفترة الدلمونية، ويعالج أيضا المثال باعتباره خلاصة الواقع الإنساني والرمز النفسي والفكري والجمالي والسلوكي لإنسان الأرخبيل، ثم انه يطور مفهوم المثال ويطبقه على قيم هذا الأرخبيل متمثلا في الذاكرة الأسطورية، كما في ملحمة جلجامش، وعلاقتها بثنائية المثال والواقع البيئي في دلمون- البحرين. إن كتابه هذا هو عمل أنساني لا يهمش الإنسان البسيط، الذي يحرث الأرض بعشق وعناد، أو الذي يكشف أسرار البحر وثرواته ثم يعود إلى نزله منعزلاً منطوياً على نفسه، عندما انتهيت من قراءة الكتاب فكرت مليا بما يلي . إن شاء المرء أن يبحث عن تحليل نفسي للشخصية الدلمونية- البحرينية ، فليس أفضل من وصف الهاشمي لها بحياده الصارم. إن نتاج الهاشمي هذا هو عمل إنساني عميق لربنا ارتأى قراءته بتأن وهدوء ليفهم ما تحمله السطور من معان مختلفة .