لن أقول هنا إنها الذكرى الـ 49، في دلالة على إنشاء قوة دفاع البحرين، بل سأتعداها وأقول «نصف قرن» أو تزيد، هي عمر «ولادة» الفكرة في ذهن جلالة الملك حمد حفظه الله، حينما كان ولياً للعهد، مروراً ببلورتها، ووصولاً لإطلاقها ومن ثم العمل على تطويرها لتصبح منظومة متكاملة كما هي عليه اليوم.

قوة دفاع البحرين، أو الجيش البحريني الذي يضم رجال هذه البلد، البواسل، منظومة نفخر بها، ويحق بأن توصف بأنها من «أعظم» ابتكارات حمد بن عيسى الضرورية لحماية هذا البلد وصونه، خاصة وأن التأسيس جاء مع استقلال البحرين وبداية عهد جديد بعيداً عن الحماية الأجنبية.

جيش البحرين الذي وإن كانت بداياته واعدة، إلا أنه كان أحد عوامل الحماية الرئيسة لبلادنا، ولا تنسوا هنا تهديدات الشاه الإيراني في السبعينيات، إذ لولا وقفة رجال البحرين الأشاوس، أميرنا الراحل العظيم الشيخ عيسى بن سلمان، ومواجهة الرجل القوي الأمير خليفة بن سلمان المباشرة مع الشاه، والكتيبة المسلحة ممثلة بجيشنا الذي يقوده يومها جلالة الملك حفظه الله.

اليوم تدخل هذه المنظومة عقدها الخامس، وبمقارنة بسيطة مع البدايات ومع مراحل التطور والنمو، نجد أننا وصلنا لمرحلة يعد فيها جيشنا من أكثر الجيوش جهوزية وقدرة في المنطقة، وطبعاً الرؤية الحصيفة لقادة دول الخليج، والتي خلصت باتحاد عسكري متمثلاً بـ «درع الجزيرة»، يضع البحرين ضمن منظومة خليجية قوية، لو اعتبرنا اتحادها لوجدنا أنها ضمن أقوى التكتلات العسكرية في العالم.

يحسب لجلالة الملك اهتمامه اللصيق بقوة دفاع البحرين، فهو قائدها الأعلى، ومخططها الاستراتيجي الأول، ومصدر تحفيز وإلهام لرجالاتها، فهي بالفعل باتت كما يصفها كثير من البحرينيين المشتغلين فيها بأنها «مصنع الرجال».

في يوم الجيش، في عيده الذي يصل لقرن، واجب علينا أن نعبر عن شكرنا لهذا الدرع الحصين الحافظ لبلادنا من أخطار الخارج، كما كان واجباً علينا شكر قوات الأمن ورجال الشرطة في ديسمبر كونهم الدرع الحصين الحافظ لأمننا الداخلي، إذ بكلا المنظومتين تأمن البحرين وأهلها، وبتعاضد الرجلين القويين، المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة ووزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، تمتلك البحرين جبهتين متميزتين في قيادتهما ومتفانيتين برجالاتها.

أجزم بأن جلالة الملك حمد حفظه الله فخور أيما فخر بما وصلت له قوة دفاع البحرين من جهوزية وتطور، ومن بناء للأفراد وتأهيلهم وصقلهم، ودلالة الفخر هذه تتضح في زياراته الدائمة لمقارهم، في لقاءاته معهم، وفي اعتزازه بالبدلة العسكرية البحرينية، وفي نهج جميع أنجاله لنهجه ليكونوا في المنظومة العسكرية، وليتواجدوا بكل شجاعة في ساحات الرجولة والبطولة مثلما شاهدنا سمو الشيخ ناصر بن حمد وسمو الشيخ خالد بن حمد.

هو إيمان قوي بضرورة تعزيز القوة العسكرية الحامية للبلد، وهو إيمان نجده ثابت لدى جلالة الملك، فهو «العراب» الذي بدأ كل شيء، وهو الذي بنى بأفكاره وخططه واستراتيجياته هذا الصرح -قوة دفاع البحرين- ليكون ضمانة لكل مواطن بحريني، حماية له، وسنداً وقوة عند الملمات.

تحية لكل بطل من أبطال البحرين المحسوبين على هذه المنظومة من أعلى رتبة إلى التي تليها وتليها، والأهم قبل المهم، تحية لجلالة الملك حمد، جهودك وتعبك طوال السنوات، ها هو يثمر بكيان رائع يحق لك أن تفخر به، ويحق لنا أن نفخر به معك.