«أنت طبيب أم تاجر»؟ سؤال طرحناه في عمود «إشراقة» في الأسابيع الماضية، حيث ناقشنا فيه قضية إنسانية وهي «مهنة الطب» وأن هم الربح والخسارة يجب ألا يُنسي الطبيب إنسانية مهنته، وكان تفاعل القراء مع هذا المقال كبيراً، وكأنه أثار جراحهم وطالبوني بضرورة الاستمرار في هذا الشأن بطرح وتسليط الضوء على قضية «الأخطاء الطبية»، مشيرين إلى زيادة معدلات الوفاة الناتجة عن الأخطاء الطبية حتى أنها تتصدر أسباب الوفاة، ففي بعض الدول تكون هي السبب الأول وأخرى تكون السبب الثالث.
وطالب العديد منهم بضرورة إصدار تشريع متكامل يضمن إثبات الأخطاء الطبية ويكون رادعاً لمن يتسبب في حدوثها ويضمن تعويضاً للمتضرر، ومشيدين بمطالبة الدكتور جاسم المهزع بضرورة إنشاء محاكم طبية متخصصة للنظر بالأخطاء الطبية أسوة بالمحاكم الاقتصادية والأسرة والأحوال الشخصية.
وأشار البعض إلى أن الأخطاء الطبية أصبحت ظاهرة في العالم العربي بشكل عام، وهنا استوقفني موقف روته لي إحداهن تقول أختنا: «كنت في إحدى الدول العربية وشعرت ببعض التعب وراجعت طبيبا ًوطلب مني عمل أشعة، واستلمت الأشعة من قسم الأشعة، وأخذتها فوراً إلى الطبيب كي يشخص حالتي، فإذا بعلامات الدهشة ترتسم على وجه الطبيب، ثم قال لي: حالتك سيئة جداً، أنت بحاجة لعملية فوراً، فتحت فمي ذهولاً وانتابتني لحظات صمت، كنت أفكر هل هذا الكلام صحيح؟ وأنا لا أشعر بأية أعراض تذكر، جال بخاطري كيف سأرتب امور حياتي؟ كيف سأوفر كلفة العملية؟ فسألته بذهول: أنا لا أشعر بأعراض حادة ولا أعاني من آلام تذكر، هل أنت متأكد؟ رفع نظارته مرة أخرى، وعاد لقراءة الأشعة متأملاً فيها كل زاوية ثم نظر لي بشفقة وقال: نعم الموضوع واضح لابد من عملية عاجلة.. أشفقت علي ابنتي التي ترافقني وأخذت بنفسها تتأمل الأشعة، وفجأة صرخت بفرح وزهو وانتصار هذه ليست صورة الأشعة التي تخص أمي إنها تخص امرأة أخرى. انظر يا دكتور تأكد وفعلاً كان هناك خطأ من قسم الاشعة حيث تسلمت نسخة اشعة امرأة أخرى، فرحنا أنا وابنتي ولكأنني رزقت بالصحة من جديد، ثم عادت الدهشة لتسيطر علينا عندما تعامل الطبيب بشكل عادي مع هذا الخطأ، ولم يعاتب قسم الاشعة، ولم يعتذر لنا على الازعاج، فلولا انتباه ابنتي لدخلت في دوامة، الله اعلم تبعاتها، فالطبيب نظر للموضوع ببساطة وكأنه حدث يومي وطبيعي، وهنا تكمن المشكلة، وهي الاستخفاف بالأخطاء الطبية، واعتبارها أمر طبيعي، فالخطأ الطبي ليس خطأ بسيطاً فهو يتعلق بأغلى ما يملكه الانسان.. صحته.. حياته، فكم من خطأ طبي أودى بحياة شخص فيتم الأبناء وانقلب حال الأسرة، وكم من خطأ جر المريض إلى سلسلة علاجات وعمليات فانقلب كيان الأسرة، وكم من خطأ تسبب في إعاقة للمريض، كنت أتساءل: لماذا استخف الطبيب بالخطأ؟ ان السبب أنه ليس هناك رقيب على العمل الطبي وبالتالي يتساهل العاملون في مجال الطب والصحة بالخطأ ولا يكترثون، تلك طبيعتنا نحن البشر، لا نكترث بالخطأ إن لم نحاسب عليه، فالخطأ فعلاً يقع من الطبيب أو ممن يساعده في العمل كالعاملين بقسم الأشعة، أو المختبر أو التمريض وغيرها وبذلك انتشرت الأخطاء الطبية حتى زادت نسبة حالات الوفاة الناتجة عن الأخطاء الطبية في جميع انحاء العالم، بما فيها الدول المتقدمة، ففي الولايات المتحدة الامريكية بلغت نحو 98 ألف حالة سنويا، وفي بريطانيا بلغت عدد حالات الاخطاء الطبية 60 ألف حالة سنوياً.
نعم، تعددت الأسباب والموت واحد، فقد يكون السبب خطأ طبي، أو الإهمال، أو ضعف الكفاءة، أو ضغط العمل، أو عدم توفر الإمكانيات كأجهزة معينة أو مواد معينة، أو قد يكون ضعف جودة هذه الأجهزة والمواد وغيرها، إلا أن النتيجة واحدة وهي وقوع الضرر على المريض.
والطبيب ليس المتهم الرئيس أو المتهم الوحيد، إن المسؤولية مشتركة بين كل من يعمل في الحقل الطبي، ولعل أهمهم القائمون على إدارة المؤسسة الصحية، ومن هنا، يجب أن يهييء مناخ علمي منظم لتبادل المعلومات حول حالة المريض وتحديد حجم العمل المناسب لكل طبيب، ورفع كفاءة الطبيب والعاملين في المجالات المساندة لعمله مثل الممرضين والعاملين في الأشعة، والمختبرات والعلاج الطبيعي، وفتح قنوات التواصل فيما بينهم، بالإضافة إلى توفير الراتب المناسب حتى لا يشغل الطبيب باله بهم كسب الرزق.
وتبقى كلمة أخيرة طرحها أستاذي الدكتور علي هلال، وهو «قسم الأطباء»، فعلى الطبيب أن يذكر دائماً القسم الذي أقسمه وهو في الحقيقة عنوان للأطباء، ودونه يفقد الإنسان صفة الطبيب وإنْ تخرّج من أشهر الجامعات، ويؤكد القسم حقيقة يجب ألا تغيب عمن يعمل في مهنة الطب وهي أن الأخلاق لصيقة للعلم، وتطبيقه تجسيد لهذه المهنة الإنسانية.
وطالب العديد منهم بضرورة إصدار تشريع متكامل يضمن إثبات الأخطاء الطبية ويكون رادعاً لمن يتسبب في حدوثها ويضمن تعويضاً للمتضرر، ومشيدين بمطالبة الدكتور جاسم المهزع بضرورة إنشاء محاكم طبية متخصصة للنظر بالأخطاء الطبية أسوة بالمحاكم الاقتصادية والأسرة والأحوال الشخصية.
وأشار البعض إلى أن الأخطاء الطبية أصبحت ظاهرة في العالم العربي بشكل عام، وهنا استوقفني موقف روته لي إحداهن تقول أختنا: «كنت في إحدى الدول العربية وشعرت ببعض التعب وراجعت طبيبا ًوطلب مني عمل أشعة، واستلمت الأشعة من قسم الأشعة، وأخذتها فوراً إلى الطبيب كي يشخص حالتي، فإذا بعلامات الدهشة ترتسم على وجه الطبيب، ثم قال لي: حالتك سيئة جداً، أنت بحاجة لعملية فوراً، فتحت فمي ذهولاً وانتابتني لحظات صمت، كنت أفكر هل هذا الكلام صحيح؟ وأنا لا أشعر بأية أعراض تذكر، جال بخاطري كيف سأرتب امور حياتي؟ كيف سأوفر كلفة العملية؟ فسألته بذهول: أنا لا أشعر بأعراض حادة ولا أعاني من آلام تذكر، هل أنت متأكد؟ رفع نظارته مرة أخرى، وعاد لقراءة الأشعة متأملاً فيها كل زاوية ثم نظر لي بشفقة وقال: نعم الموضوع واضح لابد من عملية عاجلة.. أشفقت علي ابنتي التي ترافقني وأخذت بنفسها تتأمل الأشعة، وفجأة صرخت بفرح وزهو وانتصار هذه ليست صورة الأشعة التي تخص أمي إنها تخص امرأة أخرى. انظر يا دكتور تأكد وفعلاً كان هناك خطأ من قسم الاشعة حيث تسلمت نسخة اشعة امرأة أخرى، فرحنا أنا وابنتي ولكأنني رزقت بالصحة من جديد، ثم عادت الدهشة لتسيطر علينا عندما تعامل الطبيب بشكل عادي مع هذا الخطأ، ولم يعاتب قسم الاشعة، ولم يعتذر لنا على الازعاج، فلولا انتباه ابنتي لدخلت في دوامة، الله اعلم تبعاتها، فالطبيب نظر للموضوع ببساطة وكأنه حدث يومي وطبيعي، وهنا تكمن المشكلة، وهي الاستخفاف بالأخطاء الطبية، واعتبارها أمر طبيعي، فالخطأ الطبي ليس خطأ بسيطاً فهو يتعلق بأغلى ما يملكه الانسان.. صحته.. حياته، فكم من خطأ طبي أودى بحياة شخص فيتم الأبناء وانقلب حال الأسرة، وكم من خطأ جر المريض إلى سلسلة علاجات وعمليات فانقلب كيان الأسرة، وكم من خطأ تسبب في إعاقة للمريض، كنت أتساءل: لماذا استخف الطبيب بالخطأ؟ ان السبب أنه ليس هناك رقيب على العمل الطبي وبالتالي يتساهل العاملون في مجال الطب والصحة بالخطأ ولا يكترثون، تلك طبيعتنا نحن البشر، لا نكترث بالخطأ إن لم نحاسب عليه، فالخطأ فعلاً يقع من الطبيب أو ممن يساعده في العمل كالعاملين بقسم الأشعة، أو المختبر أو التمريض وغيرها وبذلك انتشرت الأخطاء الطبية حتى زادت نسبة حالات الوفاة الناتجة عن الأخطاء الطبية في جميع انحاء العالم، بما فيها الدول المتقدمة، ففي الولايات المتحدة الامريكية بلغت نحو 98 ألف حالة سنويا، وفي بريطانيا بلغت عدد حالات الاخطاء الطبية 60 ألف حالة سنوياً.
نعم، تعددت الأسباب والموت واحد، فقد يكون السبب خطأ طبي، أو الإهمال، أو ضعف الكفاءة، أو ضغط العمل، أو عدم توفر الإمكانيات كأجهزة معينة أو مواد معينة، أو قد يكون ضعف جودة هذه الأجهزة والمواد وغيرها، إلا أن النتيجة واحدة وهي وقوع الضرر على المريض.
والطبيب ليس المتهم الرئيس أو المتهم الوحيد، إن المسؤولية مشتركة بين كل من يعمل في الحقل الطبي، ولعل أهمهم القائمون على إدارة المؤسسة الصحية، ومن هنا، يجب أن يهييء مناخ علمي منظم لتبادل المعلومات حول حالة المريض وتحديد حجم العمل المناسب لكل طبيب، ورفع كفاءة الطبيب والعاملين في المجالات المساندة لعمله مثل الممرضين والعاملين في الأشعة، والمختبرات والعلاج الطبيعي، وفتح قنوات التواصل فيما بينهم، بالإضافة إلى توفير الراتب المناسب حتى لا يشغل الطبيب باله بهم كسب الرزق.
وتبقى كلمة أخيرة طرحها أستاذي الدكتور علي هلال، وهو «قسم الأطباء»، فعلى الطبيب أن يذكر دائماً القسم الذي أقسمه وهو في الحقيقة عنوان للأطباء، ودونه يفقد الإنسان صفة الطبيب وإنْ تخرّج من أشهر الجامعات، ويؤكد القسم حقيقة يجب ألا تغيب عمن يعمل في مهنة الطب وهي أن الأخلاق لصيقة للعلم، وتطبيقه تجسيد لهذه المهنة الإنسانية.