حسب التاريخ، في الحرب العالمية الأولى غلفت بريطانيا نواياها أول الأمر بنزعة مثالية فقالت للشعب البريطاني «من حربنا هذه نسعى إلى إنهاء الحروب.. كي يكون العالم بسلام.. فتزدهر فيه الديمقراطية»! كان ذلك اختراعاً بريطانياً وفر لها مئات الآلاف من المتطوعين الشباب الذين اعتقدوا للوهلة الأولى أن الأمر ليس إلا نزهة وأن ما قيل لهم سيتحقق خلال أيام أو شهر على الأكثر وأن الغاية تستحق التضحيات.
بعد مائة عام من ذلك تأتي إيران لتقوم بالشيء نفسه، فهي تغلف نواياها للتوسع بنشر كذبة أنها تفعل كل هذا الذي تفعله في سوريا والعراق واليمن ولبنان وتريد أن تفعله في دول أخرى في المنطقة إنما الغاية منه هو تحرير فلسطين ونشر الدين وتحقيق العدالة في الأرض بعد أن ملئت ظلماً وجوراً. المثير هو أنه كما أن الشباب الإنجليزي صدق تلك القصة قبل مائة عام وصار أكثره من ضحايا حرب لم يعرفوا الغاية منها صدقها الشباب الإيراني اليوم ويصدقها معه كل المهووسين بإيران. الإنجليز ادعوا أنهم يدخلون تلك الحرب كي يحموا أنفسهم بسبب احتمالات سيطرة الألمان على بلجيكا التي تجعل بلادهم مكشوفة لو تم لها ذلك، والإيرانيون يدعون اليوم أنهم يفعلون كل هذا الذي يفعلونه انتصاراً للدين ولتحرير فلسطين بل لإبادة إسرائيل.
التاريخ يبين أن الإنجليز في ذلك الوقت لم يقولوا الحقيقة لشعبهم وكان همهم توفير متطوعين بغية تقوية الجيش حيث كان يتم دفعهم إلى المعارك، والواقع اليوم يبين أيضاً أن الإيرانيين لا يقولون الحقيقة لشعبهم وأن همهم هو توفير متطوعين لتقوية الجيش ودفعهم في أتون معارك لن يحصدوا منها سوى الدمار ومزيد من التخلف.
منطقاً يفترض أن الإنسان اليوم وبسبب التعليم يختلف عن الإنسان قبل مائة عام، فلا يصدق ما تقوله إيران وما تدعيه ويعرف من تلقاء نفسه أنها إنما تريده أداة تحارب بها لتحقيق مآرب أخرى غير التي تعلنها، فما تسعى إليه يختلف عن الذي تعلنه، فلو كان ما تقوله صحيحاً وأنها صادقة في قولها إنها قادرة على محو إسرائيل في سبع دقائق ونصف كما صرح بعض مسؤوليها قبل أيام فلماذا لا تقدم على هذا الأمر وتخلص العالم من إسرائيل ليسود السلام ويعيش الناس في خير ووئام ويكون لها الفضل في ذلك؟
إيران تتاجر بالقضية الفلسطينية، هذه هي الحقيقة التي لا بد أن يعرفها الجميع وأن يدركها الشعب الإيراني الذي يبدو أنه لا حيلة له ولا خيار إلا تصديق ما يصرح به المسؤولون في بلادهم. إيران تتخذ من قضية فلسطين غطاء لتحقيق مآربها وأولها إيهام شعبها بـ«مثاليتها» و«انتصارها للمظلوم في كل مكان» كما يؤكد على ذلك دستورها. إيران تبذل اليوم جهوداً كبيرة لتقنع العالم بأنها الدولة الوحيدة التي تدعم الفلسطينيين وتنتصر لهم وأن الدول العربية والإسلامية كلها تخلت عن القضية الفلسطينية وأنها لم تعد بالنسبة لهم القضية المركزية. يكفي مثالاً على ذلك المؤتمر الذي نظمته أخيراً في طهران واهتم إعلامها بالتركيز على هذا الأمر بل بالغ إلى الحد الذي جعل بعض من أجرى معهم مقابلات تلفزيونية من الفلسطينيين يستخدمون مصطلحات من قبيل «قدس سره « و«دام ظله» رغم علمهم بأن إيران لم تطلق صاروخاً تجاه إسرائيل بل لم تطلق رصاصة واحدة.
الفارق بين إيران وبريطانيا اليوم هو أن بريطانيا لا تستطيع أن تغلف نواياها ولا تملك إلا أن تقول لشعبها ما يفرضه عليها القانون فلا تكذب عليه ولا توهمه، بينما تعتبر إيران أن من حقها أن «تقص» على شعبها كلما بدا لها ذلك وأن توهمه في كل وقت وبكل طريقة.
بعد مائة عام من ذلك تأتي إيران لتقوم بالشيء نفسه، فهي تغلف نواياها للتوسع بنشر كذبة أنها تفعل كل هذا الذي تفعله في سوريا والعراق واليمن ولبنان وتريد أن تفعله في دول أخرى في المنطقة إنما الغاية منه هو تحرير فلسطين ونشر الدين وتحقيق العدالة في الأرض بعد أن ملئت ظلماً وجوراً. المثير هو أنه كما أن الشباب الإنجليزي صدق تلك القصة قبل مائة عام وصار أكثره من ضحايا حرب لم يعرفوا الغاية منها صدقها الشباب الإيراني اليوم ويصدقها معه كل المهووسين بإيران. الإنجليز ادعوا أنهم يدخلون تلك الحرب كي يحموا أنفسهم بسبب احتمالات سيطرة الألمان على بلجيكا التي تجعل بلادهم مكشوفة لو تم لها ذلك، والإيرانيون يدعون اليوم أنهم يفعلون كل هذا الذي يفعلونه انتصاراً للدين ولتحرير فلسطين بل لإبادة إسرائيل.
التاريخ يبين أن الإنجليز في ذلك الوقت لم يقولوا الحقيقة لشعبهم وكان همهم توفير متطوعين بغية تقوية الجيش حيث كان يتم دفعهم إلى المعارك، والواقع اليوم يبين أيضاً أن الإيرانيين لا يقولون الحقيقة لشعبهم وأن همهم هو توفير متطوعين لتقوية الجيش ودفعهم في أتون معارك لن يحصدوا منها سوى الدمار ومزيد من التخلف.
منطقاً يفترض أن الإنسان اليوم وبسبب التعليم يختلف عن الإنسان قبل مائة عام، فلا يصدق ما تقوله إيران وما تدعيه ويعرف من تلقاء نفسه أنها إنما تريده أداة تحارب بها لتحقيق مآرب أخرى غير التي تعلنها، فما تسعى إليه يختلف عن الذي تعلنه، فلو كان ما تقوله صحيحاً وأنها صادقة في قولها إنها قادرة على محو إسرائيل في سبع دقائق ونصف كما صرح بعض مسؤوليها قبل أيام فلماذا لا تقدم على هذا الأمر وتخلص العالم من إسرائيل ليسود السلام ويعيش الناس في خير ووئام ويكون لها الفضل في ذلك؟
إيران تتاجر بالقضية الفلسطينية، هذه هي الحقيقة التي لا بد أن يعرفها الجميع وأن يدركها الشعب الإيراني الذي يبدو أنه لا حيلة له ولا خيار إلا تصديق ما يصرح به المسؤولون في بلادهم. إيران تتخذ من قضية فلسطين غطاء لتحقيق مآربها وأولها إيهام شعبها بـ«مثاليتها» و«انتصارها للمظلوم في كل مكان» كما يؤكد على ذلك دستورها. إيران تبذل اليوم جهوداً كبيرة لتقنع العالم بأنها الدولة الوحيدة التي تدعم الفلسطينيين وتنتصر لهم وأن الدول العربية والإسلامية كلها تخلت عن القضية الفلسطينية وأنها لم تعد بالنسبة لهم القضية المركزية. يكفي مثالاً على ذلك المؤتمر الذي نظمته أخيراً في طهران واهتم إعلامها بالتركيز على هذا الأمر بل بالغ إلى الحد الذي جعل بعض من أجرى معهم مقابلات تلفزيونية من الفلسطينيين يستخدمون مصطلحات من قبيل «قدس سره « و«دام ظله» رغم علمهم بأن إيران لم تطلق صاروخاً تجاه إسرائيل بل لم تطلق رصاصة واحدة.
الفارق بين إيران وبريطانيا اليوم هو أن بريطانيا لا تستطيع أن تغلف نواياها ولا تملك إلا أن تقول لشعبها ما يفرضه عليها القانون فلا تكذب عليه ولا توهمه، بينما تعتبر إيران أن من حقها أن «تقص» على شعبها كلما بدا لها ذلك وأن توهمه في كل وقت وبكل طريقة.