مصطفى عبد العزيز

في وقت تصاعدت فيه حدة التوتر بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة بعد اطلاق بيونغ يانغ لأربعة صواريخ بالستية، يترقب العالم الآن احدى سيناريوهين لا ثالث لهما إما الحرب أو التهدئة، فيما قد يكون لاجتماع مجلس الأمن الدولي الذي ينعقد الثلاثاء (بعد ساعات) بطلب أمريكي ياباني دورا في حسم الكثير من التحليلات السياسية والعسكرية والخروج بحلول أخرى جديدة، أو حتى ربما يطلق صافرة البدء لاحدى هاذين السيناريوهين.

طبول الحرب التي دقتها كوريا الشمالية، وصولا إلي السيناريو الأول، كشفت عن بعض تفاصيلها تقارير صحيفة "تايمز" البريطانية التي ذكرت أن فريق الرئيس الأميركي دونالد ترامب للأمن القومي يعكف حاليا على وضع خيارات للتعامل مع كوريا الشمالية، بينها هجوم على مواقعها النووية، وهو ما أكدته، في المقابل، تصريحات مندوب كوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة جا سونغ نام، قائلا إن التدريبات العسكرية التي تجريها الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية قد تدفع بشبه الجزيرة الكورية وشمال شرق آسيا نحو "كارثة نووية"، في حين وصف مسئولون يابانيون إطلاق الصواريخ باعتباره تهديدا خطيرا، وفي البرلمان، قال شينزو آبي، رئيس وزراء اليابان "إن إطلاق الصواريخ يعد بشكل واضح في انتهاك لقرارات مجلس الأمن وهو عمل خطير للغاية".

على الصعيد الآخر، استبعد محللون سيناريو الحرب النووية، مؤكدين أن الأمر لا يتجاوز أكثر من اختبار قوة أو صفقة ترغب بيونغ يانغ في عقدها مع الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب، لافتين إلي أن كوريا الشمالية تميل دائما إلي اعتماد الدبلوماسية المحفوفة بالمخاطر، واستخدمت تلك الاستراتيجية في الكثير من الملفات كاحتجاز أجانب رهائن بينهم سياح ومبشرون أمريكيون بهدف استخدامهم للمبادلة مع واشنطن حول برنامجها النووي او للحصول على مساعدة إنسانية، كما انها تغلق أحيانا حدودها بالكامل في مواجهة مخاوف صحية أو للاحتجاج خلال فترات ذروة توتر مع كوريا الجنوبية دون الاكتراث بعواقب محتملة.

واستشهد مستبعدو سيناريو الحرب كون أن الخيارات العسكرية للتعامل مع كوريا الشمالية "عالية الخطورة" وقد تؤدي إلى "تراشق نووي"، كذلك فإن الأمر يتعلق بالجارة الجنوبية لبيونغ يانغ، حيث صرح المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأميركية، إريد إيدلمان، وفقا لـ"تايمز"، فإن تهديدات كوريا الشمالية بتحويل عاصمة جارتها الجنوبية سول إلى دائرة من النار لن تكون مجرد تهديدات جوفاء في حال نشوب نزاع.

وبين الحرب أو التهدئة، تبرز أطراف ثالثة قد يكون لها دورا في لعبة الحسم، بينها الصين على سبيل المثال والتي تعد المعضلة الأولى للولايات المتحدة في تهدئة طبول الحرب، فطبقا للتاريخ يجب على أي جهد دبلوماسي لنزع السلاح النووي من كوريا الشمالية تخفيفُ المخاوف الجيوستراتيجية للصين بشأن مستقبل شبه الجزيرة الكورية، فلعدة قرون تخشى الصين أن تصبح شبه الجزيرة جزءا من الحصار، أو بمثابة طريق للغزو، وما لم يتم فصل مشكلة كوريا الشمالية عن المنافسة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين، فإن الجهود الدبلوماسية ستستمر في الفشل، لذلك، يمكن أن يَعد ترمب الصين بسحب النظام الجديد المضاد للصواريخ "ثاد" -الذي تعارضه الصين- من كوريا الجنوبية، فور تخلي كوريا الشمالية عن برنامجها النووي التي تواجه مأزق آخر لا يقل خطورة بعدما تبادلت مع ماليزيا منع مغادرة رعايا كل واحدة منهما في أراضي الأخرى، بعدما تبادلتا في وقت سابق طرد السفراء عقب توتر أثاره اغتيال الأخ غير الشقيق للزعيم الكوري الشمالي بمادة سامة في مطار كوالالمبور قبل أسابيع.

من جانبها، نددت البحرين، في بيان لوزارة الخارجية، بقيام جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية بإطلاق عدد من الصواريخ الباليستية بالقرب من اليابان، مؤكدة أن هذه الخطوة الاستفزازية تعد انتهاكاً جديداً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وتحمل تهديدًا حقيقيًا على الأمن والسلم الدوليين، مؤكدة على ضرورة إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية على جميع البرامج والأنشطة النووية في جميع دول العالم.