نشر موقع ويكيليكس وثائق تكشف أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) يمكنها تحويل التلفزيون في أي منزل إلى جهاز للتنصت والالتفاف على كل تطبيقات التشفير وحتى التحكم باي سيارة، محذراً من انتشار هذه "الأسلحة" المعلوماتية.
ونشر الموقع حوالي تسعة آلاف وثيقة قال إنها جاءت من وكالة الاستخبارات المركزية وأكد أنها أضخم عملية نشر لوثائق سرية استخباراتية جرت حتى الآن.
وقال الموقع الذي أسسه الأسترالي جوليان أسانج إن هذه الوثائق تثبت أن وكالة الاستخبارات المركزية تعمل مثل وكالة الأمن القومي التي تتولى بشكل أساسي أنشطة المراقبة الإلكترونية في الولايات المتحدة، لكنها تخضع لدرجة أقل من الإشراف.
ولم يؤكد الناطق باسم وكالة الاستخبارات المركزية جوناثان ليو صحة الوثائق ولم ينفها، كما أنه رفض التعليق على مضمونها.
من جهته، قال الناطق باسم البيت الأبيض شون سبايسر في لقاء مع الصحافيين "إنها قضية لم يتم تقييمها بالكامل بعد"، لكن رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب ديفين نيونس أكد أن كشف هذه الوثائق يبدو "خطيراً جداً" و"نحن نشعر بقلق كبير".
ويؤكد "ويكيليكس" أن كمية كبيرة من وثائق وكالة الاستخبارات التي تكشف "الجزء الأكبر من ترسانتها للقرصنة المعلوماتية" انتشرت بين أوساط خبراء الأمن الإنترنت.
وتسلم "ويكيليكس" بنفسه عدداً من هذه الوثائق التي قرر نشرها.
وأوضح الموقع أن "هذه الوثائق تم تداولها على ما يبدو بدون ترخيص بين قراصنة سابقين للحكومة الاميركية وعاملين بعقود ثانوية وقام أحدهم بتسليم جزء من هذا الأرشيف إلى "ويكيليكس"".
وكان موقع ويكيليكس نشر في 2010 آلاف الوثائق التي جاءت من وزارة الخارجية الاميركية وأثارت مخاوف لدى سلطات عدد من دول العالم.
وبين "وكيليكس" أن "هذه المجموعة الاستثنائية التي تتألف من مئات الملايين من سطور التشفير تكشف كل قدرات القرصنة المعلوماتية التي تتمتع بها السي آي إيه".
وإذا تم التحقق من هذه الوثائق، فإنها يمكن أن تزعج قطاع الاستخبارات الأمريكي الذي كشف المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي إدوارد سنودن في 2013 جزءاً كبيراً من برنامجه للمراقبة.
وأوقفت الشرطة الأمريكية العام الماضي مسؤولاً آخر في وكالة الأمن القومي عثرت لديه على وثائق سرية يعود بعضها إلى عشرين عاماً.
وقال الموقع إن هذه الوثائق تدل على أن أجهزة الاستخبارات وضعت أكثر من ألف برنامج خبيث وفيروس وحصان طروادة وغيرها من البرامج التي تسمح باختراق أجهزة إلكترونية والسيطرة عليها.
وأضاف أن هذه البرامج استهدفت أجهزة الهواتف "آيفون" وأخرى تعمل وفق نظام أندرويد (غوغل)، وكذلك مايكروسوفت وأجهزة سامسونغ التلفزيونية المرتبطة بالإنترنت، لتحويلها إلى أجهزة تنصت بدون علم أصحابها.
واهتمت السي آي إيه أيضاً بإمكانية التحكم بآليات النقل بفضل أجهزتها الإلكترونية.
وأشار الموقع إلى أن اختراق الهواتف الذكية يجيز لوكالة الاستخبارات المركزية الالتفاف على الحماية التي يؤمنها تشفير التطبيقات التي تحقق نجاحا مثل "واتس آب" و"سيغنال" و"تلغرام" و"ويبو" و"كونفايد"، عبر التقاط الاتصالات قبل تشفيرها.
وحذر "ويكيليكس" أن "عدداً من نقاط الضعف التي تستغلها الترسانة المعلوماتية للسي آي إيه شائعة ويمكن أن تكون وكالات استخبارات منافسة أو مجرموا معلوماتية قد اكتشفوها".
ورأى جوليان أسانج في بيان أن هذه الوثائق تثبت "المخاطر الكبرى" الناجمة عن الانتشار "غير المنضبط (...) لأسلحة" الهجمات المعلوماتية حتى بدون إبلاغ منتجي هذه الأجهزة.
وأكد سنودن على تويتر أن هذه الوثائق تبدو "أصلية". لكنه رأى أن استغلال هذه الثغرات "ينم عن تهور (...) لأن أي قرصان معلوماتي يمكن أن يستخدم نقاط الضعف هذه التي رصدتها السي آي إيه لاختراق أي جهاز آيفون في العالم".
وانتقدت سيندي كون المديرة العامة لمؤسسة الحدود الإلكترونية (إلكترونيك فرونتير فاونديشن) وكالة الاستخبارات المركزية لأنها لم تساعد على سد الثغرات الأمنية في الأجهزة المستخدمة.
وقالت إن "هذه التسريبات تدل على أننا أقل أماناً مع وكالة الاستخبارات المركزية عندما تقرر ترك الثغرات على حالها بدلاً من إصلاحها".
وما يجعل هذه القضية أكثر إرباكاً لوكالة الاستخبارات المركزية هو أنها كانت واحدة من الوكالات التي خلصت في أكتوبر الماضي إلى أن روسيا تدخلت في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية عبر اختراق خوادم الحزب الديموقراطي ثم عبر نشر رسائل إلكترونية لمستشار قريب من هيلاري كلينتون على موقع ويكيليكس.
كما أن وكالة الاستخبارات الشهيرة هذه متهمة كغيرها من وكالات الاستخبارات، من قبل الرئيس دونالد ترامب بتسريب معلومات تفيد أن بعض المقربين منه أجروا اتصالات العام الماضي مع الاستخبارات الروسية.