مصطفى عبد العزيز
أثار مقترح نيابي بقانون يحظر على مؤسسات القطاع المصرفي والمالي مزاولة أي عمل مالي يقوم على الفوائد الربوية جدلا وردود أفعال واسعة بعضها أشاد ومعظمها -إن لم يكن جلها- كان لسان حاله "والله مسختوها". ... "غرابة" المقترح بقانون وما سيترتب علي اقراره من انعكاسات وتأثير سلبي مباشر على المكانة المرموقة لمركز البحرين المالي خليجيا ودوليا، فتحت الباب واسعا على سجل كامل - إن لم يكن عامر- من المقترحات النيابية التي إما أثارت الجدل أو التندر أو حتى الطرافة في أحاديث المواطنين، فبدءا من المقترح الشهير بأسعار السلع والخدمات والذي عرف بين المواطنين بقانون "الصلصا"، مرورا باقتراح برغبة بمنع انتشار ظاهرة الوشم والذي عرف أيضا بمقترح "التاتو"، وأخيرا وليس آخرا الأقتراح بمنع الأجانب من قيادة السيارات، والقائمة تطول وتطول. ... ورغم أنه لا ولم يشكك أحد من المواطنين في النوايا الوطنية الطيبة للنواب وحرصهم الشديد على خدمة أهالي البحرين عند تقديم مقترحاتهم، إلأ أن زيادة عدد المقترحات غير ذات الجدوى وضياع وقت النواب الثمين في طرحها ومناقشتها، في مقابل الملفات الأكثر أهمية التي بحاجة للتداول تحت قبة البرلمان قد أثار جدل الكثيرين، وعلى رأسهم رئيس النواب نفسه حينما طالب النواب باحدى الجلسات بـ (عدم كثرة تقديم المقترحات برغبة بصفة الاستعجال دون أن يكون هناك مبرر قوي وواف لذلك)، وهو الأمر نفسه الذي أثارته الحكومة والتي دعت مجلس النواب إلى (عدم الإسراف في وضع التشريعات دون مبرر مقبول)، خاصة وأن كثير مما يطرحه النواب متحقق بالفعل على أرض الواقع. ... بالعودة إلي المقترح بحظر الفوائد الربوية - الأكثر اثارة للحديث حاليا - فإن الجدل بين المواطنين - هذه المرة - تجاوز دائرة "الكم أم الكيف" ليخرج إلي الانعكاسات السلبية لبعض المقترحات النيابية على مكانة البحرين سواء بالمجالات الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية، فطبقا لما أورده المصرف المركزي فإن الآثار الاقتصادية للمقترح تتمثل في "اضطراب القطاع المصرفي .. وانهيار دور القطاع المالي المميز بالمملكة وخسارة موقعنا كمركز مالي على المستوى الإقليمي والدولي .. كما أنه يتعارض وسياسة الاقتصاد الحر بالمملكة .. والتأثير سلباً على سمعة الاقتصاد البحريني المعروف بالانفتاح والحرية الاقتصادية وبيئة الاعمال المستقرة".
...الحديث عن الآثار السالبة - لعدد لا بأس به من المقترحات النيابية - فتح باب الجدل أيضا لمدى تحقق ومراجعة وتدقق النواب من جدية أفكار وموضوعات المقترحات وقياس مدى فعاليتها وجدواها للمواطن البحريني أو حتى مدى ملائمتها لمواد الدستور قبل تقديمها وطرحها للنقاش في مسارها التشريعي المعتاد، فمقترح مثل منع الأجنبي من الحصول على رخصة القيادة على سبيل المثال "كان سيؤدي إلي كارثة" وذلك بحسب الوكيل المساعد للشئون القانونية بوزارة الداخلية الذي أكد، وقت مناقشة المقترح، أنه "لا يمكن تطبيق المادة متى ما أقرت في الوقت الحالي، إذ إن أكثر من نصف سكان البحرين أجانب، وإذا منع نصف السكان من السواقة فستحصل كارثة"، في حين أفتت المحكمة الدستورية بـ"مخالفة المادة للدستور".
...الجدل الواسع بين المواطنين حول بعض المقترحات النيابية والذي فتح شهيته المقترح بقانون بحظر الفوائد الربوية، لم يسلم أيضا من سخرية أطلقها مواطن هنا أو مواطنة هناك، حتى أن بعضهم وصف ذلك النوع من المقترحات النيابية بالوجبات الغذائية سريعة التحضير وغير الصحية تشبيها منهم في عدم اجهتاد وحرص بعض النواب على اعداد مقترحاتهم سواء برغبة أو بقانون قبل تقديمها للمناقشة تحت قبة البرلمان.