كتبت - عايدة البلوشي:أكدت المدربة التربوية د. منى جناحي، أن التحدي الذي يواجه الآباء في التعامل مع أطفالهم في الأسرة هو كيفية الحصول على سلوك جيد من الطفل دون الاضطرار إلى استخدام أساليب التأديب غير التربوية، موضحة أن الآباء يريدون أطفالاً مهذبين وهادئين والأطفال يحتاجون للحركة بحكم طبيعتهم النمائية وهكذا فإن الوصول لحالة من التوافق مع الأطفال بحيث يشعر الطرفان بالراحة والهدوء ليست صعبة لكنها تحتاج أن يفهم الوالدان أطفالهم بداية. حول هذا الموضوع كان لـ «الوطن» هذا اللقاء مع د. منى، حيث عرضت لجملة من الآراء والتوجيهات القيمة. الطفل العنيد العصبي والحساس كيف يمكن التعامل معه؟- إن سلوك الأطفال في الأسرة يتأثر بكثير من العوامل وسواء كان الطفل حساساً أو عصبياً فإنه يكمن وراءه عدة أسباب فبالإضافة للعوامل الوراثية فإن هناك البيئة وطرق الرعاية الوالدية ونوعية الأنظمة والقوانين التي تضعها الأسرة وغير ذلك، لذلك فإن التعامل مع هذه الأنماط يختلف تبعاً للسبب ونوعية الشخصية فالطفل العنيد على سبيل المثال يحتاج إلى تعامل هادئ وندية ومراعاة عدم التصغير من شأنه لأن الوجه الآخر للطفل العنيد هو الرغبة في إثبات الشخصية وإظهار القوة ويفترض أن يعي الآباء ذلك عند التعامل معه.التوافق مع الأطفال ما أهم الصعوبات التي تواجهها الأسرة؟ - أعتقد أن التحدي الذي يواجه الآباء في التعامل مع أطفالهم في الأسرة هو كيفية الحصول على سلوك جيد من الطفل دون الاضطرار إلى استخدام أساليب التأديب غير التربوية، الآباء يريدون أطفالاً مهذبين وهادئين والأطفال يحتاجون للحركة بحكم طبيعتهم النمائية وهكذا فإن الوصول لحالة من التوافق مع الأطفال بحيث يشعر الطرفان بالراحة والهدوء ليست صعبة لكنها تحتاج أن يفهم الوالدان أطفالهم بداية وقبل كل شيء، أن يفترض أن يعرف كل أب المرحلة النمائية التي يمر بها طفله وما هي خصائصه العقلية والنفسية في هذه المرحلة كي يجيد لاحقاً التعامل معه. إن ما يحدث هو أن هناك حاجات طبيعية يحتاجها كل طفل ومقابل ذلك يريد الوالدان أن يستجيب هذا الطفل لهما طوال الوقت بغض النظر عن هذه الاحتياجات ومن هنا تأتي الصعوبات في الوصول للحل.طفل اليوم يختلف عن الجيل الماضي، ما الأسباب؟- استكمالاً للجواب السابق نعم طفل اليوم مختلف لأن البيئة اختلفت والمدخلات مختلفة، في الماضي لم تكن الحياة بهذا التعقيد ونمط الأسرة الممتدة والتربية الجماعية كان موجوداً وكان الطفل يتعامل مع الجد والجدة والأعمام وباقي أفراد الأسرة ويعيش في بيئة مفتوحة وحتى طرق التسلية والعلاقات مع الجيران كانت مختلفة، بينما نجد أطفالنا اليوم يعيشون بين أربعة جدران يقضون أوقاتهم بين شخصين بالغين هما الوالدان فقط ولا تتجاوز طرق التسلية لديهم من التلفاز إلى الإلكترونيات، هذه الأمور تؤثر على سلوك الطفل وبالتالي فليس عدلاً أن يطلب الآباء اليوم أن يكون سلوك أطفالهم كما كان سلوكهم مع آبائهم حين كانوا صغاراً.. الآباء أنفسهم ليسوا هم آباء الماضي، والسؤال الذي يشغلني أحياناً هو كيف يطلب آباء اليوم من أطفالهم أن يكونوا أطفال الأمس؟؟ هل يلعب المستوى التعليمي للأم أو الأب دوراً في تربية الأبناء؟ - الدراسات التربوية لا تجزم بأن ارتفاع المستوى التعليمي للآباء يعني بالضرورة سلوكاً جيداً وأنا أميل إلى الاعتقاد بأن العنصر المهم في ذلك ليست الدرجة العلمية وإنما وعي الوالدين بموضوع تربية الأطفال وحرصهم على تحقيق جو أسري هادئ ومطمئن ومفعم بالعناصر التي تسهم في خلق أرضية جيدة للسلوك الجيد. لقد قيل قديماً إن الوقاية هي خير من العلاج وبالتالي فحين يعي الآباء أن أطفالهم بحاجة إلى التعبير عن الحب والتقدير وتجنب المقارنات واستخدام المكافآت والتشجيع وغير ذلك من الأساليب التربوية فإنهم يساعدون أطفالهم على القيام بالسلوكيات الجيدة، علاوة على أن فهم الطفل ومعرفة شخصيته وطبيعته تجعل التعامل معه أسهل بكثير فليس أسلوب التعامل واحداً مع جميع الأطفال. القدوة المؤثرة فهل هناك عوامل أخرى؟ - العوامل الأخرى التي لها تأثير في تربية الأطفال فهي القدوة، فحين أحترم الطفل وأسأله عن رأيه مثلاً في موضوع يخص الأسرة فإنه يتعلم الاحترام ويكتسب في الوقت ذاته الثقة بالنفس، إن كثيراً من الآباء يقررون أموراً حياتية تخص الطفل دون استشارته حتى في أبسط الأشياء وقد يبلغ الطفل العاشرة من عمره ولايزال يلبس ويأكل كما يريد له الوالدان مع العلم أنه من المكن أخذ رأيه في نوعين جيدين من الطعام أو الثياب وإتاحة الفرصة له لاختيار أحدهما وهذه مفارقة كبيرة، فكيف يتعلم أطفالنا المسؤولية واتخاذ القرار إذا كنا لا نشركهم ولا ندربهم على القيام بذلك منذ سن مبكر؟ وهناك أيضاً عامل الأنظمة الأسرية فكل أسرة لابد أن يكون لديها ما يشبه النظام الداخلي لأي مؤسسة وبحيث يعلم الأطفال بها ويعرف كل طفل ما هي حدود الممنوع والمسموح له وما عواقب عدم الالتزام بهذه الأنظمة، إن ما يحدث في كثير من الأسر أن الأنظمة توضع عند حدوث السلوك السيئ وليس قبلها، على سبيل المثال قد يتشاجر الإخوة في المنزل وهنا نجد أن الوالدين يقومان برد فعل آني هو الغضب وابتكار أي عقاب لتأديب الطفل في تلك اللحظة بينما المطلوب هو أن يعرف الأطفال وبشكل مسبق أن ضرب الإخوة ممنوع في الأسرة وفي حالة قيامه بذلك سيحرم من مشاهدة التلفاز لمدة ساعة مثلاً وبالتالي فحين يضرب أي طفل في هذه الأسرة أخاه يعرف عواقب ذلك مسبقاً.وماذا عن نمط التربية؟ - نمط التربية الوالدية أيضاً عامل مهم فهناك آباء يعتمدون أسلوب الشدة طوال الوقت وهؤلاء يسهمون في إظهار سلوك عنيف أو يتسم بالخضوع لدى أطفالهم وهناك أنماط متساهلة لدرجة كبيرة، ومثل هذا النمط ينتج أطفالاً غير مسؤولين وضعاف الشخصية وبالطبع فالنمط المطلوب هو الوسط الذي يكون فيه التعامل مع الأطفال مرناً ويتسم بالحزم حين الضرورة. هناك عوامل أخرى كثيرة أيضاً منها طبيعة الطفل نفسه وقيم المجتمع الذي يعيشون فيه وغيرها..ما الأساليب التربوية لحل مشكلات الأطفال السلوكية؟- ذكرت في كتابي (20 فكرة في تربية الأطفال) عشرون أسلوباً تربوياً يسهم في التعامل مع مشكلات الأطفال مع المحافظة على صحتهم النفسية ومنها: لغة الجسد المناسبة، الثبات في التعامل ووضع القوانين التربوية أو التوجيه بالإيحاء الإيجابي، تقديم البدائل، استخدام الوقت الخاص، القدوة، تجنب الأخطاء الصغيرة في سلوكك الشخصي، عدم إرجاع أشياء أو أمانات صغيرة مثلاً، حتى لا يتبنى الأطفال هذه القيم المبطنة تحديد اجتماعات أسرية لوضع الأنظمة، الجمل المحددة والواضحة، الأسلوب المحسوس، اختيار اللغة المناسبة المفردات والدلالات، تعليم مهارات السلوك والمثابرة في تعليم سلوك ما، تعليم الطفل أساليب التعبير عن انفعالاته بصورة إيجابية، التغاضي عن بعض أنواع السلوك تقبل أنواع السلوك المرتبط بالطفولة، مراجعة أساليب التوجيه المعتادة، الشائعة ومراعاة التغيير الاجتماعي والتغييرات المجتمعية في إعطاء الأوامر أو النواهي، اختيار الوقت المناسب لتعديل السلوك، تجنب صراعات القوة (الغالب والمغلوب) وغير ذلك.حلول تربوية كتابك الجديد ما فكرته؟ - الكتاب عبارة عن دليل تربوي يقدم طرقاً وأفكاراً ومقترحات وحلولاً للتعامل مع مشكلات السلوك ويتضمن الصور التوضيحية والشروحات التي تعين الآباء والمربين على فهم الأفكار المطروحة فيه ورغم أنه يستند إلى نظريات تربوية ونفسية ودراسات علمية إلا أنه قد كتب بلغة مبسطة بعيدة عن الغموض والتنظير وتتيح للجميع فرصة الاستفادة منها فهو يساعد فيفهم سلوك الطفل ويشرح الأفكار التي يتضمنها بواقعية لمواجهة تحديات السلوك وسبل التركيز على تنمية جوانب القوة والإنجاز لدى الأطفال. وحالياً أنا بصدد إنجاز الطبعة الثانية منه بعد نفاذ الطبعة الأولى.