أجبرت الأمطار والضباب القوات الحكومية العراقية اليوم الخميس على وقف تقدمها لاستعادة المدينة القديمة بالموصل من تنظيم الدولة الإسلامية حيث تحصن المتشددون في أزقة ضيقة وفي البيوت وقاوموا بنيران القناصة وهجمات انتحارية وسيارات ملغومة.
واقتربت قوات من الشرطة الاتحادية ووحدات الرد السريع إلى مسافة 500 متر من جامع النوري الذي أعلن أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية منه قيام دولة خلافة في عام 2014. وظهرت راية التنظيم السوداء واضحة على مئذنة الجامع.
وحقق الجيش وقوات الأمن مكاسب كبيرة في الأيام القليلة الماضية في المعركة التي بدأت في أكتوبر تشرين الأول فسيطرت القوات على جسر رئيسي على نهر دجلة وتقدمت باتجاه الجامع الكبير.
وقال اللواء حيدر ضرغام قائد فرقة النخبة في الشرطة الاتحادية لرويترز اليوم إن قواته تتمسك بمواقع استعادتها بالأمس وإن هناك مقاومة كبيرة في المنطقة باستخدام القناصة والسيارات الملغومة. وستمثل استعادة السيطرة على جامع النوري نصرا رمزيا مهما إضافة إلى المكسب الفعلي على الأرض.
وكانت الموصل أكبر مدينة يسيطر عليها التنظيم المتشدد في العراق لكنه فقد مواقع منذ بدء الهجوم لاستعادتها ويقول زعماء العراق إن المعركة تدخل مراحلها الأخيرة. وفي وقت سابق اليوم سعت القوات العراقية لتطويق المدينة القديمة في الموصل والتي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في محاولة لحصار المتشددين المتحصنين داخلها.
وتمت استعادة أجزاء أخرى من غرب الموصل منها المستشفى خلال أمس الأربعاء وصباح اليوم الخميس لكن ضباطا قالوا إن التقدم تباطأ بسبب تفجير سيارات ملغومة وتلغيم منازل وأزقة. ثم توقف التقدم بسبب سوء الأحوال الجوية.
ورد التنظيم المتشدد بهجمات متفرقة بعضها بنيران قذائف المورتر على مواقع الحكومة. وردت القوات الحكومية بقذائف مورتر وضربات بطائرات هليكوبتر مقاتلة. وقالت الشرطة إنها قتلت تسعة متشددين حاولوا شن هجوم مضاد على أحد مواقعها بقذائف صاروخية.
تضاريس معقدة
وقال ضابط من الشرطة الاتحادية إن القادة مجتمعين لتعديل خططهم. وأضاف "خطط الهجوم الجديدة يجب أن تتلاءم مع التضاريس المعقدة والأزقة الضيقة."
وتابع "الشوارع الضيقة تمنعنا من استخدام العجلات المدرعة وهذا الأمر بالتأكيد سوف يجعل من جنودنا عرضة لنيران العدو. الخطط الجديدة تحت الدراسة ستكون كفيلة بمعالجة هذا الأمر."
ومن أولويات القوات كذلك ضمان سلامة المدنيين الذين يعاني الكثيرون منهم من الجوع بسبب نقص مخصصات الغذاء ويشعرون بالصدمة من العيش تحت حكم تنظيم الدولة الإسلامية الصارم.
وقال ضرغام متحدثا من داخل المدينة في قاعدة متقدمة لقوات الشرطة يجتازها لاجئون وسط الشوارع الموحلة والمنازل المهدمة إن نحو ستة آلاف من مقاتلي التنظيم المتشدد مازالوا في الموصل منهم مقاتلون عرب وأجانب.
وقال إن مهاجمين انتحاريين قادوا سيارات ملغومة باتجاه القوات. وأضاف أن ثلاث هجمات من هذا النوع وقعت صباح اليوم. وسيطرت القوات كذلك على مبان يجري بداخلها تلغيم المركبات. وتابع ضرغام أن المتشددين بدأوا في إحراق منازلهم وهو ما يعني أنهم يتقهقرون.
وأصبحت الموصل العاصمة الفعلية لتنظيم الدولة الإسلامية منذ أن أعلن البغدادي قيام دولة الخلافة على أراض في العراق وسوريا من جامع النوري بالموصل في يوليو تموز عام 2014.
واستعادة الحكومة للمدينة ستدفع بفلول التنظيم إلى مناطق نائية. وفي سوريا المجاورة يتعرض التنظيم لضغوط كبيرة كذلك حيث تتقدم ثلاث قوات منفصلة صوب مدينة الرقة معقله هناك.
وتقدم الولايات المتحدة ودول غربية أخرى دعما جويا ومدفعيا وأنواع دعم أخرى لهجوم الموصل فيما يعكس القلق العالمي من تهديد تنظيم الدولة الإسلامية. غير أن وجود عشرات الآلاف من المدنيين في المناطق التي يسيطر عليها المتشددون يعني أن مجرد اقتراح سحقهم يشكل خطورة كبيرة.
وفر آلاف السكان إلى حدود المنطقة التي تسيطر عليها الحكومة في الأيام القليلة الماضية لكن كان من المستحيل معرفة عدد الضحايا من المدنيين. وقال ضرغام إن قواته تريد تحرير المدنيين قبل تحرير الأرض. وتابع أنه يتوقع استكمال تحرير الموصل في غضون شهر.