«1» «ما بيدها ليس لها»
لم تكن تعبأ بهم.. في أي وليمة أو تجمع كبير يتم فيه إعداد الأطعمة التي غالباً ما يرمى نصفها دون حرج من بعض الشخصيات الموجودة والذين قد ينظرون إليها بنظرة فوقيه بها شيء من الغرور ويرون أن ما تفعله لا يتناسب مع مكانتهم ومكانتها. تقوم بجمع بقايا الطعام ووضعه في أكياس، كما تهتم بأخذ الطعام الزائد ووضعه في صحون لتوزيعه على الأسر المتعففة التي تدرك أنهم لا يعرفون عن هذا الطعام والحلويات شيئاً.. في وقت كانوا فيه يتناولون الشاي والقهوة بعد تناول الطعام ومشغولين بأحاديثهم وتجمعاتهم، كانت هي مشغولة بأعمال تقربها إلى الله سبحانه.. كانت ترى أن هذه الأعمال أهم من الجلوس معهم وتبادل الأحاديث في أمور سطحية حتى وإن سخروا منها وقالوا كلمات من نوع «متفرغة.. ما عندها سالفة».
تشعر بالفرح وهي تقوم بتوزيع الأطعمة على الأسر المتعففة، وكانت تتعمد ألا تشعرهم بأن ما تمنحهم إياه نوع من التصدق عليهم، بل تتعمد أن تبين لهم أن هناك من وزع على الجميع هذه الأطعمة والحلويات وأنها قد «تنقصت» أي أخذت منه لهم. يحدث بين فترة وأخرى أن تعرج على دار المسنين وهناك تقوم بأخذ بعض المستلزمات والأغراض التي تعتقد أنهم يحتاجون إليها لمنحها إياهم.. كانت تتعمد إهداءهم «الجلابيات النسائية» وبعض أدوات الزينة حتى لا يشعرون أنهم بمعزل عن العالم الخارجي.. زرعت في أبنائها حب الخير وقوة الشخصية، فكانت تعلمهم على هذا النهج والسلوك فكانوا خير «مذكر» للناس عنها وخير سفراء عن تربيتها وأخلاقها وهم يهرعون إلى الفقراء لمساعدتهم.
أهم ما قيل عنها عبارة «ما بيدها ليس لها»، وهي ترمز للشخص الذي يملك شيئاً يخصه -حتى وإن كان عزيزاً- ويقوم بمنحه للناس إذا ما عرف أنهم بحاجة إليه أو يرغبون فيه.. حتى بعض قطع الذهب الخاصة بها كانت تمنحها للمحتاجين، فإذا شعرت أن إحداهن أعجبت بأسورة في يدها تعطيها لها أو تقوم بشراء مثلها وتمنحها إياها.. كانت تطلب من كل ابن لها أن يخصص من راتبه مصروفاً لها رغم عدم حاجتها لذلك، وهذا المصروف كانت تجمعه وتمنحه كراتب شهري للفقراء.
«2» «الوالد الحنون»
تداولنا في الأسبوع الماضي سيرة العميد خالد الوزان رحمه الله، إلا أن أحدهم قد مدنا بمعلومات إضافية لا يعرفها عموم الناس عنه، يقول «أنا أحد الموظفين في مكتبه.. لقد جلست معه أكثر مما جلس معه أبناؤه.. عندما يأخذ سائقه الخاص إجازة فيحل محله أحدنا وبدلاً من أن يتركنا نسوق السيارة كان يجعلنا نجلس بجانبه في الأمام ويقوم هو بسياقة السيارة دون أن يشعرنا بأنه مسؤول ونحن موظفون عنده بيننا وبينه رتب.. كان شديد التواضع والبساطة.. لم يحدث أن مر برجل مسن يراه يسير في الشارع إلا وقد أخذه معنا في سيارته إلى أي مكان يريده «المنزل أو السوق» ثم يكمل طريقه بعد إيصاله.. هناك كتاب عمله بخط يده.. ظل ثلاث سنوات يقوم بإعداده وقد كلفني بطباعته وتنسيقه وتجهيزه.. الكتاب يشمل عدة أبواب منها باب الدعاء وآيات التوكل والحمد والنصر وأذكار الصباح والمساء والحفظ من الشيطان وحدائق الذكر والكثير من الأذكار والأدعية والمناجاة.. الغريب أن النسخة جهزت يوم الأربعاء وقد أخذها يوم الخميس لمراجعتها قبل الطباعة وتوفي رحمه الله يوم الجمعة!». «كان يعتمر في الشهر مرتين.. وفي موسم الحج كان يقوم بجمع المشابك «التي توضع لإمساك ثياب الإحرام» الملقاة على الأرض حتى يصل عدد ما جمعه إلى 100 مشبك.. كان يشغل نفسه بهذا الفعل لأنه يقول إن بعض الحجاج يسيرون بدون نعال وقد يؤذيهم هذا ويؤلم أقدامهم.. لم يحدث أن مر بعربة مياه أو غيرها في مكة المكرمة إلا ودفع قيمتها بالكامل وأمر صاحبها أن يوزعها مجاناً.. لم تفته صلاة الجماعة لمدة عشر سنوات.. لم يكن يحقد على أحد.. تبرع لفلسطين بمبلغ وقدره 40 ألف دينار ولم يعلم عنه أحد إلا بعد وفاته! كان يأخذ شاباً من ذوي الاحتياجات الخاصة بسيارته إلى المسجد يومياً وكان يتناول معه الطعام حتى يشعره بأنه غير مختلف عن بقية الناس، وبعد دفنه جاء هذا الشاب عند قبره وأخذ يبكي! باختصار لقد فقدت البحرين رجلاً لا يمكن تعويضه ولا يتكرر».
إحساس عابر:
ولله الحمد تمت إدانة المغرد المسيء لشخصنا ولمهنة الصحافة وصحيفة «الوطن» الأسبوع الماضي الذي وصفنا بألفاظ نترفع عنها، والشكر الجزيل لرئيس صفحة «الرأي» بالوطن سابقاً وإدارة التحرير على إبلاغنا بضرورة وضع حد لما يجري، وكذلك الشكر موصول إلى الشرطي مروان بقسم الجرائم الإلكترونية بوزارة الداخلية على تعاونه وسرعة استكمال الإجراءات ومتابعته وحسن تعامله.
أحد المحامين الذين تواصلوا معنا منحنا نقطة نرى أنها في غاية الأهمية -ونحن بحاجة لها فعلاً أمام مسلسل الاستهتار هذا من قبل البعض في قذف الصحافيين وشتمهم والتدخل في خصوصياتهم وشن حملات عليهم للاستهزاء والسخرية منهم شخصياً ثم التبرير بأن ما يقومون به هو انتقاد لكتابات الصحفي أو توجه الجريدة- وهي أن هناك أهمية لتشديد العقوبات خاصة عندما يشن البعض حرباً نفسية على الصحفي ويشوه صورته وسمعته ويصفه ويمسه بألفاظ ومصطلحات غير لائقه ويشجع الآخرين على قذفه وإيذائه، فالفعل الذي يقوم به لا يتناسب مع حجم الغرامة ومبلغ التعويض حتى في حال رفع قضية طلب تعويض عن الضرر الجاري، والمفترض أن تكون هناك عقوبة تمس الشخص المسيء نفسه كما قام بمس الشخص المتضرر، كأن يوقف عن العمل أو يودع في السجن شهراً أو تتخذ إجراءات تأديبية بحقه. فالصحافي يقوم أساس عمله على كسب الناس وفرض الاحترام المتبادل، وواجهته في ذلك الصورة الحسنة عنه والسيرة الطيبة عند الناس وفي المجتمع.
لم تكن تعبأ بهم.. في أي وليمة أو تجمع كبير يتم فيه إعداد الأطعمة التي غالباً ما يرمى نصفها دون حرج من بعض الشخصيات الموجودة والذين قد ينظرون إليها بنظرة فوقيه بها شيء من الغرور ويرون أن ما تفعله لا يتناسب مع مكانتهم ومكانتها. تقوم بجمع بقايا الطعام ووضعه في أكياس، كما تهتم بأخذ الطعام الزائد ووضعه في صحون لتوزيعه على الأسر المتعففة التي تدرك أنهم لا يعرفون عن هذا الطعام والحلويات شيئاً.. في وقت كانوا فيه يتناولون الشاي والقهوة بعد تناول الطعام ومشغولين بأحاديثهم وتجمعاتهم، كانت هي مشغولة بأعمال تقربها إلى الله سبحانه.. كانت ترى أن هذه الأعمال أهم من الجلوس معهم وتبادل الأحاديث في أمور سطحية حتى وإن سخروا منها وقالوا كلمات من نوع «متفرغة.. ما عندها سالفة».
تشعر بالفرح وهي تقوم بتوزيع الأطعمة على الأسر المتعففة، وكانت تتعمد ألا تشعرهم بأن ما تمنحهم إياه نوع من التصدق عليهم، بل تتعمد أن تبين لهم أن هناك من وزع على الجميع هذه الأطعمة والحلويات وأنها قد «تنقصت» أي أخذت منه لهم. يحدث بين فترة وأخرى أن تعرج على دار المسنين وهناك تقوم بأخذ بعض المستلزمات والأغراض التي تعتقد أنهم يحتاجون إليها لمنحها إياهم.. كانت تتعمد إهداءهم «الجلابيات النسائية» وبعض أدوات الزينة حتى لا يشعرون أنهم بمعزل عن العالم الخارجي.. زرعت في أبنائها حب الخير وقوة الشخصية، فكانت تعلمهم على هذا النهج والسلوك فكانوا خير «مذكر» للناس عنها وخير سفراء عن تربيتها وأخلاقها وهم يهرعون إلى الفقراء لمساعدتهم.
أهم ما قيل عنها عبارة «ما بيدها ليس لها»، وهي ترمز للشخص الذي يملك شيئاً يخصه -حتى وإن كان عزيزاً- ويقوم بمنحه للناس إذا ما عرف أنهم بحاجة إليه أو يرغبون فيه.. حتى بعض قطع الذهب الخاصة بها كانت تمنحها للمحتاجين، فإذا شعرت أن إحداهن أعجبت بأسورة في يدها تعطيها لها أو تقوم بشراء مثلها وتمنحها إياها.. كانت تطلب من كل ابن لها أن يخصص من راتبه مصروفاً لها رغم عدم حاجتها لذلك، وهذا المصروف كانت تجمعه وتمنحه كراتب شهري للفقراء.
«2» «الوالد الحنون»
تداولنا في الأسبوع الماضي سيرة العميد خالد الوزان رحمه الله، إلا أن أحدهم قد مدنا بمعلومات إضافية لا يعرفها عموم الناس عنه، يقول «أنا أحد الموظفين في مكتبه.. لقد جلست معه أكثر مما جلس معه أبناؤه.. عندما يأخذ سائقه الخاص إجازة فيحل محله أحدنا وبدلاً من أن يتركنا نسوق السيارة كان يجعلنا نجلس بجانبه في الأمام ويقوم هو بسياقة السيارة دون أن يشعرنا بأنه مسؤول ونحن موظفون عنده بيننا وبينه رتب.. كان شديد التواضع والبساطة.. لم يحدث أن مر برجل مسن يراه يسير في الشارع إلا وقد أخذه معنا في سيارته إلى أي مكان يريده «المنزل أو السوق» ثم يكمل طريقه بعد إيصاله.. هناك كتاب عمله بخط يده.. ظل ثلاث سنوات يقوم بإعداده وقد كلفني بطباعته وتنسيقه وتجهيزه.. الكتاب يشمل عدة أبواب منها باب الدعاء وآيات التوكل والحمد والنصر وأذكار الصباح والمساء والحفظ من الشيطان وحدائق الذكر والكثير من الأذكار والأدعية والمناجاة.. الغريب أن النسخة جهزت يوم الأربعاء وقد أخذها يوم الخميس لمراجعتها قبل الطباعة وتوفي رحمه الله يوم الجمعة!». «كان يعتمر في الشهر مرتين.. وفي موسم الحج كان يقوم بجمع المشابك «التي توضع لإمساك ثياب الإحرام» الملقاة على الأرض حتى يصل عدد ما جمعه إلى 100 مشبك.. كان يشغل نفسه بهذا الفعل لأنه يقول إن بعض الحجاج يسيرون بدون نعال وقد يؤذيهم هذا ويؤلم أقدامهم.. لم يحدث أن مر بعربة مياه أو غيرها في مكة المكرمة إلا ودفع قيمتها بالكامل وأمر صاحبها أن يوزعها مجاناً.. لم تفته صلاة الجماعة لمدة عشر سنوات.. لم يكن يحقد على أحد.. تبرع لفلسطين بمبلغ وقدره 40 ألف دينار ولم يعلم عنه أحد إلا بعد وفاته! كان يأخذ شاباً من ذوي الاحتياجات الخاصة بسيارته إلى المسجد يومياً وكان يتناول معه الطعام حتى يشعره بأنه غير مختلف عن بقية الناس، وبعد دفنه جاء هذا الشاب عند قبره وأخذ يبكي! باختصار لقد فقدت البحرين رجلاً لا يمكن تعويضه ولا يتكرر».
إحساس عابر:
ولله الحمد تمت إدانة المغرد المسيء لشخصنا ولمهنة الصحافة وصحيفة «الوطن» الأسبوع الماضي الذي وصفنا بألفاظ نترفع عنها، والشكر الجزيل لرئيس صفحة «الرأي» بالوطن سابقاً وإدارة التحرير على إبلاغنا بضرورة وضع حد لما يجري، وكذلك الشكر موصول إلى الشرطي مروان بقسم الجرائم الإلكترونية بوزارة الداخلية على تعاونه وسرعة استكمال الإجراءات ومتابعته وحسن تعامله.
أحد المحامين الذين تواصلوا معنا منحنا نقطة نرى أنها في غاية الأهمية -ونحن بحاجة لها فعلاً أمام مسلسل الاستهتار هذا من قبل البعض في قذف الصحافيين وشتمهم والتدخل في خصوصياتهم وشن حملات عليهم للاستهزاء والسخرية منهم شخصياً ثم التبرير بأن ما يقومون به هو انتقاد لكتابات الصحفي أو توجه الجريدة- وهي أن هناك أهمية لتشديد العقوبات خاصة عندما يشن البعض حرباً نفسية على الصحفي ويشوه صورته وسمعته ويصفه ويمسه بألفاظ ومصطلحات غير لائقه ويشجع الآخرين على قذفه وإيذائه، فالفعل الذي يقوم به لا يتناسب مع حجم الغرامة ومبلغ التعويض حتى في حال رفع قضية طلب تعويض عن الضرر الجاري، والمفترض أن تكون هناك عقوبة تمس الشخص المسيء نفسه كما قام بمس الشخص المتضرر، كأن يوقف عن العمل أو يودع في السجن شهراً أو تتخذ إجراءات تأديبية بحقه. فالصحافي يقوم أساس عمله على كسب الناس وفرض الاحترام المتبادل، وواجهته في ذلك الصورة الحسنة عنه والسيرة الطيبة عند الناس وفي المجتمع.