الأحداث الأخيرة التي تعيشها الساحة الليبية خلفت حالة استقطاب واسعة بين مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في ليبيا وعمقت حالة الانقسام الاجتماعي الموجودة، وزادت من العداوة بين أبناء الشعب الواحد حتى أصبحت لا تختلف كثيراً عن ما هو موجود في ساحات الصراع على أرض الواقع.
وفي ليبيا، تعد الشبكات الاجتماعية هي الوسائل الأكثر اعتماداً في الاطلاع على الأخبار ومواكبة كل التطورات، فعندما تدخل إلى الصفحات الشخصية لليبيين، ليس من الصعب أن تتعرف على انتماءاتهم والأطراف التي يدعمونها، يكفي أن تتطلع على التدوينات التي يكتبونها والتعليقات التي يشاركونها حتى تكشف عن ميولات أصحابها.
وبات مستخدمو التواصل الاجتماعي منقسمين إلى طرفين الأول يدعم الحكومة المؤقتة ومن ورائها الجيش الذي يقوده خليفة حفتر وعملياته في الشرق الليبي، والثاني يدافع عن شرعية حكومة الوفاق وأحقيتها في الحصول على السلطة في الغرب الليبي، وبينهما تكتشف نقاشات وتعليقات مغرقة بمشاعر الحقد والكراهية للطرف المقابل ومغلّفة بتبادل الاتهامات والتهديدات والسب والشتم.
ومن خلال متابعتنا لآخر المواضيع التي أثيرت حولها الخلافات والنقاشات، وجدنا أن تلويح الجنرال خليفة حفتر نهاية الأسبوع الماضي باستعداده لتحرير العاصمة طرابلس من الميليشيات حوّل مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا إلى مساحات للتحريض وتبادل التهديدات أظهرت انقساماً مناطقياً واجتماعياً وسياسياً كبيراً في البلاد.
وقال إبراهيم الزهاوي، أستاذ في إحدى جامعات مدينة مصراتة في حديث مع "العربية.نت" في تعليق على هذه الظاهرة، إن الانتماء السياسي والإيديولوجي والقبلي المختلف بين الليبيين هو السبب الذي ساهم في تعميق التفرقة وتعزيز العداوة بينهم مقابل تراجع الترابط الاجتماعي، مضيفاً أن الاشتباكات التي تحصل على الميدان بين الأطراف المتصارعة في ليبيا وتستخدم فيها الأسلحة، سرعان ما تتحول إلى مواجهات افتراضية بين الموالين لهم على منصات التواصل الاجتماعي تستخدم فيها مئات المنشورات والتعليقات والصور وأشرطة الفيديو.
وتابع أن الأخطر في هذا أن المواقف والاتجاهات الافتراضية المتناقضة بدأت تترجم على وجه الأرض بعد تزايد عمليات الاختطاف بسبب الاختلافات السياسية، بشكل أصبح يهدد التعايش السلمي الذي تميز به المجتمع الليبي خلال السنوات الماضية.