^ هذا ليس تصريحاً لمسؤول خليجي، سعودي أو إماراتي، أو مسؤول غربي، أو تعليقاً لكاتب ليبرالي، أو طائفي، فما نحن بصدده هو تصريح لأحد أبرز وجوه الثورة الخمينية، بل أحد أبرز مؤسسي الجمهورية الإيرانية السيد أكبر هاشمي رفسنجاني. يقول رفسنجاني الرئيس الإيراني الأسبق، ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، في مقابلة مع فصلية «دراسات دولية»، إنه «لو كانت علاقاتنا جيدة مع السعودية لما كان بوسع الغرب أن يفرض علينا عقوبات»، مضيفاً: «وحدها السعودية تستطيع أن تحل مكاننا.. وإذا كانت تنتج النفط طبقاً لحصتها، لا يستطيع أحد في العالم أن يعتدي علينا»، معلناً، أي رفسنجاني، أن «من الممكن إقامة علاقات جيدة مع الرياض»، لكنه انتقد الذين يدلون بتصريحات «متشددة» حيال السعودية دون تفكير في العواقب! هذا هو حديث رئيس إيران الأسبق، ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، وليس تحليلاً صحافياً، أو رأياً طائفياً. فما هو رد كل من كانوا، ومازالوا، ينتقدون كل من يحذر من إيران؟ ما هو تبريرهم ورفسنجاني نفسه يقول اليوم، إن السعودية هي المنقذ الوحيد لإيران، لولا أن في طهران متشددين يستفزون السعودية؟ واستفزاز الرياض ليس إعلامياً، فالسعودية أكبر من ذلك بكثير، بل إن استفزاز السعودية هو في استهداف أمنها، وأمن المنطقة كلها، من البحرين إلى لبنان، ومن العراق إلى سوريا، فما هو رد الطابور الخامس في منطقتنا، أو السعودية، أو الخليج العربي، وحتى مصر، ولبنان، وعلى رأسهم الشبيح حسن نصر الله، على ذلك؟ ما هو ردهم ورفسنجاني نفسه يقول، إنه لولا أن إيران استعْدت السعودية، لكان وضعها اليوم أفضل؟ ما الذي سيقوله الطابور الخامس بعد هذا؟ هل سيكونون إيرانيين أكثر من الإيرانيين أنفسهم، أو رفسنجانيين أكثر من رفسنجاني نفسه، أحد مؤسسي إيران الخمينية، والرئيس الأسبق، ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام؟ المؤسف أن الطابور الخامس الإيراني منتشر في منطقتنا، ومنها السعودية، ومنتشرون في صحفنا، ومواقع الإنترنت، يكتبون عن إيران بسطحية لا تقل عن سطحية «الشعب والجيش إيد واحدة»، ويقولون إنه «ليس من المصلحة استعداء إيران».. إيران التي تدعم الأسد وضحاياه فاقوا العشرة آلاف قتيل سوري، وتدعم الطائفية في البحرين، وتدعم حزب الله الذي احتل الشق السني من بيروت، وتدعم الحوثيين الذين دخلوا حرباً مع السعودية، وإيران التي تدعم نوري المالكي الذي يهمش نصف الشعب العراقي، ويدافع عن الأسد قائلاً «لن يسقط، ولماذا يسقط»؟ ما الذي سيقوله هؤلاء بعد تصريحات رفسنجاني التي يجب ألا يركن إليها بالطبع، فالواضح أن المرشد الإيراني جدد لرفسنجاني برئاسة مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني على أمل أن يمد له الجسور مجدداً مع السعودية، كما فعل من قبل، مثله مثل خاتمي، وهو الأمر الذي أفسده متشددو طهران من خلال الاستمراء بمعاداة السعودية، والمنطقة كلها، رغم كل النوايا السعودية الطيبة، ومن الملك عبدالله بن عبدالعزيز شخصياً. وعليه، فالسؤال هو: هل «يخرس» الطابور الخامس الإيراني في منطقتنا، والسعودية تحديداً، الآن، أم يواصلون تزييف الحقائق؟
من رفسنجاني إلى الطابور الخامس
15 أبريل 2012