مجزرة العصر الحديث، وأعظم انتهاكات حقوق الإنسان، والتي أعني بها ما يحصل في سوريا على يد الجزار الديكتاتور المدعوم من إيران بشار الأسد، بدأت منذ عام 2011، أي منذ 6 أعوام.

هذه المجزرة الدموية الكبرى، تسببت بقتل مئات الآلاف، وانتهاك حقوق ملايين من السوريين، وتهجير ملايين، استقطبتهم دول قريبة في الشرق الأوسط ودول أوروبية، ووصلوا حتى الولايات المتحدة الأمريكية.

طوال هذه السنوات، كل ما سمعناه من الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما «تخرصات» كلامية على هيئة تهديدات «فاضية» لنظام الأسد ولإيران، تصريحات شبه يومية، فيها يبكي أوباما على معاناة الشعب السوري، فيها اعتراف صريح بأن ما يفعله بشار ما هو إلا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، لكن معها لم يفعل أوباما شيئاً، إلا ما فعله في اتجاه معاكس بتمكين إيران من ملياراتها المجمدة، ومن تسليم العراق لها، وعلاوة على ذلك إطلاق يدها في برنامجها النووي، وهو يعلم أن الأسد يرتكب مجازر بشرية يندى لها الجبين.

الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب فاجأ العالم برمته برد فعل سريع، على الجريمة الإنسانية التي ارتكبها الأسد قبل يومين باستخدام الأسلحة الكيميائية على «خان شيخون» قتل فيها بحسب الإحصاءات الرسمية 84 شخصاً بينهم أطفال وإصابة أكثر من 500 شخص.

صدرت إدانات دولية عديدة على إثر ذلك، وظننا بأننا سنعيش وضعاً مشابهاً لردات الفعل الدولية التي اكتظت بها السنوات الست الماضية، ولو كان أوباما رئيساً، لكان بالتأكيد خرج لـ «يتحدث» فقط دون أي ردة فعل، لكن ترامب فعل الشيء الذي يفترض أن يحصل منذ سنوات، والذي لو حصل حينها لحقنت دماء مئات الآلاف من السوريين ولمنعت عملية تهجير الملايين، ولأسقط نظام هذا السفاح.

ترامب قال في خطابه وهو غاضب متجهم الوجه بأن هذا الهجوم الأمريكي الذي دمرت فيه ثاني أهم قاعدة جوية سورية يأتي لـ «تحقيق العدالة» للأبرياء المدنيين الذين سفك دماءهم هذا السفاح وباستخدام الأسلحة الكيميائية.

رد الفعل الفوري هذا الذي صدر بأمر من ترامب، نسف جميع ردود الفعل الكلامية من أي جهة دولية كانت، رد فعل صارم بين «حجم» الكذب والتدليس الذي مارسه أوباما بحق الأبرياء السوريين، إذ العالم يعرف تماماً أن الولايات المتحدة لو أرادت إزاحة بشار الأسد عن كرسيه لما أعجزها ذلك، صواريخها التي يصل مداها لأكثر من ألف كيلومتر يمكن أن يطلق واحد منها من قواعدها وبوارجها البحرية ليضرب الكرسي الذي يجلس عليه هذا السفاح، لكن أوباما لم يفعلها، وهاهو ترامب يفعلها في أول رد فعل عسكري، مبيناً كيف أنه بالإمكان إعلان البدء في إسقاط الأسد.

روسيا الوحيدة التي عبرت عن قلقها، معتبرة أن ما حصل تجاوز للسيادة الداخلية في سوريا، رغم أن مفهوم السيادة خرقه الأسد بنفسه منذ ست سنوات حينما دفع السوريين ليهاجروا هرباً من المجازر والمقابر الجماعية، الأسد هو من «دول القضية» حينما نزح الملايين من شعبه للدول الأخرى هرباً من دمويته، بالتالي مسألة السيادة التي تتحدث عنها روسيا هي مسألة انتهت منذ زمن طويل، وما أمامنا اليوم هي كارثة إنسانية بشهادة العالم بأسره باستثناء المتحالفين مع الأسد وإيران وأذرعها، ومسؤولية الأمم المتحدة والدول الكبرى وبقية دول العالم أن تقف مع هذا الشعب الذي يباد بعشرات الآلاف بسبب رجل واحد.

ترامب أثبت بأنه رجل «أفعال»، يفعل ما يصرح به، ورد فعله العسكري تجاه ما فعله هذا المجرم بشعبه الأعزل، خطوة شجاعة وجريئة مثلما وصفتها دول الخليج العربي وغالبية دول العالم التي ترى بكل وضوح انتهاك حقوق الإنسان في سوريا، وقتل البشر العزل باستخدام أبشع أنواع الأسلحة.

ليت الصواريخ الأمريكية القادمة تأتي لنا بخبر هذا المجرم، والذي لو تم قتله ملايين المرات لن يعوض حجم المجازر التي طالت الشعب السوري الأعزل، ولن يجبر ألم ملايين العوائل التي قتل أفرادها وهُـجروا.