بعد أكثر من 20 عاما من أولى محاولات إعادة تدوير النفايات، لا تزال اليونان متخلفة في هذا المجال في الاتحاد الأوروبي بسبب غياب الإرادة السياسية والوعي بأهمية البيئة، وفق خبراء. ف16 % فقط من النفايات المنزلية تخضع لإعادة تدوير في البلاد، في حين أن النسبة المتوخاة في العام 2020 تبلغ 50 %، بموجب الخطوط التوجيهية الرئيسية حول إدارة النفايات المعتمدة سنة 2008، بحسب وكالة البيئة الأوروبية. والمعدل السائد في أوروبا في هذا الخصوص هو 28 %، وفق البيانات الأخيرة لمكتب "يوروستات" للإحصاءات. وتتصدر سلوفينيا هذا التصنيف مع نسبة تبلغ 49 %، في حين تحتل لاتفيا المرتبة الأخيرة فيه مع نسبة لا تتعدى 3 %. والعاصمة اليونانية حيث يعيش ثلث سكان البلاد تقريبا، أي نحو 4 ملايين نسمة من أصل 11 مليونا، هي دون المعدل الوطني مع نسبة لا تتخطى 13 % من النفايات التي تخضع لإعادة تدوير، بحسب البلدية. وفي بلد لم يحقق فيه حزب الخضر أي نجاح كبير على الساحة السياسية وتبقى فيه نشاطات التوعية بأهمية المسائل البيئية بدائية، "ما من استراتيجية واضحة" في مجال إعادة التدوير، بحسب ديميتريس ابراهيم ممثل "غرينبيس" في اليونان. وفي العام 2011، جرفت أمطار غزيرة نفايات مرمية في مكب عشوائي انتهى بها المطاف على شاطئ جزيرة أندروس في كيكلادس. - "تغيير العقليات" - وقد أدانت محكمة العدل في الاتحاد الأوروبي اليونان مرات عدة على تقصيرها في هذا المجال، آخرها في أيلول/سبتمبر الماضي. وكان من المفترض أن تساهم تقنية إعادة التدوير في التخفيف من النفايات المرمية في المكبات التي يوجد أكبرها في ضاحية أثينا الغربية. غير أن الحاويات الزرقاء لشركة "هركو" المكلفة جمع الورق والزجاج والبلاستيك والألومنيوم تظهر أنه لا يزال ينبغي بذل جهود كبيرة، فهي تعج بالقذارات على أنواعها وتوضع حولها أحيانا أرائك بالية وفرشات تعيق الحركة. وتؤكد أنتيغوني دالاماغا مديرة جميعة "إيكولوجيكال ريسايكلينغ سوساييتي" أنه "لا بد من تغيير العقليات والمسألة ملحة". وبغية التوصل إلى تغيير ملموس، من الضروري اعتماد "محفزات وعقوبات لتوعية الرأي العام"، خصوصا أن سكان أثينا غير ملزمين بفرز النفايات وإعادة تدويرها. فما من غرامات تفرض على رمي النفايات من دون فرزها، كما هي الحال في عدة بلدان من الاتحاد الاوروبي، مثل بلجيكا. وما من حملات لمكافحة الهدر. فالأمور "رهن بضمير المستهلك"، على حد قول ممثل "غرينبيس". وتدفع كل أسرة رسوما شهرية للبلدية لإدارة النفايات تحسب استنادا الى مساحة السكن. لكن في حال كان الفرد يعيش في منزل صغير مع عشرة أعضاء آخرين من عائلته وهم يرمون كل يوم عشرة أكياس نفايات، فلا تدفع الأسرة سوى مبلغ بسيط، تماما مثل فرد واحد يعيش في منزل صغير بهذه المساحة، على ما تشرح ماري كريمنيانوتي التي تدير مشروع "زيرو ويست" الأوروبي في اليونان. - انعكاسات إيجابية للأزمة - وتقترح كريمنيانوتي أن تفرض تعرفة على أكياس النفايات لحث الأسر على التخفيف من مخلفاتها، كما هي الحال في بلدان أوروبا الشمالية. وما يزيد الطين بلة هو انتشار الأكياس البلاستيكية في المتاجر التي توزع بالمجان، فتتراكم حول مكبات النفايات. كذلك فأن البلديات لا تخصص كل طاقتها لنشر ثقافة إعادة التدوير. غير أن الأزمة الاقتصادية التي شهدتها اليونان أدت إلى تخفيض الاستهلاك والهدر، ما تسبب بخفض كمية النفايات المخلفة. فقد انخفضت كمية النفايات في أثينا بنسبة 35 % بين 2011 و2016، وفق الإحصاءات البلدية. ويقوم مهاجرون ومشردون وأفراد من غجر الروما بالتفتيش في النفايات بحثا عن ورق أو خردوات يعيدون بيعها.