قال د. محمد عبدالغفار مستشار جلالة الملك للشؤون الدبلوماسية ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" وأضاف عبدالغفار خلال كلمته الافتتاحية في اليوم مؤتمر "الأمن الوطني والأمن الإقليمي لدول مجلس التعاون، إنه في زمن تغير التحالفات كنتيجة للمستجدات والأحداث الإقليمية والدولية فإن دول مجلس التعاون بحاجة الى صياغة استراتيجية مفهوم استراتيجي شامل على غرار ما يفعله حلف الناتو كل عشر سنوات، وأن تكون ركيزتها بناء وتطوير سياسات حقيقية للدفاع المشترك قادرة على ردع التهديدات، والتعاون الخارجي ضمن مظلة خليجية واسعة لا تتبع بالضرورة الاستراتيجيات الدولية الكبرى، بل تتعاون معها.وذكر عبدالغفار ان دول مجلس التعاون قد قطعت شوطا كبيرا في مجال تعزيز التعاون العسكري والامني وفقا لقمة الكويت 2009 وتعزيز العمل المشترك، الا ان دول المجلس لم تتمكن حتى الآن من الاتفاق على المفهوم الاستراتيجي الذي يضع إطاراً لتحديد مفهوم القوة الموازنة والرادعة ضمن التفاعلات الاقليمية والدولية.واشار مستشار جلالة الملك للشؤون الدبلوماسيةالى ان المشهد السياسي الراهن في المنطقة يبرز ثلاث قضايا هي انه في زمن التحولات الكبرى تتأثر التحالفات الكبرى، وتبدأ بالتفكك بعض او جميع عرى الروابط التي نسجتها ظروف زمن مختلف، طارحا تساؤلا مفاده كيف ستتعامل دول المجلس مع تحالفاتها التي تضغط على التغيير والتحديث بمجتمعات لم تتطور كما ينبغي ببنيتها الاجتماعية، وفي ظل الأزمات الأخرى الحادة والملفات التي تواجهها دول المجلس مثل النووي الايراني وتداعيات ازمة سوريا.ولفت عبدالغفار الى ان المراحل الفاصلة بتاريخ الأمم تأتي كنتيجة لتغيرات الاوضاع الراهنة وتؤثر على علاقات الدول، مستعرضا ما ذكره مارك سايكس الذي يعد من اكثر المسؤولين في حزب المحافظين البريطاني معرفة بالشؤون التركية والذي ارتبط اسمه باتفاقية "سايكس بيكو" في عام 1914 حينما قال: "ان انهيار الامبراطورية العثمانية هو الخطوة الاولى لانهيار الامبراطورية البريطانية"، ويرى عبدالغفار ان مقولة سايكس لم تكن فكرة عابرة من قلق سياسي حريص على مصالح بلده، وانما قناعة راسخة من الساسة البريطانيين الذين سبقوه لأجيال متعاقبة بأن الحفاظ على سلامة الامبراطورية العثمانية أمر مهم كحاجز جيوسياسي لأمنها، لكن التغييرات الكبيرة بالحرب العالمية فرضت على بريطانيا ان تغير سياسة الحفاظ سلامة الاراضي العثمانية على مدى 100 عام في مدة تقل عن 100 يوم.واكد الدكتور محمد عبدالغفار ان دول مجلس التعاون عانت من الحروب التي هزت منطقتنا منذ الثمانينات وحتى احتلال الولايات المتحدة للعراق في عام 2003، والذي زعزع اركان الاستقرار في العراق، ما تبعها من مهددات لأمن دول الخليج، منوها الى ان كل ذلك التغيير يدفع لتساؤل حكومات الخليج حول حماية امنها من التهديدات الخارجية حتى لا تنفذ الأيادي الخارجية التي لا تريد الخير لشعوب المنطقة.كما اكد عبدالغفار انه لا خيار امام دول الخليج كتنظيم اقليمي متجانس في نضوجه السياسي والتداخل المجتمعي واواصر القربى سوى ان تعاضد بعضها بعضاً، ولم يعد الانفصال او الانسحاب من هذا الكيان ممكنا لفداحة خسائره الاستراتيجية التي لا تستطيع تحمل تبعاتها الدول المنضوية تحت المظلة الخليجية.وأكد د. عبدالغفار انه مع اهمية الحوار مع العالم من حولنا في عصر العولمة فإن الحوار الأهم في هذه المرحلة الفاصلة هو الحوار مع الذات الذي يتعين ان يبدأ بدراسة وتحليل المعوقات التي تمنعنا من التقدم بهذا التنظيم الإقليمي.