تلقت مملكة البحرين ببالغ الحزن خبر وفاة الشيخ المحدث الزاهد خالد بن سالم المنصوري، الاثنين الماضي، بعد حياة حافلة قضاها بين تعلم العلم ونشره وتعليمه وبثة بين الناس.

ولد العالم الجليل في المحرق، وعمل في قوة دفاع البحرين، وساهم في النهوض بالحركة العلمية بالمملكة البحرين.

اشتغل بحفظ كتاب الله وتجويده، فحفظ القرآن وجوده على الشيخ المقرئ محمد سعيد الحسيني، وحفظ عليه الجزرية.

ثم رحل في التحصيل ليتلقى العلم على يد ثلة من العلماء الأجلاء على رأسهم فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين ولازمه في القصيم، وسافر إلى السند وجالس الشيخ بديع الدين الراشدي السندي، وإلى صعدة حيث التقى بالشيخ مقبل بن هادي الوادعي، واعتنى بالإجازات الحديثية فاستجاز مشايخ من الشرق والغرب، وممن أجازه في الحديث الشيخ عبدالله بن عقيل والشيخ زهير شاويش، وغيرهما من محدثي العالم الإسلامي.

عاش الشيخ خالد بن سالم المنصوري، محباً للسنة ناشراً لها وداعياً إليها، محباً لطلبة العلم، وصاحب جد وعلو همة واجتهاد، ونباهة ومصابرة، فقد حفظ متوناً علمية كثيرة، وثنى ركبتيه عند المشايخ الكبار، مع اعتدال في الفكر والرؤى، وقد ابتلاه الله بمرض فصبر واحتسب، ولم يقطعه ذلك عن استمراره في التعليم والتعلم، فكان "مع المحبرة إلى المقبرة"، عرف بتواضعه ولين جانبه، وهضم نفسه، فلم يطلب شيئاً لنفسه، وكان قانعاً بالقليل، عفيف النفس، ومن أبرز صفات الشيخ تواضعه، وبعده عن الشهرة، مع عفاف لسان فلا يكاد يتكلم بسوء عن المشايخ وطلبة العلم، وينهى طلابه عن الكلام في طلبة العلم، ويدعوهم دائماً إلى التحلي بمكارم الأخلاق وتزكية النفس والتحلي بفضائلها، واستغلال الأوقات حتى في آخر حياته.

اتقن الشيخ المنصوري، علوم العربية، والتفسير، والحديث، وأصول الفقه، والفقه،كما شرح كتب علمية كثيرة: فظل في شرحه لصحيح البخاري سنوات متطاولة لا يكل ولا يمل، يقف أولاً مع تبويب البخاري، ويبين علاقة الحديث بالباب، ثم مع الإسناد ويذكر أحوال الرواة ومن سيرهم وأخبارهم مما يشحذ به همة الطلبة للمواصلة في العلم، ثم مع الفوائد المستنبطة من الحديث، وامتاز الشيخ بأسلوبه الشيق الذي يجذب به السامع.

ودرس أيضاً كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبدالوهاب، ونظم العمريطي في أصول الفقه، وكتاب عمدة الفقه لابن قدامة المقدسي الحنبلي، ومن كتب اللغة الأجرومية ومتممتها، وقطر الندى، وملحة الإعراب للحريري، وتفسير القرآن، والأربعون النووية، وغيرها من الكتب، والعلوم.

ومن الوظائف الدينية التي قام بها الشيخ إمامته للمصلين في مسجد المهاجرين بالرفاع، وواظب الشيخ على أداء فريضة الحج مع طلبته ومحبيه، يعلمهم ويوجههم في حجهم، ويقوم على خدمتهم.

توفي الشيخ خالد المنصوري وقد أفاد واستفاد منه طلبة العلم ونهلوا من معارفه، وتخلقوا بتوجيهاته، وقد آلمهم خبر وفاته، حتى شيع جنازته عدد كبير من طلابه ومحبي الشيخ ومن أهل الديانة والفضل من مختلف مناطق البحرين، رحم الله الشيخ رحمه واسعة، وأعلى درجته، فاللهم آجرنا في مصيبتنا وأخلف لنا خيراً.