جميع دول العالم فيما يتعلق بالديمقراطية ربما تتوفر فيها عدة توجهات منها الراديكالية أو الموالية وبينها أيضاً المعارضة الوطنية، إلا أن هناك مصلحة مشتركة قد تكون محور بقاء كيان الدولة ألا وهي إيجاد الأرضية السياسية لتحقيق الاستقرار والتنمية على كافة الأصعدة. وعلى الجانب المحلي، فقد شهدت الساحة السياسية ومنذ تدشين ميثاق العمل الوطني تطورات في مستوى تقييم القوى السياسية وبالأخص في تعاطي الدولة مع تلك التوجهات وظهور قوى سياسية تدعي أنها «معارضة» تبحث عن أهداف خارجة عن نطاق الحفاظ على السلم الأهلي، بل تبحث عن مصالح خارجية ربما غربية في تنفيذ مخططات لهدم مكاسب وطنية. وبعد تلك الأحداث التي شهدتها مملكة البحرين في عام 2011، كان لزاماً أن تقوم الدولة بحماية كيانها وأمنها بالتعامل مع قوى تدعي أنها سياسية وهي في الوقت ذاته تستهدف استقرار وأمن شعبها، وبالتالي فإن ما قامت به الدولة من إجراءات على المستوى السياسي هو حق أصيل لها، بل على العكس من ذلك فإنها قدمت العديد من المبادرات للم الشمل على مستوى القوى السياسية. ومع مرور الوقت كان يجب على الكيان السياسي الوطني أن يعاد لم شمله لكي تستمر الحياة السياسية في المملكة، وإيجاد أرضية جديدة لإعادة الكيانات الوطنية وترميمها من خلال تأصيل الفكر الوطني السياسي الذي يمنح الدولة الكثير من الحرية في طرح الملفات من دون مصالح شخصية أو خارجية تعمل لمصالح عقائدية أو مادية. إن المصالحة الوطنية تتم بإشراك جميع القوى السياسية سواء كانت ليبرالية أو إسلامية أو غير ذلك من التوجهات ليس لشيء، بل لكي يستمر بناء النهضة الحضارية والديمقراطية لمملكة البحرين، فالأحداث الخارجية يجب ألا نتأثر بها داخلياً، والتنمية تحتاج لتكون مستوياتها متصاعدة بوجود جميع الكيانات، والقرى يجب أن تفتح قلوبها قبل أبوابها بدلاً من إغلاقها من قبل ميليشيات إرهابية تدار من قبل بعض رؤوس الفتنة التابعة لكيانات خارجية. والسؤال للقوى السياسية، هل هي مستعدة للمصالحة الوطنية؟ قامت الدولة بالعديد من المبادرات من أجل إيجاد أرضية خصبة لمصالحة وطنية تجمع الكيانات السياسية بكافة أطيافها، إلا أن بعضها قد تعمد إفساد تلك المصالحة وجعل المسيرة السياسية تتشكل وفق ما تقتضيه الحاجة الملحة في عملية الاستمرار، وبالتالي فإن كياناً كـ«الوفاق» وغيرها من الكيانات قد خذل عناصرها من وراءهم في فتح صفحة جديدة مع الدولة، بل تكابروا وأصبحوا ينساقون وراء نداء المرجعيات الراديكالية التي لا تحترم الأعراف والعقيدة الإسلامية السمحاء التي تدعو للتعايش مع جميع الأديان وذلك لتحقيق المصلحة الرئيسة وهي الارتقاء بمستوى الفرد في هذا الوطن. الفكرة الأساسية في المصالحة الوطنية هو أن يكون الجميع شريكاً في التنمية والنماء، وأن تشارك القوى السياسية في صنع مستقبل الدولة، فالبحرين فتحت أبوابها لكافة القوى السياسية للانخراط في المسيرة الوطنية وجعل المكاسب موزعة على جميع تلك القوى، من دون أي إقصاء أو تهميش، فالتناصح بين القوى السياسية يجب أن يكون مبنياً على المصلحة الوطنية وتكون أيديولوجيات العمل السياسي تتسم بروح الإخاء بعيداً عن المصالح الغربية أو العقائدية. إن انتخابات 2018 على الأبواب وكل محب لهذا الوطن يرغب بأن يرى جميع القوى السياسية مشاركة بتلك الانتخابات دون انسحابات وبعيداً عن نداءات المقاطعة وترهيب الفئة الصامتة.
الرأي
المصالحة الوطنية.. إلى أين؟
17 أبريل 2017