خاطر طوكيو باستضافة واحدة من أكثر الدورات الأولمبية غير الصحية في السنوات الأخيرة حيث كشف قانون لمكافحة التدخين عن انقسامات شديدة حول قضايا ايرادات الضرائب على التبغ والحرية الشخصية ومخاطر التدخين السلبي الذي يقتل آلاف اليابانيين سنويا. وتتعرض العاصمة اليابانية لضغوط كبيرة من أطراف عدة مع اقتراب استضافة اولمبياد 2020 من بينهم اللجنة الاولمبية الدولية للسير على خطوات ريو دي جانيرو والمدن التي استضافت الاولمبياد في السنوات الماضية بحظر التدخين في الأماكن العامة لخلق بيئة رياضية صحية.

لكن مقترحا مبدئيا بفرض حظر شامل على التدخين داخل المباني في انحاء اليابان واجه معارضة من سياسيين يقفون في صف المدخنين والمطاعم وشركة اليابان للتبغ الذي تملك الحكومة ثلث اسهمها.

ضرائب عالية

وتراجعت وزارة الصحة عن خططها وسمحت بالتدخين داخل المباني في مساحات تبلغ نحو 30 مترا مربعا طالما وجدت أماكن جيدة للتهوية.

لكن معارضين يقولون إن ذلك سيضر العديد من المطاعم في اليابان ويقيد الحرية الشخصية ويؤثر على ايرادات ضرائب التبغ التي تجاوزت تريليوني ين (18 مليار دولار) في 2014-2015.

وتخشى ناتسوكو تاكامي التي تملك حانة صغيرة في طوكيو يمكن التدخين فيها من خسارة الأموال حيث لا تستطيع دفع تكلفة تهوية جديدة ويمكن تغريمها 500 ألف ين لو دخن أحد الزبائن. ويمكن تغريم المدخن 300 ألف ين.

وقالت "اعتقد أن الناس ستتوقف عن الحضور".

ورفضت لجنة الصحة بالحزب الليبرالي الديمقراطي الذي يجب الحصول على مساندته لتقديم المقترح إلى البرلمان مقابلة مسؤولي وزارة الصحة وأشارت إلى أن المقترحات المعدلة متشددة للغاية.

وأقرت نعومي توكاشيكي رئيسة اللجنة بضرورة وجود قانون ضد التدخين السلبي لكنها أشارت إلى أن الموروث الثقافي الياباني الذي يحض على حسن الخلق ومراعاة شعور الاخرين قد يكفي في هذا المجال.

وأضافت "أعتقد أن الشعب الياباني يراعي شعور الاخرين. الأكثر أهمية هو الثقة في الناس بدلا من وضع قوانين قمعية".

لكن وزارة الصحة لا تعتقد ذلك في إشارة إلى وفاة 15 ألف شخص سنويا بسبب التدخين السلبي أغلبهم من الأطفال والنساء.

وقال مسؤول في الوزارة يشارك في صياغة مشروع القانون لكنه رفض ذكر اسمه لحساسية المسألة "الأمر لا يتعلق بالاخلاقيات. نحن ننظر إلى التأثير على الصحة. منحنا الحرية للأشخاص لكن الوضع لم يتغير. نحن بحاجة إلى شيء أكبر".

ولا يبدو أن القانون سيقدم للتصويت عليه في الفترة البرلمانية الحالية والتي تنتهي يوم 18 يونيو حزيران.

قوانين مختلفة

وقبل 50 عاما كان نحو نصف سكان اليابان يدخنون لكن النسبة تراجعت إلى 18 في المئة حاليا كما أن مناطق التدخين قيدت بشكل كبير لكن قوانين التدخين تختلف من مدينة إلى أخرى وفي داخل طوكيو من منطقة إلى أخرى. والعقوبات مخفضة وتشهد تراخيا في تنفيذها.

ويشجع قانون أصدر في 2003 على فصل المطاعم بين أماكن المدخنين وغير المدخنين لكن بلا عقوبة لعدم الامتثال.

وما زال التدخين ممكنا في ساحات المدارس والمستشفيات لكن ليس داخل المباني.

وتصنف اليابان في النصف الأسفل من الدول من حيث قوانين مكافحة التدخين لكن المقترحات المقدمة ستجعلها تتقدم في التصنيف.

وتعمل منظمة الصحة العالمية مع اللجنة الاولمبية الدولية لضمان عدم التدخين داخل الملاعب المستضيفة للاولمبياد لكن جون كوتس نائب رئيس اللجنة الأولمبية أشار إلى أن اللجنة لا تستطيع أن تفرض حظرا على التدخين خارج الملاعب والقرية الأولمبية.

وفرضت البرازيل حظرا على التدخين داخل المباني قبل اولمبياد 2016 في ريو كما حدث نفس الأمر خلال اولمبياد 2010 الشتوي في فانكوفر بكندا وأيضا لندن 2012.

وعندما استضافت سوتشي بروسيا اولمبياد 2014 الشتوي تم فرض حظر محدود داخل المدينة لكن بعد ذلك بعدة أشهر كان الحظر أكثر تشددا في البلاد.

وفرضت بكين حظرا مؤقتا في اولمبياد 2008 لكن تنفيذه عابه التنظيم وعندما استضافت بطولة العالم لألعاب القوى في 2015 كان الحظر مشددا.

الصورة أمام العالم

لكن الأمر ربما يؤثر على صورة اليابان أمام العالم حيث تسعى لجذب العديد من السائحين. واعتاد القادمون من اوروبا وامريكا الشمالية على وجود حظر على التدخين داخل المباني.

وقال دوجلاس بيتشر مدير منظمة الصحة العالمية للوقاية من الأمراض غير المعدية "إحدى الصحف وصفت اليابان بأنها جنة المدخنين. وأنا واثق من أنها لا تريد هذا اللقب. هذا ليس شيئا جيدا... حيث تستعد اليابان وتستثمر الكثير من الأموال من أجل اولمبياد 2020".

وأشار توشيهارو فوروكاوا أحد أعضاء الحزب الحاكم وهو طبيب يساند تطبيق الحظر داخل المباني إلى أن العديد من السياسيين اقترحوا حظر التدخين خلال الاولمبياد وأن بعض زملائه يشعرون بالقلق من تراجع ايرادات ضرائب التبغ للحكومة في الوقت الذي يتراجع فيه عدد المسددين للضرائب في البلاد.

وأضاف "التبغ هو مصدر مهم لايرادات الضرائب".

وتابع أن بعض المشرعين "يدخنون وأن مجموعة منهم تحظى بدعم الشركات المنتجة للسجائر ومزارعي التبغ".

وقال ماساهيتو شيراسو المتحدث باسم شركة اليابان للتبغ إن الشركة تشعر بالقلق من التدخين السلبي لكن مقترحات وزارة الصحة مشددة للغاية.

ويؤمن كازو هاسيجاوا (46 عاما) وهو شخص غير مدخن أصيب بسرطان الرئة في 2010 أن الضغط المتعلق باستضافة الاولمبياد ربما يؤدي في النهاية إلى الحظر.

وقال "مشكلة التبغ لا يمكن حلها بالنظر إلى الفكر السائد في اليابان. بدون ضغط خارجي فإن اليابان لن تتحرك خطوة للأمام في هذا الصدد".