انقرة - (أ ف ب): حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء الاتحاد الأوروبي من ان تركيا ستغلق ملف ترشيحها الى صفوفه في حال لم يفتح فصول مفاوضات جديدة معها وذلك بعد دقائق من انضمامه مجددا الى الحزب الحاكم في البلاد. وقال اردوغان في خطاب ألقاه في أنقرة "ليس أمامكم من خيار سوى فتح الفصول التي لم تفتحوها بعد" مضيفا "اذا فتحتم الفصول، فهو أمر جيد جدا، اما في الحالة المعاكسة فوداعا". وتدهوت العلاقات بين أنقرة والاتحاد الاوروبي، المتوترة أساسا منذ محاولة الانقلاب في منتصف يوليو، خلال حملة الاستفتاء حول توسيع صلاحيات اردوغان والذي نظم في 16 ابريل بسبب الغاء تجمعات مؤيدة للرئيس التركي في اوروبا. وعملية انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي تراوح مكانها منذ عدة سنوات، ومن غير المرجح تحقيق تقدم فيها على ما يبدو. ومنذ بدء مفاوضات الانضمام رسميا عام 2005، تم فتح 16 فصلا فقط من اصل 35 كان آخرها في يونيو 2016 ويتعلق بمسائل مالية وأخرى تخص الموازنة. ورغم التوتر، تبقى تركيا شريكا مهما للاتحاد الاوروبي خاصة في حملة مكافحة الارهاب وفي ملف الهجرة. وابرمت انقرة وبروكسل السنة الماضية اتفاقا اتاح خفض عدد المهاجرين غير الشرعيين الوافدين الى اليونان من السواحل التركية بشكل كبير. ويعتزم رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك اجراء محادثات مع الرئيس التركي خلال قمة حلف شمال الاطلسي التي تعقد في 25 مايو في بروكسل كما اعلنت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل. وقال اردوغان "اولا، عليكم معالجة هذه الفصول، عليكم الوفاء بوعودكم. وبعد ذلك سنجلس الى الطاولة. في الحالة المعاكسة لن يعود هناك أي شيء نبحثه معكم". وتطرق الرئيس التركي عدة مرات الى احتمال تنظيم استفتاء شعبي لاتخاذ قرار حول مواصلة عملية الانضمام الى الاتحاد الاوروبي ام لا. وتاتي تصريحاته في اعقاب انضمامه مجددا الى صفوف حزب العدالة والتنمية الحاكم بعد استقالته منذ أكثر من 3 سنوات، في أولى التغييرات الكبرى بعد فوزه في استفتاء مثير للجدل على توسيع صلاحياته. وفاز معسكر اردوغان في 16 ابريل بفارق بسيط في استفتاء على تعديلات دستورية واسعة تنقل تركيا الى نظام رئاسي، بنسبة 51.41% من الأصوات. فقبل التعديل الدستوري كان الرئيس ملزما بقطع علاقاته مع حزبه السياسي عند انتخابه، ما دفع باردوغان الى الاستقالة من العدالة والتنمية مع وصوله الى الرئاسة في اغسطس 2014 بعد أكثر من عقد في رئاسة الوزراء. يجيز التعديل الدستوري المعتمد في 16 ابريل للرئيس أن يكون عضوا في حزب سياسي، ويتيح لاردوغان العودة الى صفوف حزب العدالة والتنمية الذي شارك في تأسيسه في 2001 كقوة جديدة منبثقة من التيار الاسلامي على الساحة السياسية والذي يهيمن عليها مذاك. ويؤكد مناصرو التعديلات انها ستزود تركيا بنظام حكم فاعل، لكن معارضيها يؤكدون انه يوجه البلاد الى نظام حكم متسلط.

ورجح الناطق باسم الحزب ياسين اكتاي اعادة انتخاب اردوغان رئيسا للحزب في مؤتمر استثنائي يعقده في 21 مايو، وقال للصحافيين "خلال المؤتمر ستجري انتخابات ونتوقع ان ينتخب رئيس جمهوريتنا رئيسا للحزب". بالتالي سيحل اردوغان محل رئيس الوزراء الحالي بن علي يلديريم الذي يترأس الحزب منذ 2016، والذي ستقتصر مهامه بعد ذلك على رئاسة الوزراء. وستكون هذه المرة الأولى لتولي رئيس للجمهورية التركية رئاسة حزب في الوقت نفسه منذ نهاية الولاية الرئاسية لعصمت إينونو، الذراع اليمنى لمؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال وخلفه. وصف اردوغان الذي لديه اربعة أبناء حزب العدالة والتنمية بأنه "ابنه الخامس" ولم يخف في أي وقت رغبته في العودة إلى صفوفه. كما يسعى الى تحسين اداء الحزب قبل استحقاقات مقررة في 2019 بعد تصدر معسكر "لا" نتائج استفتاء ابريل في مدن محورية بينها انقره واسطنبول. فرغم فوز العدالة والتنمية في جميع الاستحقاقات في البلاد منذ 2002، تعرض لنكسة كبرى في 2015 بخسارته الاكثرية المطلقة في البرلمان التي استعادها في نوفمبر في العام نفسه. وينص التعديل الدستوري على تغيير كبير يشمل إلغاء منصب رئاسة الوزراء ومنح الرئيس صلاحية تعيين الوزراء. لكن التعديلات ستسري بعد انتخابات مقررة في يناير 2019، ويشكل تجديد عضوية الرئيس في الحزب الحاكم أحد الاجراءات القليلة التي تسري قبل هذا الموعد.

وأكد الباحث في جامعة ستراسبورغ صميم أكغونول ان عودة اردوغان الى حزب العدالة والتنمية ستعطيه "أفضلية كبرى". واوضح ان "اردوغان يريد أن يصبح سيد الحزب بحكم القانون، لا بحكم الأمر الواقع فحسب (...) لتفادي التشكيك في تعييناته". وشارك اردوغان في تأسيس حزب العدالة والتنمية إلى جانب شخصيات بارزة محافظة بينها سلفه عبد الله غول، الذي لم يعاود الانضمام إلى الحزب بعد توليه رئاسة الجمهورية بين 2007 و2014.