بيروت – (الجزيرة نت): يجلس خضر شحادة جمعة في مركز "سنابل للعناية بالمسنين" في مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان يتبادل الأحاديث مع أبناء جيله، فابن السابعة والثمانين عاما كان في ريعان الشباب عندما اضطر مع عائلته وأهالي منطقته لمغادرة منزلهم في مدينة عكا تحت ضغط الهجمات الإسرائيلية عام 1948.

ومع تزايد الأخطار الصهيونية في تلك المرحلة التحق جمعة بالجيوش العربية التي قدمت من دول عدة في محاولة منها لردع الهجمات الإسرائيلية على القرى والمدن الفلسطينية، وقد شارك بفك الحصار عن عدد من القرى الفلسطينية مؤقتا لكن ظروف الحرب وحجم المؤامرة كانت أكبر بكثير ما دفعه للانتقال مع أهله وأقاربه إلى بلدة مارون الراس اللبنانية الحدودية مع وعد بالعودة إلى فلسطين بعد أيام. غير أن الأسبوع تحول إلى عقود متتالية من السنين ليستقر بهم الأمر في مخيم الرشيدية.

يستذكر الرجل الثمانيني أيام طفولته ومساعدة والده على الاهتمام بالماشية ورعايتها، ويقول إن أقارب له ما زالوا يقطنون داخل أراضي عام 48 المحتلة، وأكد أنه يعيش على أمل العودة وزيارة قبر والده في عكا ورؤية القدس، كما يتمنى أن يموت ويدفن في تراب بلده لكن بعد أن يرى إقامة دولة فلسطينية تضم جميع أبناء وطنه المنتشرين في كل بقاع الأرض، على حد تعبيره.

ويقع مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين على بعد 17 كيلومترا من الحدود مع الأراضي الفلسطينية، ويضم نحو 27 ألف لاجئ فلسطيني حسب إحصاءات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا".

وفي هذا المخيم المحاذي للبحر تسكن بيسان عامر ابنة الثالثة عشرة عاما مع ذويها حيث تتلقى علومها في إحدى المدارس هناك.

وتتحدث بيسان عن مسقط رأس أجدادها في قرية الرملة الفلسطينية الذي لم تتمكن إلى الآن من رؤيتها، لكنها تستمع دوما إلى جدتها تروي القصص والأخبار عن أرض فلسطين وهي تتخيلها خضراء تضم أنواعا من الأشجار، كما تقول.

وتشير بيسان إلى غياب التواصل مع الأقارب في فلسطين لأن معظم أهالي القرية قد غادروها بعدما دخلها الإسرائيليون أيام النكبة، لكن بيسان تحلم برؤية أرض أجدادها.

من جهتها تعرف ليلى الخطيب عن قريتها دير القاسي في قضاء عكا اشتهارها بالطبيعة الجميلة الخضراء وانتشار المزروعات في معظم أرجائها ولا سيما أشجار الزيتون والتفاح.

وتعمل ليلى -البالغة من العمر 26 عاما- في إحدى الجمعيات، وتقول إن جدها ووالدها يحدثانها دائما عن قريتهم وطبيعتها وأهلها الطيبين وعن منزل العائلة. وتحلم ليلى بالسكن في نفس المنزل الذي عاش فيه جدها، مشيرة إلى أن جدتها لا تزال تحتفظ إلى اليوم بالمفتاح والأوراق الثبوتية إضافة إلى أدوات منزلية أخرى.

وتتواصل ليلى باستمرار مع أقارب لها ما زالوا يعيشون في قرية دير القاسي ويطلعونها على أوضاعهم وأحوال القرية وتنقل عنهم ارتياحهم لبقائهم في بلدهم رغم الاحتلال.

وفي ذكرى النكبة تتطلع ليلى إلى اليوم الموعود برؤية قريتها وأقاربها، ولا تنسى طبعا أمنية الصلاة في المسجد الأقصى.

ويتمنى قاسم رحيل ابن السنوات الاثنتي عشرة الذهاب إلى بلدته طربيخا القريبة من الحدود اللبنانية، وقال إنه تعلم من والده أن إسرائيل دولة محتلة وأنه لن ينسى أبدا أن فلسطين هي وطنه الذي سيعود إليه يوما.