الرأي

وزير العمل.. هذه 'أم حسن'

تصرف الدولة -وليس وزارة العمل- مبلغ التعطل لأي شخص بحريني لم يوظّف مع بعض الشروط التي يجب أن يستوفيها الباحث عن العمل. هناك اليوم حالات إنسانية في البحرين أكبر من كونها مجرد «عمل» وهذه الحالات الإنسانية الخاصة يجب أن تتعامل معها الجهة المعنية بصرف علاوة التعطل بطريقة إنسانية وليس كبقية الحالات الأخرى.

«أم حسن» مواطنة بحرينية باحثة عن عمل مصابة بمرض السرطان منذ سنوات طويلة، وبسبب هذا المرض الفتاك فقدت إحدى كليتيها، واليوم تعيش على كلية واحدة، وبسبب مرضها العضال بدأت تداهمها مجموعة من الأمراض الأخرى ليس آخرها إصابتها بهشاشة العظام، وها هي اليوم هذه المرأة القوية الصابرة تسير على «عكازات» للمسافات القصيرة وعلى كرسي متحرك للمسافات الطويلة وليس على قدميها.

وزارة العمل الموقرة ومع الأسف الشديد تتعامل مع هذه الحالة كما تتعامل مع حالة الشاب مفتول العضلات، فالوزارة تجرجر «أم حسن» بعكازاتها وبكل عاهاتها الجسدية كل أسبوع أو أسبوعين لزيارة الوزارة من أجل صرف علاوة التعطل، وفي زيارتها الأخيرة رفضت «العمل» صرف العلاوة بذريعة أنها لم تقبل بالوظيفة الأخيرة التي عرضتها عليها الوزارة، هذه الوظيفة التي يجب أن تجلس فيها «أم حسن» من الصباح حتى المساء على كرسيها وعلى ألا يتجاوز راتبها الرئيس 250 ديناراً فقط، وأن تدبر نفسها بتوفير المواصلات الخاصة بها من بيتها للمؤسسة التي قذفتها إليها وزارة العمل، مع العلم أن المؤسسة المذكورة أرباحها الشهرية بالملايين!

يجب على أم حسن -الله يعافيها- كي تنال شرف علاوة التعطل أن تقوم بإحضار تقرير طبي حديث لإثبات أنها تعاني من كل هذه الأمراض المزمنة والقاتلة، فطلبت منها الوزارة تقريراً حديثاً وليس تقريراً قديماً. تؤكد لنا أم حسن أن عكازاتها وجرجرتها أرجلها التي تخذلها في المشي أمام كل المراجعين والموظفين الذين حفظوا «مشيتها» كل أسبوع وبصورة مذلة تعتبر أكبر شاهد على مرضها.

وزير العمل الموقر، لنا كلمة في هذا الخصوص يجب أن تستمع إليها إن كان لديكم بعض الوقت. يجب على وزارتكم أن تتعامل مع مثل هذه الحالات الإنسانية بطريقة خاصة بعيداً عن «الشحططة» والمذلة التي لا تليق بالمواطن البحريني، ففي حالة «أم حسن» الخاصة، يجب أن يقوم موظفكم أو مرشدكم بزيارتها في منزلها لأخذ المعلومات منها بشكل لا يؤلمها ويسكب ماء وجهها أمام كل المراجعين. يجب أن توفر الوزارة فريقاً خاصاً لمثل هذه الحالات الخاصة، وهو أن يقوم موظفكم -مرغماً- بزيارة الحالات الإنسانية الباحثة عن العمل دون الحاجة إلى أن تقوم «الحالة الخاصة» بزيارتكم كل أسبوع أو حتى كل شهر، بل يجب أن تقوم «العمل» بإعطاء هذه الحالات وظائف تليق بمستواهم الصحي وبشكل عاجل وبرواتب تليق بمعاناتهم الإنسانية.

في الشقيقة المملكة العربية السعودية يقوم العاطل بتسجيل تعطله «أون لاين» في العام مرة واحدة لتمرير مبلغ التعطل لسنة كاملة دون الحاجة لكل هذه التعقيدات التي تشهدها وزارتكم ودون الحاجة للزيارات الأسبوعية التافهة، أما في الحالات الخاصة فإنه من الأولى أن تكون الوزارة هي المبادرة لمتابعة ملفاتهم وعدم إهانتهم عبر رحلات الشتاء والصيف الأسبوعية وبجرجرتهم «بعكازاتهم» للحصول على مبلغ بسيط هو متوفر في خزانتكم أصلاً. وزير العمل أرجو النظر شخصياً في حالة «أم حسن» بشكل خاص وهذا أقل ما يمكن أن تقدموه لمواطنة بحرينية محترمة جداً.