مخطئ من يقول إن الحكومة بسيطرتها على قرية الدراز انتصرت على فئة من الشعب أو أن هذا الطرف أو ذاك تلقى الهزيمة على يد الحكومة، فحكومة البحرين لم تدخل حرباً ضد أي فئة من فئات الشعب البحريني وهي لا تعادي أي طرف حتى لو أخطأ وتجاوز حدوده. كل ما قامت وتقوم به الحكومة هو تصحيح أوضاع تجد أن استمرارها فيه أذى للمواطنين وللوطن وأنه لا بد من تصحيحها على اعتبار أنه لا بد من تصحيح الخطأ.

النظر إلى ما حدث في قرية الدراز مثلاً من زاوية النصر والهزيمة نظرة خاطئة، تظلم الحكومة وتظلم من اعتصموا هناك، ما حدث في الدراز هو أن البعض سعى إلى التعبير عن موقفه من حكم قضائي أو قرار حكومي بطريقة غريبة على البحرين وأهلها فقررت الحكومة وضع حد له بعدما أعطت ممارسيه الفرصة الكافية للتراجع وإعادة تقييم الموقف. وعليه فإن نجاح الحكومة في إنهاء ذلك الوضع الخاطئ لا يدخل في باب الانتصار، كما لا يدخل في باب الهزيمة اضطرار من اعتصم هناك إلى إنهاء الاعتصام. وضع خاطئ تم تصحيحه لتعود الأمور إلى طبيعتها، لا أكثر ولا أقل.

حكومة البحرين لا تعادي شعب البحرين ولا أي فئة منه كما يسعى البعض إلى ترويجه في هذه الفترة على وجه الخصوص عبر الفضائيات «السوسة» وخصوصاً فضائية «العالم» الإيرانية التي تبذل كل ما تملك من إمكانيات وجهد للترويج لهذه الفكرة. حكومة البحرين عملت على تصحيح أوضاع خاطئة لأن الاستمرار فيها يتضرر الوطن ويتضرر المواطنون وتتعطل الحياة.

حكومة البحرين مسؤولة عن الجميع، مواطنين ومقيمين وزائرين، ومن مهامها الأساسية توفير الأمن والأمان للجميع، وعليه فإن من الطبيعي أن تبذل كل ما تستطيع من جهد لتقويم كل معوج يؤثر سلباً على إيقاع الحياة في البلاد. وعندما تتمكن من ذلك فإنها لا تنظر إلى ما حققته على أنه انتصار لأنها ليست في حرب وإنما في سعي إلى تصحيح وضع خاطئ، والمفروض أيضاً ألا يعتبر من مارس الخطأ الذي تم تصحيحه أنه تلقى الهزيمة لأن الحكومة لا تسعى إلى إيقاع الهزيمة به وإنما تصحيح الوضع الخاطئ الذي صار فيه بسبب ارتكابه خطأ ما.

منطقاً لو كانت الحكومة تنظر إلى ما يجري على أنه معركة وأن الأمر يتطلب منها الانتصار فالأكيد أنها ستدخلها بكل ما أوتيت من قوة، ولو أنها دخلت قرية الدراز بهذا الاعتقاد لتم تسجيل عدد كبير من القتلى والجرحى ولتضرر كل شيء فيها، فمن طبيعة الحرب أنها لا تبقي ولا تذر. العدد المحدود من المتضررين من عملية تصحيح الوضع في قرية الدراز يؤكد أن الحكومة بذلت جهداً كبيراً كي لا يسقط عدد أكبر من الضحايا وكي ينتهي الأمر بسرعة، وهذا يؤكد أيضاً أن الهدف كان تصحيح وضع وليس تحقيق انتصار، ويؤكد كذلك أن الحكومة لا تعادي من اعتصموا في ذلك المكان، وإلا فإنها تمتلك كل ما يعينها على تحقيق النصر وإيقاع الهزيمة بالآخر.

ما يدعم هذا الرأي هو ما رشح من اجتماع وزير الداخلية الأخير مع المحافظين والذي شدد فيه على «ضرورة تحديد الأولويات التي تحتاجها القرى ومعالجة كافة أوجه القصور وإزالة المخالفات... بما يشعر المواطنين بدور الدولة وحرصها على توفير الحياة الكريمة والتجاوب مع الاحتياجات العامة» كما جاء في الخبر الذي نشر السبت الماضي، والأكيد أن هذا يشمل قرية الدراز أيضاً.

حكومة البحرين لا تعادي مواطنيها ولا تتخذ موقفاً عدائياً من أي فئة منهم ولكنها تهتم بتصحيح كل وضع خاطئ وسالب، وهذا دورها.