مبعث الصدمة التي أصيب بها الكثيرون إزاء خبر وفاة شابة عراقية في إحدى عيادات التجميل، أن العيادة من أكبر عيادات التجميل العربية وأن الطبيب الذي أجرى للمريضة جراحة استئصال دهون زائدة هو واحد من أشهر جراحي تجميل المشاهير في الوطن العربي، وأنه تقاضى من المرحومة مبلغ خمسين ألف دولار لعملية جراحية لا تكلف أكثر من ألفي دولار. ونحن لا نعرف حقيقة عدد النساء العربيات المتضررات جراء عمليات التجميل التي تنفذ في طول الوطن العربي والتي يعتريها كثير منها الفشل أو الخطأ الطبي مما يؤدي إلى حالات التشوه في الوجه أو الجسد. وبالمناسبة فإن إحدى صديقاتي المحاميات التي تترافع عن قضايا في هذا الشأن أخبرتني أن كثيراً من الأطباء أصحاب عيادات التجميل هم أطباء غير متخصصين في طب التجميل تحديدا!!.
مجادلة النساء في ميدان الجمال معركة خاسرة الرهان، ابتداء، ومحكوم على جولاتها بالهزيمة. فمنذ فجر التاريخ والمرأة تلجأ للعناصر الطبيعية في تعزيز جمالها والحفاظ عليه، ثم استعانت بالمواد الكيمياوية والمصنعة، وأخيرا هي تسلم نفسها بكل رضا لمشرط الجراح وإبره وغرزه. وكل أخبار الموت في عيادات التجميل أو التشوه أو الدخول في أعراض جانبية خطيرة لم تثن العدد المتزايد من النساء، وأغلبهن في العشرينيات والثلاثينيات من العمر، من اللجوء لأطباء التجميل من أجل إعادة نحت وجوههن، أو شفط أجزاء من أجسادهن، أو حشوها بمواد تجمع التقارير الطبية أنها مواد مسرطنة على المدى البعيد!! إنه هوس الجمال القاتل.
أحد مصادر هذا الهوس هو السطلة الذكورية التي رسمت نمطاً صارماً لصورة المرأة واختزالها في نموذج (التحفة) التي يزداد الإعجاب بها ويرتفع سعرها كلما كانت جميلة ومتقنة الصنعة. وقد ساهمت المؤسسات النسائية التقليدية (الأم، القريبات، الجارات....) في الاستسلام للتصورات الذكورية وتمجيدها والترويج لها، حتى لو تحولت المرأة إلى مادة استهلاكية، قصيرة الأمد، في وسائل الإعلام. أو قدمت حياتها قرباناً في مذبح الجمال الأسطوري.
والتصورات الذكورية التي تحتفي بـ(التحفة) وتفاضل بين النساء بناء على مقاييسها، هي وجه العملة الآخر للتصورات الذكورية التي تُخفي (التحفة) فتمنعها من كشف أي بقعة في وجهها وجسدها، وتمنع عنها كل عين عابرة للأجواء بمحض الصدفة. بل إنها تخفي المرأة بأكملها وترى أن مكانها الصحيح هو المنزل في خدمة الرجل. منطق (الإخفاء) مبعثه فكرة (الغواية) التي نسجتها بعض السرديات المقدسة والتي أفضت في بعض مقتضياتها إلى إخراج حواء لآدم من الجنة بفعل الإغواء. ووفق هذا المنطق تغدو المرأة، من حيث هي (تحفة) جميلة، مبعث خطر يسقط فيه الرجل، أو تغدو فيه، من حيث هي مركب وجداني هش، مركز ضعف تستجيب هي فيه للفتنة. وهو تصور يقوم على شيطنة المرأة نفساً وجسداً، وعلى تجريمها وتحميلها الذنوب الذكورية، وعلى التقليل من احترام كينونتها بنفس الدرجة التي يقوم عليها النموذج المسلع للمرأة والمستهلك لجمالها.
هيمنة السلطات الذكورية متحالفة مع المؤسسات النسائية في اختزال المرأة في شكلها هو الذي وزع أغلب النساء بين (الاحتفاء) بالشكل أو (الإخفاء) لهذا الشكل. وأدى إلى تواري النظر إلى قوتها العقلية والإبداعية من المخيال الجمعي، وخصوصاً في المجتمعات الأقل تحضراً التي تغيب فيها نماذج المرأة العجوز القوية مثل مارجريت ثاتشر، وإنجيلا ميركل، وإنديرا غاندي، مادلين أولبرايت، الأم تريزا، وغيرهن من النساء اللاتي لم يعتمدن ألبته على قواهن الجمالية، ولكن كن مؤثرات ومغيرات لمجرى الأحداث بقواهن العقلية والإنسانية. ولا مشكلة مع الجمال مطلقا، فهو نعمة كبيرة على الإنسان وعلى الإنسانية. ولكن المشكلة حين يتحول الجمال إلى مشكلة تخلق تجارات عديدة رابحة قد يشوبها الكثير من الغش والانتهازية والخطورة. والمشكلة أن تذعن المرأة للجانب المتطرف من الصورة النمطية التي لم تصنعها لنفسها ولكنها صنعها لها الرجل لتصب نفسها في قوالب تلك الصورة أياً كان الثمن.
مجادلة النساء في ميدان الجمال معركة خاسرة الرهان، ابتداء، ومحكوم على جولاتها بالهزيمة. فمنذ فجر التاريخ والمرأة تلجأ للعناصر الطبيعية في تعزيز جمالها والحفاظ عليه، ثم استعانت بالمواد الكيمياوية والمصنعة، وأخيرا هي تسلم نفسها بكل رضا لمشرط الجراح وإبره وغرزه. وكل أخبار الموت في عيادات التجميل أو التشوه أو الدخول في أعراض جانبية خطيرة لم تثن العدد المتزايد من النساء، وأغلبهن في العشرينيات والثلاثينيات من العمر، من اللجوء لأطباء التجميل من أجل إعادة نحت وجوههن، أو شفط أجزاء من أجسادهن، أو حشوها بمواد تجمع التقارير الطبية أنها مواد مسرطنة على المدى البعيد!! إنه هوس الجمال القاتل.
أحد مصادر هذا الهوس هو السطلة الذكورية التي رسمت نمطاً صارماً لصورة المرأة واختزالها في نموذج (التحفة) التي يزداد الإعجاب بها ويرتفع سعرها كلما كانت جميلة ومتقنة الصنعة. وقد ساهمت المؤسسات النسائية التقليدية (الأم، القريبات، الجارات....) في الاستسلام للتصورات الذكورية وتمجيدها والترويج لها، حتى لو تحولت المرأة إلى مادة استهلاكية، قصيرة الأمد، في وسائل الإعلام. أو قدمت حياتها قرباناً في مذبح الجمال الأسطوري.
والتصورات الذكورية التي تحتفي بـ(التحفة) وتفاضل بين النساء بناء على مقاييسها، هي وجه العملة الآخر للتصورات الذكورية التي تُخفي (التحفة) فتمنعها من كشف أي بقعة في وجهها وجسدها، وتمنع عنها كل عين عابرة للأجواء بمحض الصدفة. بل إنها تخفي المرأة بأكملها وترى أن مكانها الصحيح هو المنزل في خدمة الرجل. منطق (الإخفاء) مبعثه فكرة (الغواية) التي نسجتها بعض السرديات المقدسة والتي أفضت في بعض مقتضياتها إلى إخراج حواء لآدم من الجنة بفعل الإغواء. ووفق هذا المنطق تغدو المرأة، من حيث هي (تحفة) جميلة، مبعث خطر يسقط فيه الرجل، أو تغدو فيه، من حيث هي مركب وجداني هش، مركز ضعف تستجيب هي فيه للفتنة. وهو تصور يقوم على شيطنة المرأة نفساً وجسداً، وعلى تجريمها وتحميلها الذنوب الذكورية، وعلى التقليل من احترام كينونتها بنفس الدرجة التي يقوم عليها النموذج المسلع للمرأة والمستهلك لجمالها.
هيمنة السلطات الذكورية متحالفة مع المؤسسات النسائية في اختزال المرأة في شكلها هو الذي وزع أغلب النساء بين (الاحتفاء) بالشكل أو (الإخفاء) لهذا الشكل. وأدى إلى تواري النظر إلى قوتها العقلية والإبداعية من المخيال الجمعي، وخصوصاً في المجتمعات الأقل تحضراً التي تغيب فيها نماذج المرأة العجوز القوية مثل مارجريت ثاتشر، وإنجيلا ميركل، وإنديرا غاندي، مادلين أولبرايت، الأم تريزا، وغيرهن من النساء اللاتي لم يعتمدن ألبته على قواهن الجمالية، ولكن كن مؤثرات ومغيرات لمجرى الأحداث بقواهن العقلية والإنسانية. ولا مشكلة مع الجمال مطلقا، فهو نعمة كبيرة على الإنسان وعلى الإنسانية. ولكن المشكلة حين يتحول الجمال إلى مشكلة تخلق تجارات عديدة رابحة قد يشوبها الكثير من الغش والانتهازية والخطورة. والمشكلة أن تذعن المرأة للجانب المتطرف من الصورة النمطية التي لم تصنعها لنفسها ولكنها صنعها لها الرجل لتصب نفسها في قوالب تلك الصورة أياً كان الثمن.