كتب – خالد هجرس: أثارت التوجهات التشريعية لرفع سن فئة الأحداث إلى ما دون الـ18 سنة بدلاً عن اقتصارها على من هم دون الـ15 سنة، جدلاً بين مجلسي النواب والشورى اللذين تناقلا مشروعاً بقانون، مقدماً بصفته الأصلية من النواب، وسيناقش في جلسته المقبلة للمرة الثانية، يقضي بهذا الشأن. ففي حين يرى مقدمو المشروع أن الهدف منه هو «إتاحة الفرصة لأكبر شريحة من الشباب للانضمام إلى برامج إصلاحية وتأهيلية بدلاً من الزج بهم في السجون عند ارتكابهم للجريمة أو عند وجودهم في إحدى حالات التعرض للانحراف»، يذهب الشوريون من خلال رفضهم لمبدأ الفكرة إلى أن التشريع سيفسح المجال للتلاعب بعقول الشباب أكثر من ناحية انتفاء المسؤولية الجنائية عن الفئة الواقعة بين الـ15 والـ18 عاماً، وبالتالي دفعهم لارتكاب الجرائم عن طريق وسائل التحريض المختلفة بداعي أنه لا مسؤولية جنائية عليهم. وكان يقود الرأي الشوري، عضو الشورى لولوة العوضي التي قالت في مداخلتها على المشروع، بحسب مضبطة جلسة الشورى رقم 20 من الدور الأول في الفصل التشريعي الثالث الموافقة للثاني من مايو 2011، إن «رفع السن معناه عدم معاقبة من هم فوق 15 سنة حتى بلوغهم سن 18 سنة، على أي جرم يرتكبونه حتى لو كانت التهم الموجهة إليهم هي القتل العمد»، لافتةً «في أمريكا، إذا تكلمنا عن اتفاقية الطفل، يُعدم الحدث حتى لو لم يتجاوز سن 15 سنة إذا ارتكب جرائم القتل العمد والجرائم الكبيرة كالسرقة بإكراه أو السطو المسلح». ونبهت إلى الجرائم السابقة بقولها «بحسب الدراسات، كل هذه الجرائم لا يقوم بها إلا الذين لم يتجاوزوا سن الـ15 و18سنة، لأنهم فئة من السهل الاستئثار بهم والاستحواذ على عقليتهم». وأكدت العوضي أن «مَنْ اُستخدِم في أحداث البحرين هم دون 15 و18 سنة»، مشددةً «إذا كنا نريد أن نرفع سن الحدث إلى 15 سنة بدون مجابهة هذه الواقعة فسندفع بالأطفال إلى مزيد من ارتكاب الجرائم، وإلى تشجيع من يقف وراءهم وتحريضهم على ارتكاب الجرائم». وعن القول إن اتفاقية الطفل التي صادقت عليها المملكة ألزمتها برفع سن الحدث إلى 18 سنة، ردت «لم تحدد الاتفاقية سن الطفولة تحديداً إلزامياً وإنما تركته تبعاً للقوانين الوطنية»، مبينةً «سن الطفل في البحرين يختلف تبعاً للقوانين الخاصة كسن الزواج وسن التجارة وسن العمل وسن المساءلة الجنائية». وأشارت إلى أن «المشرع التونسي أخذ بهذا المنحى وأن المشرع المصري اكتشف خطأه في رفع سن الحدث، ولذلك يعمل على تخفيضه «لأنهم اكتشفوا أن المنظمات الإجرامية في مصر تدفع بهذه الفئة من الأطفال إلى ارتكاب الجرائم وتنجو من العقاب». وكان رأي لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني الشورية يؤكد أن «هناك تعارضاً بين كل من التعديل المقترح للمادة الأولى من قانون الأحداث ونصوص قانون العقوبات رقم 32 -70 -71 المعنية بانتفاء المسؤولية الجنائية والأعذار المخففة لها». ولكن، المستشار القانوني لشؤون لجان النواب د.شعبان رمضان، والذي أخذت برأيه لجنة الشؤون الخارجية والأمن الوطني النيابية، أكد أن لا صحة لهذا الرأي بسبب أن «المادة 32 من العقوبات تتحدث عن انتفاء المسؤولية عمن تقل سنه عن 15 سنة ولا علاقة لها برفع سن الحدث إلى 18 سنة، حيث تنص المادة على أنه «لا مسؤولية على من لم يجاوز الخامسة عشرة من عمره حين ارتكاب الفعل المكون للجريمة، وتتبع في شأنه الأحكام المنصوص عليها في قانون الأحداث». وأضاف «المادة 70 تتحدث عن الأعذار المخففة ومن بينها عذر صغر السن ما بين 15 إلى 18 سنة، حيث تنص على أنه «مع مراعاة الحالات التي نص عليها القانون يعد من الأعذار المخففة كذلك حداثة سن المتهم الذي جاوز الخامسة عشرة ولم يتم الثامنة عشرة...»، متابعاً «المادة 71 تتحدث عن تخفيف العقوبة من الإعدام إلى السجن المؤبد أو الحبس، ومن السجن المؤبد أو الحبس إلى عقوبة الجنحة إذا توافر عذر مخفف، حيث تنص تلك المادة على أنه «إذا توفر عذر مخفف في جناية عقوبتها الإعدام نزلت العقوبة إلى السجن المؤبد أو الحبس لمدة سنة على الأقل، فإن كانت عقوبتها السجن المؤبد أو الحبس نزلت إلى عقوبة الجنحة، وذلك ما لم ينص القانون على خلافه». وعلق على النصوص السابقة بقوله «إذا ارتكب الحدث الذي لا تزيد سنه عن 18 سنة جناية، فإنه تطبق عليه عقوبات مخففة ولن يفلت من العقاب، لاسيما إذا كانت الجريمة المرتكبة تمثل جريمة إرهابية، حيث يمكن للقاضي أن يطبق في تلك الحالة نصوص قانون الإرهاب باعتباره قانوناً خاصاً تقيد أحكامه نصوص قانون العقوبات، لأن الخطاب بشأن تعديل سن الحدث موجه هنا للقاضي في تطبيقه للقواعد القانونية». وخلص إلى «عدم وجود تعارض بين القوانين في حال تعديل سن الحدث إلى 18 سنة»، مفترضاً «لو وجد هذا التعارض فهو بمثابة تعارض بين نصوص قانونية، وليس بين نص قانوني ونص في الدستور، ومن المُسلَّم به أن رفض مشروعات القوانين من حيث المبدأ تكون حال تعارضها مع نصوص الدستور، وليس حال تعارضها مع نصوص قوانين مساوية لها في الدرجة والمرتبة القانونية لأنه في تلك الحالة تطبق قاعدة أن حكم النص القانوني اللاحق ينسخ حكم النص القانوني السابق إذا أعيد تنظيم الموضوع ذاته الذي يتناوله النص القانوني السابق». وقد بينت وزارة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية رأيها «البعيد عن المسائل القانونية» بقولها إن المشروع وما سيُلحقه من تعديلات على المنشآت من ناحية القدرة الاستيعابية وإعادة التنظيم الهيكلي والوظيفي للمنشآت الخاصة بالأحداث والبرامج التأهيلية للشريحة العمرية ما بين الـ15 والـ18 سنة، يتعين «لزوم زيادة الأعباء المالية، الأمر الذي يتطلب إضافة أعباء مالية جديدة على ميزانية الدولة».