أ ف ب
بدأت القوات العراقية الأحد اقتحام المدينة القديمة في الشطر الغربي من الموصل في شمال العراق، سعيا لطرد آخر مقاتلي تنظيم داعش المتحصنين فيها، بعد ثلاث سنوات من حكم "الخلافة".
وقال قائد عمليات "قادمون يا نينوى" الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله في بيان إن "قوات الجيش ومكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية، تشرع باقتحام المدينة القديمة" في غرب الموصل.
بدوره، أكد أحد قادة قوات مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي لوكالة فرانس برس أن "الهجوم على المدينة القديمة قد بدأ".
وفي هذا الإطار، أوضح ضابط من قيادة عمليات "قادمون يا نينوى" أن "الضربات الجوية التمهيدية بدأت عند منتصف الليل تقريبا. بدأت قوات الأمن باقتحام أجزاء من البلدة القديمة فجرا".
وكان صوت المدافع الرشاشة مسموعا، فيما ارتفعت أعمدت دخان الصواريخ في سماء المدينة القديمة.
ولكن على الضفة الأخرى لنهر دجلة، في شرق الموصل، تواصلت الحياة اليومية بشكلها المعتاد تقريبا اذ يشق المتسوقون والطلاب والعمال طريقهم وسط الازدحام المروري.
وأشار محللون مرارا إلى أن المدينة القديمة ستكون المرحلة الأصعب من العملية، نظرا إلى شوارعها الضيقة ومنازلها المتلاصقة التي بنيت قبل أكثر من مئة عام.
وقال ضابط لفرانس برس طلب عدم كشف هويته إن "القوات العراقية تحاول الاختراق، لكن المقاومة شرسة وداعش بنى خطوط دفاع قوية".
وللمدينة القديمة أهمية رمزية لدى الإرهابيين، إذ أنها تضم جامع النوري الكبير المسجد الذي شهد الظهور الوحيد لزعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي في يوليو 2014، حيث أعلن إقامة "الخلافة" في مناطق واسعة من سوريا والعراق.
وبسيطرة القوات الأمنية على المدينة القديمة، يخسر تنظيم داعش كامل الموصل، آخر أكبر معاقله في شمال العراق.
وكانت القوات العراقية بدأت في أكتوبر الماضي أكبر عملية عسكرية يشهدها العراق منذ سنوات، لاستعاد السيطرة على الموصل. فاستعادت الجزء الشرقي من المدينة في يناير، وأطلقت عملية الجزء الغربي في فبراير.
مدنيون عالقون
أعلنت الأمم المتحدة الجمعة أن أكثر من مئة ألف مدني عراقي محتجزون لدى مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية كدروع بشرية في الموصل القديمة.
وقال ممثل مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في العراق برونو جدو إن تنظيم داعش يحتجز المدنيين خلال معارك خارج الموصل، ويرغمهم على التوجه إلى المدينة القديمة.
وأوضح جدو للصحافيين في جنيف أن "أكثر من مئة ألف مدني قد يكونوا محتجزين في المدينة القديمة".
وأضاف "نعرف أن (مقاتلي) تنظيم داعش اقتادوهم معهم عندما رحلوا (...) عن مواقع كانت تشهد معارك".
وتابع أن "هؤلاء المدنيين محتجزون كدروع بشرية في المدينة القديمة".
وشدد الممثل الأممي على أن هؤلاء المدنيين المحرومين من المياه والغذاء والكهرباء يعيشون في "ظروف يتزايد فيها النقض والرعب"، مشيرا إلى أنهم "محاطون بالمعارك من كل جهة".
ومنذ انطلاق العمليات العسكرية قبل ثمانية أشهر، نزح نحو 862 ألف شخص من الموصل، عاد منهم نحو 195 ألف، معظمهم إلى مناطق شرق الموصل.
وشكل سقوط الموصل الهزيمة الأقسى التي لحقت بالقوات العراقية في حربها ضد المسلحين. ومن شأن استعادة المدينة ان يشكل تحولاً كبيراً في مسيرة هذه القوات التي استسلمت سريعاً في 10 يونيو 2014 رغم تفوقها عددياً على الجهاديين.
ولكن مذاك الحين، استعادت القوات العراقية مناطق عدة كانت بيد المسلحين، بينها ثلاث مدن، وتمكنت من السيطرة على معظم مدينة الموصل.
وتأتي هذه العملية أيضا، بينما يضيق الخناق على مقاتلي تنظيم داعش أيضا في الرقة، معقلهم في سوريا، الذي دخلته قوات سوريا الديموقراطية، وهي تحالف عربي كردي معاد للمسلحين تسانده الولايات المتحدة.