أكدت عدد من المهندسات البحرينيات في اختصاصات هندسية مختلفة أن المرأة البحرينية المهندسة نجحت في الدخول في وقت مبكر في اختصاصات هندسية صعبة مثل هندسة البترول والإنشاءات والبنية التحتية.
وأشرن إلى أهمية الجهود الوطنية التي تبذل من أجل تعزيز حضور المرأة المهندسة في مختلف المجالات، وتذليل التحديات أمامها، وتمكينها من الوصول إلى المراكز القيادية، لافتين في هذا السياق إلى أهمية المخرجات المنشودة من تخصيص المجلس الأعلى للمرأة يوم المرأة البحرينية هذا العام للاحتفاء بالمرأة في القطاع الهندسي.
أول مهندسة بترول
وتقول ليلى جناحي، وهي أول مهندسة بحرينية تدخل العمل في مجال النفط والغاز من خلال شركة بابكو في تسعينات القرن الماضي إنه لا يوجد مجال هندسي استعصى على المرأة البحرينية دخوله وإثبات جدارتها فيه، بما في ذلك المجالات الصعبة والقاسية جدا مثل العمل في حقول النفط.
وتضيف أنها عملت في بداية عملها في حقل البحرين للنفط في منطقة الصخير، وكان ذلك يتطلب منها الذهاب يومياً إلى معاينة آبار النفط وأنابيب نقله والتأكد من سير العمل.
وتتابع: "في كثير من الأحيان كانت طبيعة العمل تتطلب العمل الليلي نتيجة حدوث عطل هنا أو هناك داخل الحقل، وكنت أسرع إلى مكان هذا العطل لإصلاحه دون تلكؤ، وأعمل إلى جانب المهندسين زملائي يدا بيد على ضمان استمرار تدفق النفط الذي كان ولا زال يشكل عصب الاقتصاد، وهذه مسؤولية كبيرة لي شرف تحملها".
وأضافت جناحي أن عملها في هذا المجال كان في بادئ الأمر محل استغراب واستهجان من زملائها، مشيرة "أصبحنا نرى الآن عدداً لا بأس به من المهندسات البحرينيات في مجال النفط والغاز، وهذا بات أمراً طبيعيا، خاصة وأن منطقة الصخير أصبحت قريبة من السكن، فيما كانت نائية جداً في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، كما أصحبت متطورة وفيها الكثير من الطرق والنقاط المنارة بالكهرباء، وأصبح التنقل فيها سهلاً باستخدام الهاتف النقال والـGPS، فيما كنا نستخدم في الماضي الخرائط الورقية للوصول إلى آبار النفط".
وتتابع المهندسة جناحي حديثها بالقول إنها قامت في العام 2006 بالتخصص في البيئة بعد أن حصلت على ماجستير في هذا المجال، وانتقلت للعمل داخل الشركة المسؤولة عن حقل البحرين والتي أصبح اسمها "تطوير" في قسم البيئة والصحة والسلامة، وتشير في هذا الصدد إلى أنه كونها امرأة كان لديها إحساس عالي بالمسؤولية تجاه البيئة، وأهمية المحافظة عليها وضمان سلامتها.
رئيسة لدائرة المناقصات بوزارة الأشغال
وتشير المهندسة مريم اليحيى، وهي مهندسة متقاعدة من وزارة الأشغال بعد أن شغلت منصب مديرة إدارة هندسة التكاليف، إلى أن المهندسة البحرينية كانت في تحدٍّ دائم من أجل أن إثبات نفسها ووجودها وجدارتها، حالها في ذلك حال المرأة البحرينية العاملة في كل المجالات، وتؤكد أن المهندسة البحرينية وصلت لمراكز قيادية لا بأس بها في القطاعين العام والخاص لا بأس فيها، وتقول "كنت مديرة لإدارة هندسة التكاليف في وزارة الأشغال، وهي الإدارة المسؤولة عن إعداد مناقصات جميع مشاريع البنية التحتية والإنشاءات الحكومية".
وتؤكد اليحيى أن طموح المرأة البحرينية لا يحده حد، وهي دائماً تتطلع وتعمل للبناء والإنجاز على مستوى البحرين والخليج أيضاً، وتقول "مع تأسيس المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة جلالة الملك المفدى بدأت بوادر نهضة متسارعة للمرأة البحرينية في جميع المجالات"، وتضيف "أخص بالذكر مناسبة يوم المرأة البحرينية، وأثرها في دعم المرأة في احد المجالات، وأتطلع إلى مخرجات مهمة جداً من تخصيص هذا العام للمرأة في المجال الهندسي".
وكيل مساعد
وفي وزارة الأشغال ذاتها وصلت المهندسة البحرينية عفت رضا إلى منصب وكيل مساعد قبل أن تتقاعد، وهي تؤكد أنها تدرجت في السلم الوظيفي بعد أن بذلت جهودا مضنية.
وتشير رضا إلى أن على المهندسة البحرينية نفسها أن تثبت كفاءتها وجدارتها بما يضمن وصولها للمناصب القيادية العليا، لكنها تؤكد أيضاً أهمية المزيد من النضج لوعي وعقلية المسؤولين وتقبلهم لتطور المرأة، إضافة إلى المضي قدما في عملية تكريس مبدأ تكافؤ الفرص التي يقودها المجلس الأعلى للمرأة.
"نفخر بأن رئستنا في بتلكو مهندسة"
المهندسة شذى الوسواسي كانت ثالث مهندسة بحرينية تعمل في مجال الاتصالات في شركة بتلكو، تقول إن البداية -قبل نحو عشرين عاماً- كانت صعبة جداً، خاصة مع اضطرارنا للعمل ساعات طويلة، والمناوبات الليلية، والاستجابة للحالات الطارئة الكثيرة التي يتطلبها العمل، وتضيف "لكن تمكنا من إثبات وجودنا وتجاوز تلك التحديات"، وتتابع "كنا في تحد دائم، وكنا مصرين على إثبات أنفسنا أمام زملائنا ورؤسائنا المهندسين الرجال، وتلبية طلباتهم بجدارة".
وتشير إلى أن "مجال الاتصالات هو واحد من المجالات التي شكلت في بداية الأمر تحدي امام المرأة، خاصة وأننا خريجات هندسة كهربائية من جامعة البحرين، وتخصصنا في الاتصالات، ودرسنا مواد كالراديو والتلفون والمايكرويف، ثم توظفنا في بتلكو التي كانت شركة الاتصالات الوحيدة آنذاك".
وتضيف أن ظروف عمل المرأة في بتلكو تحسنت كثيراً الآن، وذلك تزامناً مع تطور المجتمع وجهود المجلس الأعلى للمرأة، وتقول "في التسعينات لم يكن المجتمع يتقبل عمل المرأة كثيراً، وخاصة في مجالات مثل الهندسة، وحينها كان العمل يتطلب منا الخروج إلى المواقع ومعاينة التجهيزات وتبديل الكابلات، أما الآن فقد أصبحت أدير العمل من خلال الكمبيوتر، واصبح العمل مكتبياً أكثر"، وتتابع "الآن وصلنا إلى ثلاثين مهندسة في قطاع الموبايل في قسم الهندسة ببتلكو، وزادت فرص تعيين النساء عندنا".
وتختم شذى حديثها بالقول "يكفي فخراً أن رئيستنا في بتلكو امرأة، هي المهندسة منى الهاشمي، وهذا دليل على جدارة المرأة البحرينية في القيادة وتحمل المسؤولية".
أهمية حضور المهندسة في دوائر القرار
وترسم المهندسة سيما اللنجاوي، قصة نجاح أخرى للمهندسة البحرينية، فهي مهندسة متخصصة في المساحة في الأراضي والعقارات معتمدة من البنك الدولي، تقول "أعمل في مجال الاستشارات الهندسية العقارية في البحرين ودول الخليج العربي، وخاصة في مجال التخطيط العمراني والبنية التحتية وتقسيمات الأراضي والخرائط الطبوغرافية والمسح الجوي والبحري وتطبيقاته، ورفع قواعد نظم معلومات واضحة عن النبينة التحتية والتي يبنى عليها التطوير العمراني".
وتؤكد اللنجاوي أن نجاح المرأة البحرينية بشكل عام والمرأة المهندسة بشكل خاص ناتج عن عملها الدؤوب وقناعتها أنها يجب أن تعمل أربع مرات أكثر من الرجل حتى تضمن تميزها، وتقول "نرى الكثير من المهندسات في مواقع العمل، ومن بينهن ما يمكن أن نسميهن بصانعات قرار هندسي بكل معنى الكلمة".
وتعرب عن أملها في أن تتمكن المرأة البحرينية من مواصلة نجاحاتها والوصول إلى أعلى المناصب، وتقول "يجب أن يكون حضور المهندسة البحرينية أساسياً في دوائر صناعة القرار، ليس في المجال الهندسي فقط، وإنما في مجلسي النواب والشورى والمجالس البلدية وغيرها، وذلك وبما يسهم في تطوير البلد عمرانياً واقتصادياً".
لمسات أنثوية على الطابع العمراني للبحرين
إلى ذلك تؤكد المهندسة الإنشائية غادة المرزوق، صاحبة مكتب جميل خلفان - مهندسون معماريون، أن المهندسة البحرينية تركت وتترك بصمتها على كثير من النواحي العمرانية والإنشائية في مملكة البحرين، وتشير إلى أن المرأة تبرز إبداعاتها في مجال الهندسة المعمارية بطريقة لا تضاهى.
وعملت المهندسة المرزوق في وزارة الأشغال لنحو 21 سنة، ثم انتقلت منذ العام 2005 للعمل في القطاع الخاص، تقول "أنا شخصياً أحب عملي كثيراً، وتنتابني سعادة كبيرة وأنا أرى رسوماتي على الورق وقد تحولت لمشاريع قائمة، وأشعر بسعادة غامرة كلما مررت من أمام أحد المشاريع أو البيوت التي قمت بتصميمها على مدى السنوات الماضية".
لكنها تشير إلى صعوبة التحديات التي تفرضها متطلبات العمل الهندسي على المرأة، وتقول "يتطلب العمل الهندسي الميداني لباسا خاصا، يكاد يكون مشتركاً بين الرجال والنساء والعمال، كما أن الوجود في مواقع المشاريع من أجل متابعة التنفيذ يحمل في طياته تحديات مواجهة العوامل البيئية من حرارة عالية وكثبان رملية والسير بين مواد البناء وصعود الأبنية قيد الإنشاء"، لكنها تضيف "لا أعتقد أن كل ذلك أعاق المرأة البحرينية المهندسة عن تحقيق النجاح في هذا الميدان المهم".
مجالات هندسية كثيرة أمام المرأة
لكن بالمقابل تشير المهندسة المدنية شهربان شريف، المدير الإداري لمكتب استشارات معمارية تحت اسم "مركز الهندسة" إلى أنها لم تواجه منذ تخرجها من جامعة أمريكية وبداية عملها في الهندسة قبل نحو 29 سنة أي مشكلة لتقبل الرجل لها، بما في ذلك المقاولين وزملاءها المهندسين.
وتشير إلى أن المهندسة البحرينية تشكل نموذجا للمرأة البحرينية القادرة على مواجهة ظروف العمل الصعبة، والحفاظ في نفس الوقت على مهمتها الأساسية في بناء الأسرة، وأضافت أيضا إلى أن الجيل الجديد من الفتيات أمامه مجالات هندسية عديدة وجديدة، من بينها الهندسة الإلكترونية والكيميائية والتصميم الداخلي وحتى هندسة الطيران، فيما كانت الهندسة سابقا محصورة في الهندسة المدنية والمعمارية.
وفي الاتجاه ذاته تشير المهندسة فرح الحلواجي، اختصاص هندسة كيميائية، إلى أن دراسة الهندسة تفتح كثيراً من المجالات أمام المرأة حتى خارج نطاق العمل الهندسي، خاصة وأنها تعلم التفكير والتخطيط والتنفيذ، وتؤكد أن المهندسات البحرينيات قطعن شوطاً كبيراً في طريق إثبات ذواتهن، وهن مطالبات بمزيد من العمل من أجل تحقيق المزيد من النجاحات.