فريق التحقيق:

بيروت - براءة الحسن

لندن - محمد المصري

روما - أحمد صبري

كأس العالم تبتعد عن قطر

ألقت الأزمة الخليجية التي اندلعت مؤخراً، التي تمثلت في قيام السعودية والبحرين والإمارات إلى جانب مصر بقطع علاقاتها السياسية مع قطر واتهمتها بدعم «الإرهاب» بظلالها على ملف استضافة قطر لكأس العالم 2022.

وليس من شك أن هذه الأزمة ستؤثر بشكل كبير على تنظيم قطر للمونديال بالنظر إلى حجم ومكانة هذه الدول إقليمياً ودولياً، فالمقاطعة سيكون لها أضرار سلبية، تتمثل في الحظر الجوي المفروض على الدوحة من قبل الدول الخليجية، ما سيعقد من توافد الجماهير، إذ كانت التوقعات تُشير إلى استقبال قطر لنحو 7 ملايين مشجع لمتابعة البطولة، لكن بسبب الحظر الجوي من وإلى قطر خليجياً سيؤثر على حركة الطيران، وسيزيد من مدة الرحلات والتكدس.

الأمر الثاني أن قطر كانت تخطط للاستعانة بالدول المجاورة كالإمارات والبحرين لاستضافة جزء كبير من الجماهير سواء بمشروع الربط الخليجي (المترو) أو جسر المحبة (المقترح) بين البحرين وقطر، لعدم قدرتها على استيعاب كل العدد القادم لمتابعة كأس العالم، ناهيك أن الدول المقاطعة قد تقرر عدم المشاركة في البطولة إن تأهلت لها في ظل تلك القطيعة.

إنجلترا لا تنفي سعيها لاحتضان مونديال 2022

لويزا لـ extra sport: سحب المونديال "افتراضي".. وسيكون لنا موقف قريباً

هدوء يسبق العاصفة

يصف المراقبون أن إنجلترا ستسغل الأزمة السياسية الخليجية بكل قوة ، وهي التي فشلت في سباق تنظيم مونديال 2018 على حساب الدب الروسي. ما دغع الانجليز لقيام حملة دعائية كبيرة حول وجود شبهات فساد واضحة في ملفي 2018، 2022. اليوم ورغم الهدوء الذي يتخذه الإنجليز فإن ذلك سيكون بمثابة هدوء يسبق العاصفة بشأن إمكانية سعيها لاستضافة المونديال بدلاً من قطر، خاصة أن قارتي أوروبا وأمريكا سيساندونها بقوة لتجنب مسألة إقامة المونديال في منتصف الموسم ( ديسمبر ) .اللافت إن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم لم يعلن سعيه بشكل علني، لكنه لم ينفِ عدم سعيه من جهة أخرى، وقالت لويزا فيناس، وهي متحدثة باسم الاتحاد الإنجليزي لـ eXtra sport «سيناريو سحب تنظيم المونديال من قطر افتراضي حتى الآن، ولذلك ليس لدينا أي تعليق عن الأمر حتى الآن، لكن سيكون لنا موقف وسنعلنه قريباً».

ليست هذه الأزمة الأولى..!

لا يختلف إثنان أن هذه ليست الأزمة الأولى التي تواجهها قطر في مساعيها لاستضافة المونديال، فقد سبق وواجهت اتهامات بشراء أصوات للفوز باستضافة البطولة، إضافة لسوء معاملة العمال الأجانب في مواقع إنشاء الملاعب الجديدة، فضلاً عن مشاكل الطقس حيث ازدادت مخاوف من أن كأس العالم قد يقام في درجات حرارة مرتفعة للغاية في يونيو، وهو ما جعل الـFIFA يدرس إمكانية تغيير موعد البطولة إلى نوفمبر وديسمبر، على الرغم من أن هذا التاريخ يتزامن مع منتصف موسم الدوريات الأوروبية.

هل تنتهي القضية عند السحب؟

من الناحية العملية يمكن أن تخسر قطر شرف تنظيم المونديال، لأن هناك وقت طويل قبل إقامة البطولة (5سنوات)، وخلال تلك الفترة من الممكن إيجاد بديل، مثل الولايات المتحدة، التي كانت تنافس قطر على التنظيم.

اسم الولايات المتحدة رشحه الصحفي الإيطالي فاليرو التابع لصحيفة لاغازيتا ديلو سبورت الإيطالية في تصريحات خاصة لـ extra sport، حيث قال «أعتقد أن الولايات المتحدة هي الأقرب لأسباب كثيرة، على رأسها أنها كانت منافس قطر على تنظيم البطولة كما أن قارة أمريكا الشمالية لم تستضف البطولة منذ سنوات طويلة عكس باقي القارات، حيث كانت نسخة 1994 التي أقيمت في أمريكا هي الأخيرة للقارة .

ووفق ذلك قد تسحب الولايات المتحدة وكندا والمكسيك الملف الثلاثي المشترك لتنظيم مونديال 2026 في حال نالت تنظيم مونديال 2022، ولكن قد تضم معها المكسيك وكندا في إحتضان الحدث العالمي.

ولكن يبدو في حال سحب كأس العالم من قطر فإن قارة آسيا ستتمسك بإقامة المونديال على أراضيها الشاسعة في ظل نظام المداورة التي يتبعه الـ FIFA، وعلمت extra sport في هذا الإطار أن الصين ستدخل بقوة على ساحة التنظيم، وهي تملك الإمكانيات التي تؤهلها لتنظيم أي حدث عالمي كبير. كما ليس من المستبعد جداً أن تتقدم عدة دول آسيوية بملف تنظيم مشترك وهي الخطوة التي يشجعها الفيفا لأجل حسم نسخة 2022 المثير للجدل.

وبحسب السيناريو السابق، لا يمكن لقطر سوى اللجوء إلى القضاء من أجل الطعن على قرار الـ FIFA ( في حال حدث ذلك)، وإن نجحت في كسب المعركة القضائية، فالـFIFA سيصبح معرض لعقوبات وغرامات مالية كبيرة تتمثل في تعويض لقطر عن ما أنفقته في مساعيها لاستضافة المونديال، وهو ما يعني إفلاس أكبر منظومة عالمية لكرة القدم بشكل كبير.

أستراليا تحدد موقفها

كانت أستراليا ضمن الدول التي تتنافس مع قطر من أجل استضافة مونديال 2022، وقد رجحت تقارير أنها ستكون مرشحة للحصول على شرف تنظيمها إن قرر الفيفا سحبه من قطر. لكن المفاجأة جاءت على لسان، جون كينت، وهو رئيس الاتصالات والشؤون المؤسسية في الاتحاد الأسترالي، الذي أكد في تصريح مقتضب لـ eXtra sport «أستراليا لا تسعى لاستضافة المونديال إن سحب من قطر!».

عامل الوقت

تفصلنا 5 سنوات عن موعد إقامة البطولة في قطر، وخلال تلك الفترة الطويلة قد تحل كافة المشاكل السياسية، في الوقت نفسه تسعى قطر لإطالة أمد أي قرار حتى يصعب على الـ FIFA إمكانية سحب البطولة، إذ سيكون من المعقد للغاية إيجاد بديل في فترة زمنية قصيرة.

FIFA يراقب دون تأييد وبند 85 صريح وواضح

لعل ما يزيد الشكوك حول سحب تنظيم المونديال من قطر، هو البيان المتقضب الذي أصدره الـ FIFA عقب إعلان بعض الدول الخليجية والعربية قطع العلاقات مع قطر، حيث قال فيه «إنه على اتصال باللجنة المنظمة لمونديال 2022، وليست لدينا أي تعليقات أخرى في الوقت الحالي». البيان يعطي دلالات واضحة أن الـ FIFA لم يعلن في ذلك الوقت التأكيد المطلق على إقامة المونديال في البلد الخليجي الصغير كما جرت العادة .. ولعلها بداية لدخول نفق مظلم يدفع ثمنه الجانب القطري إن استمرت الأزمة ولم تلبِ الدوحة مطالب الدول المقاطعة لها وأهمها قطع علاقاتها مع كافة التنظيمات الإرهابية والطائفية والأيديولوجية.

لكن رئيس اتحاد كرة القدم الألماني، راينهارد غريندل، ذهب أبعد بكثير من بيان الـ FIFA ، حيث قال في مقابلة مع موقع DFB الإلكتروني : «لا تزال هناك 5 سنوات قبل انطلاق مونديال قطر، ويمكن أن تُحل كل الأمور السياسية».

وأضاف بشكل واضح «لكن هناك شيء واحد مؤكد تماماً، من حيث المبدأ، يجب على المجتمع الكروي في العالم كله الموافقة على رفض إقامة البطولات الكبرى في الدول المتورطة في دعم الإرهاب !».

سحب التنظيم بحسب لوائح الـ FIFA

اللجنة التنفيذية للـ FIFA هي الجهة الوحيدة التي يمكنها سحب التنظيم. وبحسب البند رقم 85 من لائحة الاتحاد الدولي، فالأخير يمكنه سحب تنظيم البطولة من أي دولة في حال توافرت «ظروف غير متوقعة أو قوة قاهرة»، وهو بند عام لم يوضح ماهية تلك الظروف أو القوة، وهو ما يمكن تطبيقه على قطر.

تاريخ سحب تنظيم المونديال

لم يشهد تاريخ مسابقات كأس العالم تغيير مكان إقامته سوى مرة واحدة، وحدث ذلك في نهائيات 1986، عندما اعتذرت كولومبيا عن استضافة البطولة، وتم إسناد التنظيم إلى المكسيك، لكن ذلك كان لوجود أزمة اقتصادية في كولومبيا، أما في قطر فالأمر أصعب إذ إنها أزمة سياسية من الدرجة الأولى.

قطر تَلوي ذراع إنفانتينو بصفقة الطيران!

سيكون رئيس الـ FIFA الحالي جاني إنفانتينو في موقف صعب حيال السيناريوهات المقبلة، وهو لا يزال يدفع ثمن أخطاء مواطنه وسلفه سيب بلاتر .

ورغم أن مصير إقامة كأس العالم 2022 سيكون لدى اللجنة التنفيذية ، بيد أن الرجل الأصلع لديه قوة تأثير على اللجنة ولكن ليس بقوة بلاتر العجوز الداهية.

صعوبة السيناريوهات تكمن في العقود الضخمة التي أبرمها الـ FIFA مع شركة الخطوط الجوية القطرية، ويتضمن رعاية الشركة كأسي العالم 2018 في روسيا و2022 في قطر.

ولم يتناول الـ FIFA في بيانه القيمة المالية للعقد، لكنه تحدث «عن إحدى أكبر الاتفاقيات التجارية في الرعاية الرياضية على المستوى العالمي».

وتتولى الخطوط الجوية القطرية بموجب العقد رعاية كأس القارات 2017 وكأس العالم في روسيا 2018، وكأس العالم للاندية وكأس العالم للسيدات في فرنسا 2019، إلى كأس العالم في قطر 2022.

وكان الاتحاد الدولي خسر بعد مونديال البرازيل 2014 شركتين راعيتين كبيرتين هما سوني وطيران الإمارات، ولم يتمكن من تعويضهما إثر أزمة الفضائح التي لاحقته منذ 2015. وهو أعلن في 7 أبريل الماضي خسارة تراجع احتياطه المالي. إلا أنه أشار إلى التعويل على مونديال روسيا لزيادة الأرصدة.

ووفقاً لمصدر مقرب من الاتحاد الدولي، فإن اتفاقية الرعاية مع الخطوط الجوية القطرية بدأت مناقشتها في عهد الرئيس السابق الموقوف جوزيف سيب بلاتر، بعد نيل قطر استضافة مونديال 2022. إلا أنه لم يتم التوصل إلى إنجاز الاتفاقية رسمياً في عهد بلاتر، بسبب المشاكل التي صاحبت انتقادات منظمات دولية لظروف العمال الأجانب في ورش العمل الخاصة بملاعب المونديال بقطر.

ويبقى السؤال، هل يتمكن الـ FIFA من الوقوف في وجه الإغراءات المالية القطرية بسحب البطولة، حيث من المؤكد أنه سيتم فسخ العقد مع الجوية القطرية ؟ لكن إنفانيتينو قد يقطع اليد الملتوية بصفقات أخرى من شركات طيران وما أكثرها!..