فاطمة خليل
أكد أستاذ الملحق على كلية الدفاع الوطني الإماراتية، د.بدر الشاطري أن الأزمة مع قطر لها تأثيرات سياسية أعمق من التأثير العسكري وفي تشكل انشقاق سياسي كبير بين دول مجلس التعاون الخليجي.
وأضاف في لقاء مع "الوطن"، أن التواجد العسكري التركي في قطر، وإن كان سيخل بموازين الأمن في الخليج العربي، فهو مهم جداً من الناحية الرمزية أكثر منه كقوة مقاتلة تستطيع توفير الأمن لدولة قطر، حيث تكمن أهمية التواجد العسكري التركي للتأثير على من يفكر بعمل عسكري ضد قطر بأنه سيستعدي تركيا أو قد يشتبك مع قواتها ما سيؤدي إلى مواجهة مع تركيا".
التداعيات العسكرية للأزمة الخليجية
وعن الحديث عن القوات الأمريكية وقاعدتها في قطر، وآفاق انسحاب الأمريكان منها، بيّن الشاطري حجم التناقض الواضح في توجه واشنطن نحو الأزمة القائمة بين بعض دول الخليج وقطر، بقوله "في حين أن البنتاغون يحاول المسك بالعصا من الوسط، يصرح البيت الأبيض عبر تغريدات الرئيس باتهام قطر بدعم الإرهاب، وعلى ما يبدو فإن وزارة الدفاع والخارجية تثمن القاعدة الجوية في العديد والتي تستطيع من خلالها نشر قوتها العسكرية في المنطقة".
ولفت إلى أن قاعدة العديد هي القاعدة الأهم للولايات المتحدة لمحاربة "داعش" وبنى على هذا الرأي شكه العميق في أن تنحو الولايات المتحدة للتفكير في الوقت الراهن بالانسحاب من قطر في خضم الحرب على الإرهاب.
وأكد الشاطري، أن التداعيات العسكرية للأزمة السياسية بين قطر وبعض دول الخليج العربي، لا تعدو على العلاقات الخارجية وحدها، ففي الداخل الخليجي هناك درع الجزيرة الذي بات يعيش مستقبلاً غامضاً في ظل التحولات الجديدة الطارئة، وقد أشار الشاطري إلى أن "درع الجزيرة يمثل الذراع العسكري لدول مجلس التعاون الخليجي، والذي لعب دوراً مهماً في بعض المحطات الخليجية، مثل تحرير الكويت أو الأزمة البحرينية".
واستدرك قائلاً: "مساهمة قطر في قوات درع الجزيرة ليست بذاك الأهمية، وبالتالي سيكون تأثير الأزمة مع قطر بسيط، والأزمة مع قطر لها تأثيرات سياسية أعمق من التأثير العسكري وفي تشكل انشقاق سياسي كبير بين دول المجلس". وعزز قوله مستشهداً بالدور القطري في التحالف العربي باليمن، الذي بيّن أنه لم يكن له ذلك التأثير في العملية العسكرية.
ودخل الشاطري في مزيد من التفنيد وتفصيل الانعكاسات بقوله: "الانشقاقات الخليجية ستؤثر معنوياً على التحالف في اليمن، فكما يؤثر الانقسام بين علي عبدالله صالح والحوثي على معنويات الدول الخليجية، فالانقسامات الخليجية ترفع من معنويات القوى المناوئة للتحالف العربي".
النشاط العسكري الإماراتي
ونزولاً إلى الإمارات العربية المتحدة، وسبر عالمها العسكري، وقفت "ضفاف الخليج" على التجنيد الإلزامي ودوره في رفد العسكرية الإماراتية، حيث قال الشاطري "من أهم القرارات الاستراتيجية التي اتخذتها دولة الإمارات هي الخدمة الوطنية؛ فالخدمة الوطنية في ظاهرها زيادة القوة الاحتياطية للدولة لمواجهة الأخطار المحدقة، ولكن الخدمة العسكرية أعمق من ذلك حيث أنها تشي بخلق مواطنة جديدة وعلاقة مختلفة عن دولة الرفاه الاجتماعي مع مواطنيها"، مبيناً أن "المواطن الإماراتي اليوم منوط بها تقديم خدمة وطنية لبلاده في علاقة تبادلية بين المجتمع والدولة سيكون لها أثر بعيد".
وانتقل من هذا السياق إلى الحديث عن المرأة الإماراتية وما حققته من تقدم بالغ منذ قيام الاتحاد، ولكنه وقف على العقبات الثقافية والمجتمعية التي باتت تمنع تقدم المرأة، حيث قال إن "الدولة تشجع مشاركة المرأة في جميع المجالات ومن ضمنه المجال العسكري، وهناك عزوف من قبل المرأة في الانخراط بالقطاع العسكري، ولعل تخرج ابنة ولي العهد الشيخة حصة بنت الشيخ محمد بن زايد آل نهيان من الدورة الصيفية العسكرية الأولى لطالبات المدارس سيكون له أثراً طيباً في تشجيع الأسر الإماراتية لإرسال بناتهم إلى الخدمة الوطنية، والتي هي تطوعية بالنسبة للنساء، وإجبارية بالنسبة للرجال".
العسكرية الإماراتية والقبعات الزرق
غير أن الحديث عن العسكرية الإماراتية لا يمكن له المرور دون الوقوف من جانب آخر على جدوى تواجد العسكرية الإماراتية تحت القبعات الزرق، حيث أكد مشاركة "القوات الإماراتية في عدة مواقع لحفظ السلام منذ الحرب الأهلية اللبنانية، ضمن قوات الردع العربية 1976-1979.
كما شاركت الإمارات في الصومال "عملية إعادة الأمل في الصومال 1993-1994" وكوسوفو "عملية الأيادي البيضاء في كوسوفو 1999"، وعدة مواقع أخرى"، موضحاً أنه "بذلك تؤدي دولة الإمارات دوراً وواجباً قومياً ودولياً، كما إن هذه العمليات تصقل مهارات الجنود والضباط في عملية حفظ السلام وإعادة الإعمار".
وحول استعادة الحقوق الإماراتية والتي من أهمها الجزر الإماراتية المحتلة من قبل إيران، إن كان هناك ثمة مخارج عسكرية لذلك، أكد الشاطري أن دولة الإمارات ترى المخرج من الخلاف حول الجزر الثلاث مع إيران يقتصر على 3 حلول، يأتي في مقدمها المفاوضات المباشرة، يليها استصدار حكم من محكمة العدل الدولية، ثم التحكيم.
وأردف "هناك سوابق في المنطقة لهذه الحلول؛ حيث تقاضت كل من البحرين وقطر وأصدرت محكمة العدل الدولية حكمها بترسيم الحدود البحرية بين الدولتين، والتزم الطرفان بحكم المحكمة، كما إن اليمن وإريتريا وافقتا على التحكيم الدولي حول جزر حنيش وقبلا بالحكم الصادر من التحكيم الدولي لفض النزاع بينهما، وتتعهد الإمارات سلفاً على الالتزام بحكم المحكمة أو التحكيم سواء صدر في صالحها أو لصالح إيران".
وفيما يتعلق بالعلاقات البحرينية الإماراتية قال الشاطري: "العلاقات الإماراتية - البحرينية على أفضل حال، وشهدنا تماثل موقفيهما من قضايا المنطقة والعالم..لا شك أن هناك مصالح مشتركة بين الدولتين الشقيقتين تدفع بالعلاقة إلى الأمام؛ فكلا البلدين يهمهما الاستقرار والأمن في المنطقة، كما إن الدولتين تسعيان إلى تحصين المنطقة من التدخلات الخارجية".
وعن مستوى التعليم العسكري الخليجي مقارنة بالعسكرية العالمية، قال الشاطري "هناك تفاوت بمستوى التعليم العسكري بين دول مجلس التعاون الخليجي، وخطت دولة الإمارات العربية خطوات بعيدة في إعداد الفرد المقاتل والضباط؛ حيث أرسلوا إلى دورات عسكرية ودورات عليا ومتقدمة في كثير من الدول الشقيقة والصديقة".
وأوضح "لمسنا أثر ذلك في الأداء العسكري لقوات دولة الإمارات في عاصفة الحزم وإعادة الأمل في اليمن، وأنشأت دولة الإمارات في العام 2012 كلية الدفاع الوطني لإعداد الكوادر الوطنية العسكرية والمدنية في قضايا الأمن الوطني والقضايا الاستراتيجية، ولكن الإمارات تطمح للمزيد للارتقاء بالتعليم العسكري واللحاق بالدول المتقدمة".
يشار إلى أن د.بدر الشاطري، أستاذ ملحق على كلية الدفاع الوطني الإماراتية، وعمل باحثاً في القيادة العامة للقوات المسلحة، وتقلد وظائف أخرى بما فيها مستشار سياسي في القيادة العامة للقوات المسلحة الإماراتية، إلى جانب اشتغاله في حقل التدريس حيث كان مدرساً مساعداً في جامعة ميتشيغن-أن آربر لعدة سنين.