كشف تقرير أمريكي صدر حديثاً عن تفاصيل جديدة حول تمويل قطر للجماعات الإرهابية والمتطرفة حول العالم بشكل مباشر وغير مباشر، مبيناً أن الدوحة تورطت في علاقات واسعة النطاق مع قيادات إرهابية أو أشخاص يعملون في مجال تمويل الإرهاب عدد كبير منهم مطلوبين دولياً.
ومن الجماعات الإرهابية التي قدمت لها الحكومة القطرية التمويل: تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، حركة حماس، جماعة الإخوان المسلمين، جبهة النصرة، وطالبان. ويشمل التمويل القروض المالية المباشرة، ومدفوعات الفدية، وتحويلات مالية، إضافة إلى الإمدادات.
وأكد التقرير أن الدوحة تؤوي حالياً ما لا يقل عن 12 شخصية إرهابية مطلوبة أو مفروضة عليها عقوبات دولية، بينهم زعيم حركة حماس السابق خالد مشعل، ومنظر الإخوان المسلمين يوسف القرضاوي، كذلك 3 عناصر من طالبان مصنفين على قائمة الأمم المتحدة للإرهاب، وما لا يقل عن 7 ممولين من تنظيم القاعدة.
وانتقد التقرير استمرار هؤلاء في العيش بشكل "مترف" داخل قطر دون عقاب أو محاسبة، رغم أنهم مطلوبون علناً من قبل الإدارة الأمريكية أو الأمم المتحدة.
وتناول التقرير الأمريكي المعنون بـ"قطر، المال، والإرهاب: سياسات الدوحة الخطرة"، الدعم والتمويل الحكومي المباشر، حيث أكد أن الدوحة موّلت الجماعات المتطرفة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمليارات الدولارات.
ومن أبرز الجماعات الممولة قطرياً تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي تنتشر أنشطته بين السعودية واليمن. ومن المعروف أن هذا التنظيم متورط في العملية الإرهابية التي تمت ليلة رأس السنة في 2009، وتفجيرات تايمز سكوير عام 2010. كما أعلن التنظيم مسؤوليته على العملية الإرهابية التي تمت في مكاتب شارلي إيبدو في العاصمة الفرنسية عام 2015، ويسيطر التنظيم على المناطق الجنوبية من اليمن.
وتبرعت الدوحة -بحسب التقرير- في العام 2010 بأموال للمساعدة في إعادة بناء مسجد يمني للشيخ عبد الوهاب محمد عبد الرحمن الحميقاني الذي يعد من المتورطين في تمويل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وأدرجته وزارة الخزانة الأمريكية في وقت سابق ضمن قائمة الإرهاب. واللافت أن مسؤولين قطريين حضروا حفل افتتاح المسجد.
وخلال الفترة ما بين 2012-2013 قامت الحكومة القطرية بدفع ملايين الدولارات كفديات إلى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ومن المرجح بحسب التقرير الأمريكي أن هذه الأموال مكنت التنظيم من إعادة شبكته والاستيلاء على الأراضي في جنوب اليمن.
أما بالنسبة للدعم القطري لحركة حماس فيشير التقرير إلى أنه بدأ منذ العام 2008 عندما أعلنت الدوحة تعهدها بتقديم 250 مليون دولار إلى حماس بعد سيطرتها على قطاع غزة.
وفي العام 2012 عهد أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بتقديم 400 مليون دولار للحركة بهدف بناء المجمعات السكنية والطرق. أيضاً في يوليو 2016 أعلنت الحكومة القطرية عزمها تقديم 30 مليون دولار للحركة من أجل المساعدة في دفع رواتب العاملين في القطاع العام بغزة. وفي الشهر التالي من الإعلان القطري أكد إسماعيل هنية أن تبرعات قطر ستصرف أيضاً للكوادر العسكرية من حماس.
ومازالت العاصمة القطرية تستضيف الزعيم السابق لحركة حماس خالد مشعل الذي وصفه وزير الخارجية القطري بأنه "ضيف عزيز على دولة قطر". واستضافت الدوحة في مايو 2017 مؤتمراً صحافياً خاصاً للحركة للإعلان عن تحديث ميثاقها عقد في شيراتون الدوحة.
وفيما يتعلق بجماعة الإخوان المسلمين التي اعتبرها التقرير مثل تنظيمات القاعدة وداعش، أكد أن الحكومة القطرية قدمت للجماعة ما مجموعه 7.5 مليار دولار خلال الفترة الرئاسية للإخواني محمد مرسي بين يونيو 2012 ويوليو 2013.
وفي الفترة نفسها قام رئيس وزراء قطر السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني بنقل 850 ألف دولار شخصياً إلى جماعة الإخوان المسلمين. وأشار التقرير إلى أن الدوحة أولت اهتماماً خاصاً بمصر خلال فترة الربيع العربي، وقدمت دعماً إعلامياً للرئيس مرسي آنذاك عبر قناة الجزيرة، ما دفع إلى استقالة 22 موظفاً من القناة بسبب ما اعتبروه "أجندة منحازة للإخوان".
إضافة إلى ذلك، فإن يوسف القرضاوي الذي ينشر أيديولوجيا الإخوان مازال مقيماً بحرية في قطر رغم خطابه المتطرف، وهو الذي يحظر عليه دخول الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، كما توجد مذكرة لدى الإنتربول للقبض عليه.
ويستعرض التقرير علاقة الحكومة القطرية بجبهة النصرة التي أصبحت جبهة فتح الشام الآن، حيث اجتمع مسؤولون حكوميون من قطر مع قادة الجبهة في العام 2015 بحضور زعيمها أبومحمد الجولاني، وقدمت الدوحة عرضاً يقوم على تمويل الجبهة في حال قطع علاقاتها مع القاعدة، وهذا ما تم في يوليو 2016. بعدها تم رصد أسلحة وإمدادات عسكرية ومالية لجبهة النصرة طوال أسابيع، كما سمحت الدوحة بتمويل ودعم الجبهة من قبل الأشخاص والمؤسسات الخيرية داخل قطر.
أيضاً اعتمدت العلاقة بين الطرفين على تولي الدوحة عمليات التفاوض على عمليات الفدية لإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين بين الجبهة ومختلف الحكومات. ويرصد التقرير دفع الدوحة أكثر من 100 مليون دولار لهذه الجماعة الإرهابية. ومازالت الإدارة الأمريكية تعتبر جبهة النصرة فرعاً من فروع تنظيم القاعدة.
ورغم تورط حركة طالبان بالتمرد وأعمال الإرهاب بين أفغانستان وباكستان، إضافة إلى العديد من المجازر الدموية، إلا أن الدوحة مازالت تستضيف المكتب السياسي لطالبان الذي افتتح في يونيو 2013، وهو المكتب الوحيد الذي يمكن إجراء مفاوضات مع الحركة من خلاله.
وفي مايو 2014 استقبلت الدوحة 5 من عناصر طالبان تم نقلهم من خليج غوانتنامو، وأشارت اللجنة الأمريكية للخدمات المسلحة بأن 3 من هؤلاء يخضعون لعقوبات من الأمم المتحدة، ومن المرجح أن هؤلاء عادوا إلى ممارسة أنشطتهم الإرهابية بعد وصولهم إلى الدوحة، ويشير التقرير إلى أن الشخصيات المتورطة في الإرهاب تتيح لهم الدوحة الإقامة في أحد الأحياء الراقية.
وحدد التقرير مجموعة من التوصيات لإيقاف الدعم القطري للإرهاب، ودعا الإدارة الأمريكية إلى ممارسة الضغط على الحكومة القطرية باعتبارها "أهمية إستراتيجية قوية وفعالة لمكافحة الإرهاب" من خلال توقيف أو طرد جميع الأفراد المطلوبين والمصنفين دولياً ضمن قوائم الإرهاب، وطرد أو اعتقال جميع أعضاء وفود حماس وحركة طالبان المقيمين داخل قطر، ووقف كل الدعم القطري المباشر المادي والاستراتيجي للمنظمات الإرهابية، وإعداد قائمة بالتنظيمات الإرهابية ونشرها، وإخضاع التنظيمات الإرهابية للقوانين والأنظمة القطرية لمحاربة الإرهاب، وإيقاف تمويل التنظيمات الإرهابية في الخارج.