البحرين

'خدمات الشورى' توافق على وقف الحقوق التقاعدية لمن تسقط جنسيته

حسن الستري وافقت لجنة الخدمات الشورية على المرسوم بقانون رقم (36) لسنة 2015 بشأن وقف الحقوق والمزايا التقاعدية في حالة سحب الجنسية البحرينية أو فقدها أو إسقاطها أو التجنس بجنسية دولة أجنبية دون إذن. ويهدف المرسوم بقانون إلى صون المصلحة العليا لمملكة البحرين وأمنها الوطني، وسدّ الفراغ التشريعي الحاصل حالياً في قوانين مملكة البحرين، خصوصاً بعد صدور عدد من المراسيم والأحكام القضائية بإسقاط الجنسية البحرينية عن عدد من الخارجين عن القانون المرتكبين لجرائم مخلة بالأمن العام، إلى جانب ثبوت قيام عدد من الأشخاص سواء من المتقاعدين العسكريين أو المدنيين بالتجنس بجنسية دول أجنبية بالمخالفة للقوانين المعمول بها في مملكة البحرين، وإقامتهم فعلا في تلك الدول الأجنبية وخضوعهم لقوانينها مما لا يبرر استمرارهم في الاستفادة من أنظمة التكافل الاجتماعي في مملكة البحرين. ورأت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، ونظراً لعدم جواز التعديل على المرسوم بقانون، تضارب المرسوم بقانون محل الرأي مع التزامات المملكة التي يمليها عليها تصديقها على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبالأخص عدم مخالفة الحدود الدنيا للالتزامات الواجبة على الأطراف والذين منهم مملكة البحرين حالياً، والعمل على عدم المساس بحقوق المتقاعد والغير الذين أشارت لهم القوانين المنظمة للحقوق والمزايا التقاعدية، وما يمكن أن تحدثه تلك الآثار من اختلال في الالتزامات نحو الغير. وأبدت المؤسسة الوطنية قلقها الشديد من أن نفاذ هذا المرسوم بقانون قد يكون مدعاة لإصدار تشريعات أخرى تمسّ أو تنتهك الحقوق والحريات الأساسية للأفراد، إذ إن صدور مثل هذه التشريعات ستعدّ سابقة لا تقف على حق محدد، وإنما تستتبع المساس أو الانتهاك لحقوق أخرى متصلة، ذلك أن حقوق الإنسان تعتبر كتلة واحدة لا تتجزّأ، وهو أمرٌ يعدّ من المسلمات البديهية في القانون الدولي لحقوق الإنسان، مما قد يضع المملكة موضع الحرج والضغوط في مجلس حقوق الإنسان. وأيدت لجنة حقوق الإنسان بالمجلس رأي المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بتضارب المرسوم بقانون المذكور مع التزامات مملكة البحرين فيما يتعلق بحقوق الإنسان الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وذكرت أن المرسوم بقانون انطوى على تدابير تمس الحق في الضمان الاجتماعي، الأمر الذي يهدد الاستقرار المعيشي والاجتماعي، وهي أمور لها تأثير بالغ على تمتع الأفراد بالحقوق. ونوهت إلى أن المرسوم بقانون المذكور لم يفرق بين حالة إسقاط الجنسية أو سحبها أو فقدها، ورتب عليها جميعاً وقف الحقوق التقاعدية، فمن حق الدولة اتخاذ التدابير اللازمة في حالة سحب جنسية من تجنس بجنسية دولة أخرى، ولكن في حالة إسقاط الجنسية سيؤدي وقف الحقوق التقاعدية إلى الإضرار بحقوق أسرته ومن يعولهم. وبينت أن تطبيق المرسوم بقانون يؤدي إلى المساس بحقوق الغير، ذلك أن المعاش التقاعدي بعد وفاة المتقاعد مثلاً ينتقل إلى المستحقين من أسرته، كالأرملة والأبناء والبنات والأب والأم والإخوة والأخوات متى ما كانوا يعتمدون في معيشتهم على هذا المعاش التقاعدي، وهو أمرٌ لم يتطرق إليه المرسوم بقانون في حالة وقف الحقوق التقاعدية، وبالتالي سيحرم هؤلاء من الاستفادة من المعاش التقاعدي متى ما كانوا يعتمدون عليه. وأكدت اللجنة أن الحقوق والمزايا التقاعدية تعتبر محصلة اشتراكات شهرية مستقطعة بنسب معينة من راتب الموظف أو أجر العامل، وهي حقوق مالية ثابتة له لا يجوز المساس بها أو وضعها محل المصادرة، وبالتالي فإن الوقف المشار إليه في المرسوم بقانون يشمل ما دفعه المتقاعد من اشتراكات ساهم بها بناء على الأجر الذي كان يتقاضاه، الأمر الذي يؤدي إلى الاعتداء على حقه في هذه الأموال التي دفعها ويعد مساساً بحق الملكية الخاصة، كما يؤدي وقف الحقوق والمزايا التقاعدية إلى إحداث خلل في الالتزامات المالية للمتقاعد من شأنه أن يؤدي إلى نزاعات مدنية بينه وبين الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين أو الدولة، الأمر الذي يمس الاستقرار الاجتماعي والمعيشي للأفراد. أما صندوق التقاعد العسكري، فقد ذكر أن المرسوم بقانون قد تبنّته القيادة العامة لقوة دفاع البحرين، بسبب وجود فراغ تشريعي تم ملاحظته في الآونة الأخيرة، وأثناء دراسة المرسوم بقانون كانت القيادة العامة لقوة دفاع البحرين حذرة جداً في دراسته وبالأخص في موضوع العنوان، والسبب وجود رأيين؛ إما الحرمان من الحقوق التقاعدية، أو وقف الحقوق التقاعدية، وبعد إجراء الدراسات المتأنية استقر الأمر على وقف الحقوق التقاعدية، ولم يتم الأخذ بمنحى بعض الدول المجاورة في المنطقة التي فرضت "الحرمان" بدلاً من "الوقف"؛ لأن الوقف أخف وطأةً من حرمان الشخص من حقوقه التقاعدية. وذكر الصندوق أن المرسوم بقانون يعالج الحالات التالية: سحب الجنسية أو الفقد أو الإسقاط بسبب الحصول على جنسية أخرى، سواءٌ أكان الموظف يعمل في القطاع العسكري أم الحكومي المدني أم الخاص، كما يشمل المرسوم بقانون أيضاً قانون التقاعد الخاص بأعضاء مجلسي الشورى والنواب وأعضاء المجالس البلدية، وأهم ما يرتكز عليه المرسوم بقانون المادة (4) من دستور مملكة البحرين، والذي نص على أن: "العدل أساس الحكم، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين، والحرية والمساواة والأمن والطمأنينة والعلم والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة"، كما أن المرسوم بقانون ينسجم مع قانون الجنسية البحرينية لسنة 1963، وينسجم أيضاً مع قانون العقوبات العسكري الصادر بالمرسوم بقانون رقم (34) لسنة 2002، ويتوافق كذلك مع القوانين التي تم إصدارها من قبل مجلس التعاون لدول الخليج العربي، والمرسوم بقانون يتضمن أربع مواد، وممّا يسترعي النظر في أحكامه ما أوردته الفقرة الرابعة من المادة الأولى التي تنص على أن "يعاد صرف كافة الحقوق والمزايا التقاعدية الموقوفة اعتباراً من تاريخ زوال الوقف المشار إليه في الفقرتين السابقتين"، فيما أعطت المادة الثالثة صلاحية للقائد العام لقوة دفاع البحرين ووزير المالية لإصدار القرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون. وأشار الصندوق لقوانين صادرة من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تتفق مع ما جاء به المرسوم بقانون، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، دولة الكويت، إذ يُحرم العسكري من المعاش التقاعدي في الحالات التالية: (الدخول في خدمة دولة أجنبية من غير إذن سابق من آمر الجيش والقوات المسلحة – سقوط الجنسية أو سحبها)، وكذلك المملكة العربية السعودية، فقد نص قانونها على الأحوال الآتية تكون سبباً في حرمان صاحب المعاش أو المستحق للمعاش، وهي إذا تجنس بغير جنسية المملكة العربية السعودية، وإذا استخدم في حكومة أجنبية من غير إذن، إضافة إلى سلطنة عمان، التي ينص قانونها على انه لا يستحق الموظف معاشاً إذا كان انتهاء الخدمة بسبب فقد الجنسية، كما يسقط الحق في المعاش إذا فقد الجنسية العمانية، وأيضاً دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ يُحرم من المعاش أو مكافأة صاحب المعاش أو المؤمّن عليه إذا فقد أو سقطت منه جنسية الدولة. وبين الصندوق أن من سحبت جنسيته لا يعتبر مواطناً بحرينياً؛ بسبب زوال تلك الصفة بالسحب أو الإسقاط؛ وبذلك لا يستحق المعاش التقاعدي إلا بعد تصحيحه لوضعه القانوني وهو استرداده الجنسية، والمرسوم بقانون قد أعطى القائد العام لقوة دفاع البحرين، ووزير المالية الحق في دراسة الحالات، والنظر في حالة العوائل، ومن ثم إصدار القرارات المناسبة التي لا تضرّ بمصلحة أفراد عائلة من سحبت أو أسقطت جنسيته (ممن ما زالوا محتفظين بجنسيتهم البحرينية)، علاوة على ذلك ثمة قوانين نظّمت حقوق الأسرة وكفلت الضمان الاجتماعي لهم. أما الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، فقد ذكرت أن المرسوم بقانون يأتي انسجاماً مع التعديلات التي أدخلت على قانون الجنسية البحرينية لسنة 1963 بموجب القانون رقم (21) لسنة 2014 حيث إن التعديلات الأخيرة طالت حالات فقد وإسقاط وسحب الجنسية وضوابطها وإجراءات التجنس بجنسية دول أجنبية، وقد ربط المرسوم بقانون رقم (36) لسنة 2015 صرف الحقوق التقاعدية بتمتع المستحق لها بالجنسية البحرينية طبقاً لأحكام قانون الجنسية البحرينية وتعديلاته. وبينت الهيئة أن الحقّ في المعاش يعتبر حقاً شخصياً للمتقاعد لا ينتقل إلى أفراد أسرته من زوجة وأبناء إلا بعد وفاته، والحالات المختلفة -كما تم تبيانه- ستُعالج بناءً على المادة الثالثة من المرسوم بقانون عن طريق اللائحة والقرارات الوزارية. وجاء في مرئيات الهيئة: "إذا استلم صاحب المعاش حقوقه دفعة واحدة بعد إسقاط جنسيته، فهذا الإجراء لن يكون لصالحه على المدى البعيد؛ لأنه يكون بهذه الطريقة قد أنهى علاقته بالصندوق التقاعدي، بلحاظ أنه عند حرمانه من الجنسية يظل حقه التقاعدي معلقاً أو متوقفاً إلى أن يزول سبب الإيقاف وتعاد له جنسيته، فإذا أعيدت له الجنسية لن يحصل بعدها على أي معاش تقاعدي في حال إنهائه علاقته بالصندوق التقاعدي". وتابعت الهيئة: "لا تنظر الصناديق التقاعدية، من منظور التكافل الاجتماعي، إلى المبالغ التي تم سدادها في الصناديق، وإنما تنظر إلى المبلغ التقاعدي المستحق، والذي في بعض الأحيان يفوق ما تم تحصيله، وهنالك حالات نادرة مثلاً لشخص سدّد مبالغ الاشتراك لمدة أربعين سنة، ويتوفى ويكون غير متزوج فلا يوجد أحد يستحق استلام تلك المبالغ عنه فتؤول للصندوق التقاعدي، كما أن الدولة تكفل الأسر البحرينية وفقاً لقوانين الضمان الاجتماعي المطبقة في الدولة".