واشنطن - (العربية نت): هناك خريطة يوزّعها مركز دراسات الحرب الأمريكي وتبيّن مناطق انتشار وسيطرة تنظيم الدولة "داعش". منذ عام 2014 كانت هناك دائماً نقطة سوداء واسعة على الخريطة مع خطوط متصلة بها. في آخر نسخة للخريطة اختفت هذه النقطة التي تمثّل الموصل! فقد تم تحرير المدينة من التنظيم الإرهابي، واعتبر العراقيون والأمريكيون معاً أنها لحظة تاريخية.
قائد قوات التحالف الجنرال تاونسند قال أيضاً في حديث مع الصحافيين في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، إن الأهم هو التوصل إلى توافق سياسي بين الأطراف العراقيين، وأشار تحديداً إلى أن سنّة العراق لطالما نظروا إلى الحكومة في بغداد على أنها لا تمثّلهم.
وزير الدفاع الأمريكي السابق أشتون كارتر الذي أشرف منذ بداية عام 2015 وحتى بداية هذا العام على الحرب ضد "داعش"، كتب في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مقالاً قال فيه إنه "يقلق أقل على الحملة العسكرية في العراق مقارنة بالحملات السياسية والاقتصادية التي يجب أن تتبع". وأضاف وزير الدفاع الأمريكي السابق" إن لم يطمئن العراقيون إلى ما يحدث تالياً، ستكون هناك عودة إلى الفوضى والتطرف".
كلام الوزير السابق كارتر والجنرال الأمريكي تاونسند يأتي حصيلة لتقديرهما المباشر للوضع، ويتلاقى مع تقديرات خبراء غير حكوميين زاروا بغداد وبعض مناطق العراق خلال الأشهر الماضية، وعادوا إلى واشنطن بنظرة قاتمة، كما وضعت مراكز أبحاث أمريكية دراسات حول الأوضاع وقدّمتها لدوائر الإدارة الأمريكية.
من جانبه، قال سرهنك حمه سعيد، مدير برامج الشرق الأوسط في "معهد الولايات المتحدة للسلام" إن "العراق اليوم بلد موجود على الخريطة، وبقاؤه موحدّاً هو مطلب خارجي"، ووصف الحالة الداخلية "بانقسام كبير بين المكونات العراقية وفي داخل المكوّنات العراقية".
"المكونات العراقية"
يعتبر الأمريكيون عامة أن التاريخ الدموي بين العراقيين يدفع الأطراف كل على حدة ليحافظ على نفسه كمكوّن مستقل، ولكل مكوّن موقفه من الطرف الآخر. فالشيعة عامة يعتبرون أنفسهم أكثرية ويجب أن تحكم، وفيهم تيار يريد التعامل بالقوة مع المكون السني العراقي.
يلاحظ الأمريكيون أيضاً أن التوتر يعود إلى العلاقات الشيعية الكردية، وأفادت معلوماتهم بأن قوات البشمركة الكردية وميليشيات "الحشد الشعبي" العراقية يستعدان لمواجهات في مناطق مختلطة بعدما شهد الطرفان مواجهات في طوز خرماتو وجلولاء والحويجة وسنجار.
أما الانطباع الأمريكي عن الأكراد فينحصر في أنهم يسعون للاستقلال، لأنهم يشعرون أن فرصا سابقة لفصل كردستان عن الدولة العراقية فاتتهم، المرة الأولى في عام 1991، والمرة الثانية عام 2003، ويرون أن الفرصة متاحة الآن ويجب ألا تفوّت لأنها ستضيع لسنوات طويلة إن لم تتحقق.
يعتبر بعض الخبراء الأمريكيين أيضاً أن إمكانية الاشتباكات الشعبية بين السنة والشيعة عالية مثلما هو الحال في ارتفاع حظوظ المواجهة بين الأكراد والحشد الشعبي.
وتتركّز مخاوف الأمريكيين على "المشكلة السنية"، فقد استغلّ تنظيم القاعدة ثم أبو مصعب الزرقاوي شعور السنّة بالظلم مع سقوط نظام الرئيس صدام حسين لتشكيل حركة تمرّد، ثم استغل تنظيم "داعش" ممارسات الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي للسيطرة على مناطق واسعة من العراق، والآن يقول قائد قوات التحالف ضد "داعش" الجنرال تاونسند إن التنظيم "سيحاول التستّر بالسكان وستصبح الخلايا أصغر".
خطط إيران والحشد
إن استعادة الموصل من "داعش" خبر جيّد، أما المرحلة المقبلة فتؤشّر لتحديات كبيرة، أولها "عودة الاستقرار" وفي غياب مشروع واسع عابر للطوائف يبدو أن الحشد الشعبي وإيران لديهما خطط واضحة المعالم.
يصنّف الأمريكيون "الحشد الشعبي" إلى قسمين كبيرين، جزء تجاوب مع دعوة المرجعية الشيعية الممثلة بالسيد علي السيستاني، وجزء آخر يتكوّن من تنظيمات تدعمها إيران وتسيطر عليها. هذا الجزء الإيراني والمتشدد من الحشد يريد تثبيت انتشاره الحالي في مناطق الأكثرية السنيّة، وبدأ يستعد لمدّ شبكة الحضور الإيراني الشيعي على المدى البعيد.
لاحظ خبراء أمريكيون زاروا العراق مؤخراً أن حضور الحشد في هذه المناطق أكبر بكثير مما كان متوقعاً، وأن الحشد بدأ استقطاب العشائر السنيّة عن طريق منح رواتب وسلاح، كما بدأ الحشد الإعداد لتحالفات مع هذه العشائر السنيّة لخوض الانتخابات المقبلة.
يشير الأمريكيون أيضاً إلى أن هذه الميليشيات الموالية لإيران تمدّدت في مناطق الموصل، وتريد بإيعاز من الحرس الثوري الإيراني نقل عائلات إلى مناطق جديدة والسيطرة على سنجار وتلعفر، كما تريد التأكد من انتشارها عند مناطق الحدود مع سوريا، وبالتالي يكون "الطريق السريع الإيراني" والذي يمتدّ من طهران إلى بغداد ودمشق، ليس طريقاً معبّداً بل أجسام عشائرية وشخصيات سياسية وميليشيات متعدّدة الطوائف، وتوالي إيران وتضمن بسط نفوذها وقمع أي تمرّد في المستقبل.
الاحتلال الإيراني "الناعم"
يصف الأمريكيون الحضور الإيراني في العراق بعد الموصل على أنه يمتدّ من الأسفل إلى الأعلى وحاضر في كل المفاصل، ويمكن وصف هذا الحضور الإيراني المتشابك مع المكونات العراقية بأنه احتلال إيراني ناعم، فيما الحضور الإقليمي العربي شبه غائب، أما الأمريكيون فيتحدثون مع رئيس الحكومة حيدر العبادي.
قائد قوات التحالف ضد "داعش" الجنرال تاونسند كشف أن الحكومة العراقية عبّرت "عن اهتمامها ببقاء قوات أمريكية ومن التحالف بعد دحر داعش"، وأن الحكومة الأمريكية "مهتمة أيضاً وبعض حكومات التحالف عبّرت عن اهتمامها بهذا الجهد"، وأشار إلى أن القرار بهذا الشأن بات في مراحل اتخاذه الأخيرة.
وزير الدفاع الأمريكي السابق أشتون كارتر دعا أيضاً إلى الإبقاء على حضور عسكري أمريكي في العراق "لتحسين قدرات قوات الأمن العراقية ومساعدتها على الحفاظ على السلام".
كان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب انتقد بشدّة اجتياح العراق في عام 2003 ثم انتقد بشدّة خروج الأمريكيين الكامل في نهاية العام 2011 وعدم سعي الرئيس السابق باراك أوباما إلى إبقاء قوة أميركية كبيرة هناك، ما فتح الباب أمام عودة الإرهاب وانهيار الأوضاع في العراق.
"الوصفة المفقودة"
الآن تعود الأوضاع وكأنها عادت إلى مرحلة ما قبل داعش، لكن الأميركيين لم يقدّموا مشروعاً واضحاً للحفاظ على السلم الأهلي في العراق أو لمنع إيران من مدّ نفوذها "على الطريق السريع".
يشير سرهنك حمه سعيد، مدير برامج الشرق الأوسط في "معهد الولايات المتحدة للسلام" إلى أن "ليس في العراق خبرة تعايش وحوكمة مشتركة حقيقية، ولا يقدر العراقيون أن يصلوا إلى رؤية عملية مشتركة وفي غياب الرؤية يدير الأمر الواقع الأوضاع"، وربما يكون أخطر ما يلاحظه هو "أن الوصفة التي تؤدي إلى السلام مفقودة ".
قائد قوات التحالف الجنرال تاونسند قال أيضاً في حديث مع الصحافيين في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، إن الأهم هو التوصل إلى توافق سياسي بين الأطراف العراقيين، وأشار تحديداً إلى أن سنّة العراق لطالما نظروا إلى الحكومة في بغداد على أنها لا تمثّلهم.
وزير الدفاع الأمريكي السابق أشتون كارتر الذي أشرف منذ بداية عام 2015 وحتى بداية هذا العام على الحرب ضد "داعش"، كتب في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مقالاً قال فيه إنه "يقلق أقل على الحملة العسكرية في العراق مقارنة بالحملات السياسية والاقتصادية التي يجب أن تتبع". وأضاف وزير الدفاع الأمريكي السابق" إن لم يطمئن العراقيون إلى ما يحدث تالياً، ستكون هناك عودة إلى الفوضى والتطرف".
كلام الوزير السابق كارتر والجنرال الأمريكي تاونسند يأتي حصيلة لتقديرهما المباشر للوضع، ويتلاقى مع تقديرات خبراء غير حكوميين زاروا بغداد وبعض مناطق العراق خلال الأشهر الماضية، وعادوا إلى واشنطن بنظرة قاتمة، كما وضعت مراكز أبحاث أمريكية دراسات حول الأوضاع وقدّمتها لدوائر الإدارة الأمريكية.
من جانبه، قال سرهنك حمه سعيد، مدير برامج الشرق الأوسط في "معهد الولايات المتحدة للسلام" إن "العراق اليوم بلد موجود على الخريطة، وبقاؤه موحدّاً هو مطلب خارجي"، ووصف الحالة الداخلية "بانقسام كبير بين المكونات العراقية وفي داخل المكوّنات العراقية".
"المكونات العراقية"
يعتبر الأمريكيون عامة أن التاريخ الدموي بين العراقيين يدفع الأطراف كل على حدة ليحافظ على نفسه كمكوّن مستقل، ولكل مكوّن موقفه من الطرف الآخر. فالشيعة عامة يعتبرون أنفسهم أكثرية ويجب أن تحكم، وفيهم تيار يريد التعامل بالقوة مع المكون السني العراقي.
يلاحظ الأمريكيون أيضاً أن التوتر يعود إلى العلاقات الشيعية الكردية، وأفادت معلوماتهم بأن قوات البشمركة الكردية وميليشيات "الحشد الشعبي" العراقية يستعدان لمواجهات في مناطق مختلطة بعدما شهد الطرفان مواجهات في طوز خرماتو وجلولاء والحويجة وسنجار.
أما الانطباع الأمريكي عن الأكراد فينحصر في أنهم يسعون للاستقلال، لأنهم يشعرون أن فرصا سابقة لفصل كردستان عن الدولة العراقية فاتتهم، المرة الأولى في عام 1991، والمرة الثانية عام 2003، ويرون أن الفرصة متاحة الآن ويجب ألا تفوّت لأنها ستضيع لسنوات طويلة إن لم تتحقق.
يعتبر بعض الخبراء الأمريكيين أيضاً أن إمكانية الاشتباكات الشعبية بين السنة والشيعة عالية مثلما هو الحال في ارتفاع حظوظ المواجهة بين الأكراد والحشد الشعبي.
وتتركّز مخاوف الأمريكيين على "المشكلة السنية"، فقد استغلّ تنظيم القاعدة ثم أبو مصعب الزرقاوي شعور السنّة بالظلم مع سقوط نظام الرئيس صدام حسين لتشكيل حركة تمرّد، ثم استغل تنظيم "داعش" ممارسات الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي للسيطرة على مناطق واسعة من العراق، والآن يقول قائد قوات التحالف ضد "داعش" الجنرال تاونسند إن التنظيم "سيحاول التستّر بالسكان وستصبح الخلايا أصغر".
خطط إيران والحشد
إن استعادة الموصل من "داعش" خبر جيّد، أما المرحلة المقبلة فتؤشّر لتحديات كبيرة، أولها "عودة الاستقرار" وفي غياب مشروع واسع عابر للطوائف يبدو أن الحشد الشعبي وإيران لديهما خطط واضحة المعالم.
يصنّف الأمريكيون "الحشد الشعبي" إلى قسمين كبيرين، جزء تجاوب مع دعوة المرجعية الشيعية الممثلة بالسيد علي السيستاني، وجزء آخر يتكوّن من تنظيمات تدعمها إيران وتسيطر عليها. هذا الجزء الإيراني والمتشدد من الحشد يريد تثبيت انتشاره الحالي في مناطق الأكثرية السنيّة، وبدأ يستعد لمدّ شبكة الحضور الإيراني الشيعي على المدى البعيد.
لاحظ خبراء أمريكيون زاروا العراق مؤخراً أن حضور الحشد في هذه المناطق أكبر بكثير مما كان متوقعاً، وأن الحشد بدأ استقطاب العشائر السنيّة عن طريق منح رواتب وسلاح، كما بدأ الحشد الإعداد لتحالفات مع هذه العشائر السنيّة لخوض الانتخابات المقبلة.
يشير الأمريكيون أيضاً إلى أن هذه الميليشيات الموالية لإيران تمدّدت في مناطق الموصل، وتريد بإيعاز من الحرس الثوري الإيراني نقل عائلات إلى مناطق جديدة والسيطرة على سنجار وتلعفر، كما تريد التأكد من انتشارها عند مناطق الحدود مع سوريا، وبالتالي يكون "الطريق السريع الإيراني" والذي يمتدّ من طهران إلى بغداد ودمشق، ليس طريقاً معبّداً بل أجسام عشائرية وشخصيات سياسية وميليشيات متعدّدة الطوائف، وتوالي إيران وتضمن بسط نفوذها وقمع أي تمرّد في المستقبل.
الاحتلال الإيراني "الناعم"
يصف الأمريكيون الحضور الإيراني في العراق بعد الموصل على أنه يمتدّ من الأسفل إلى الأعلى وحاضر في كل المفاصل، ويمكن وصف هذا الحضور الإيراني المتشابك مع المكونات العراقية بأنه احتلال إيراني ناعم، فيما الحضور الإقليمي العربي شبه غائب، أما الأمريكيون فيتحدثون مع رئيس الحكومة حيدر العبادي.
قائد قوات التحالف ضد "داعش" الجنرال تاونسند كشف أن الحكومة العراقية عبّرت "عن اهتمامها ببقاء قوات أمريكية ومن التحالف بعد دحر داعش"، وأن الحكومة الأمريكية "مهتمة أيضاً وبعض حكومات التحالف عبّرت عن اهتمامها بهذا الجهد"، وأشار إلى أن القرار بهذا الشأن بات في مراحل اتخاذه الأخيرة.
وزير الدفاع الأمريكي السابق أشتون كارتر دعا أيضاً إلى الإبقاء على حضور عسكري أمريكي في العراق "لتحسين قدرات قوات الأمن العراقية ومساعدتها على الحفاظ على السلام".
كان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب انتقد بشدّة اجتياح العراق في عام 2003 ثم انتقد بشدّة خروج الأمريكيين الكامل في نهاية العام 2011 وعدم سعي الرئيس السابق باراك أوباما إلى إبقاء قوة أميركية كبيرة هناك، ما فتح الباب أمام عودة الإرهاب وانهيار الأوضاع في العراق.
"الوصفة المفقودة"
الآن تعود الأوضاع وكأنها عادت إلى مرحلة ما قبل داعش، لكن الأميركيين لم يقدّموا مشروعاً واضحاً للحفاظ على السلم الأهلي في العراق أو لمنع إيران من مدّ نفوذها "على الطريق السريع".
يشير سرهنك حمه سعيد، مدير برامج الشرق الأوسط في "معهد الولايات المتحدة للسلام" إلى أن "ليس في العراق خبرة تعايش وحوكمة مشتركة حقيقية، ولا يقدر العراقيون أن يصلوا إلى رؤية عملية مشتركة وفي غياب الرؤية يدير الأمر الواقع الأوضاع"، وربما يكون أخطر ما يلاحظه هو "أن الوصفة التي تؤدي إلى السلام مفقودة ".