أكدت مهندسات بحرينيات شابات، أن اختيار المجلس الأعلى للمرأة للقطاع الهندسي كمجال للاحتفاء بالمرأة البحرينية هذا العام دليل على أهمية تعزيز حضور المرأة في هذا القطاع بمختلف المستويات، حيث شجعن الطالبات على دراستها.
وتحدثن عن مدى شغفهن بدراسة الهندسة بفروعها المختلفة أولاً ثم الاندماج في العمل ثانياً، والقدرة على الإبداع في بيئة تخلو من أي مظاهر تمييز ضد المرأة.
وحثَّت المهندسات الفتيات البحرينيات في المرحلة الثانوية أو حتى ما قبلها على التوجه لدراسة الهندسة بمختلف فروعها، المدنية والمعمارية والحاسوب والطيران وحتى الهندسة الصناعية والبترولية، حيث أكدن وجود مجالات كبيرة لإبداع المرأة في هذه المجالات، كما أبدعت في مجالات أخرى مثل الطب والتعليم والقانون وغيرها.
هندسة البترول والمرأة
وقالت المهندسة فاطمة هاشم، التي تعمل منذ نحو ثلاث سنوات في شركة نفط البحرين "بابكو"، إنها بدأت عملها في قسم التقنية لتنتقل لاحقاً إلى قسم المشاريع، وأضافت "لم أواجه تحديات لكوني امرأة، وإنما واجهت التحديات التي يوجهها أي مهندس يعمل في مجال النفط، وما يتطلبه هذا المجال من عمل ميداني، وتواجد في حقول النفط والمناوبات وغيرها".
وتضيف "رغم ذلك أجد أن عملي ممتع جداً، فالنفط مجال حيوي يغذي الاقتصاد الوطني ويمس حياتنا جميعاً، لذلك أشعر أنني أؤدي واجباً وطنياً من خلال عملي".
وتؤكد فاطمة أن مجال العمل في النفط والغاز مازال غير مستحب من قبل الفتيات، لأنه يرتبط في أذهانهن بالصحراء والأنابيب والآبار والأدخنة، لكن هذه النظرة قاصرة قليلاً، وذلك لوجود مجالات كبيرة جداً داخل أي شركة نفط تتعلق بالجوانب التقنية والإجرائية والإدارية وغيرها الكثير، مع وجود امتيازات كبيرة للعاملين في هذا المجال بشكل عام.
وفي الاتجاه ذاته، تذهب المهندسة ساجدة برني التي تعمل في "بابكو" منذ نحو أربع سنوات، وتقول إن التحدي هو في ساعات العمل الطويلة مع ضرورة التركيز الدائم وتدقيق كل شاردة وواردة في العمل للتأكد من أن كل شيء يسير على ما يرام، وتضيف إن هذا التحدي يصقل شخصية المهندس ويراكم من معارفه وخبراته ومهاراته، ويجعله أكثر قدرة على مواجهة تحديات ليس العمل فقط، وإنما الحياة بشكل عام.
دانة القاسمي، تخرجت كمهندسة إنشاءات من إحدى الجامعات الكندية وتعمل الآن في قسم الإنشاءات في شركة تطوير للبترول، تقول "في بداية عملي واجهت بعض الصعوبة كوني كنت السيدة الوحيدة في قسم يغلب عليه الرجال ولم يعتادوا على وجود المرأة في مكان العمل معهم، لكنهم سرعان ما تأقلموا مع الوضع الجديد وأصبحوا داعمين لي، كما أن إدارة الشركة تحرص على دعمي وتشجيعي دائماً"، وتضيف "نستطيع أن نؤكد أن الفرص متساوية أمام المرأة والرجل في مجال الهندسة في البحرين".
وتابعت "أشجع الفتيات على دخول مجال الهندسة، فهو مجال جديد مليء بالتحديات والفرص والتجديد، وبذلك يتميز إلى حد كبير عن قطاعات العمل الروتينية الأخرى، كما إن الهندسة مجال مفتوح أمام التطور والسفر والمشاركات الخارجية، ولا يحد طموح العاملين فيه حد".
كما تعمل المهندسة لينا الهاشمي في شركة تطوير للبترول منذ نحو 17 سنة، وتقول "لم أعاني أبداً في مجال الدرجات والتدريب والترفيع وتمثيل الشركة في المؤتمرات والندوات، وهناك تشجيع دائم، كما أن قوانين العمل تنصف المرأة الموظفة، فمثلاً من غير المسموح للمرأة البقاء في الحقل النفطي بعد الساعة السابعة مساءً، وهذا يصب في صالح المرأة ولا يؤثر سلباً على تقييمها".
المهندسة في الشركات الصناعية
ليلى حبيل، وهي مهندسة كهربائية خريجة في جامعة الكويت، تعمل في شركة ألمنيوم البحرين "ألبا" منذ 12 عاماً تقريباً، تقول "أنا أول مهندسة كهربائية في شركة ألبا، كما أنني الوحيدة".
ولا ترى حبيل حرجاً في ارتداء الملابس الخاصة بالعمل داخل ألبا، وهو لباس موحد تقريباً بين العمال والعاملات يراعي السلامة، تقول "لكل عمل شروطه وتعليماته التي يجب الالتزام بها، والعمل في الصناعة بشكل عام يتطلب من المرأة أن تكون قوية وجادة، وربما تمر الفتاة بمرحلة تشعر فيها بالحرج في العمل في الصناعة مثلاً، لكن ذلك لا يجب أن يكون عائقاً أمام قبولها للتحدي وإثبات ذاتها، عندها ستحصل على مردود اجتماعي ومادي أعلى وارتقاء اسرع في السلم الوظيفي ورضى أكبر عن الذات.
فيما قالت مستشار السلامة الهندسية بالهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية المهندسة ندى الصايغإن دخولها في هذا التخصص الجديد كان بتوجيه من والدها ودعم والدتها.
وأضافت "درست تخصص هندسة المعدات الطبية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو تخصص فريد من نوعه ومطلوب، ويشمل أربع مرتكزات أساسية هي الهندسة والطب والجودة والسلامة"، ووصفت دراسة هندسة المعدات الطبية بأنه "مجال مليء بالتحديات لأنه جديد ويسمح للشخص أن يبدع في آلية تطبيق العمل".
وأضافت المهندسة الصايغ أن عملها في الهيئة الوطنية يقوم على تقديم استشارات بشكل يومي للأشخاص المعنيين في الهيئة، إلى جانب العمل الميداني الذي يقوم على مراقبة استيراد التجهيزات الطبية والتأكد من جودتها وسلامتها قبل دخولها إلى البحرين.
أما أمينة المدحوب مديرة الخدمات التقنية والهندسية في مطار البحرين، بدأت عملها كمهندسة معمارية هناك ثم تدرجت في المناصب وصولاً إلى مدير مشروع ثم أصبحت بعدها مديرة لإدارة الهندسة والتقنية.
وتقول "وصلت إلى المركز الذي أشغله الآن بعد مسيرة حافلة من بذل الجهد وإثبات الذات، حيث عملت في البداية كزميلة للمهندس الرجل ثم حتى وصلت لدرجة مدير، ولدي الآن فريق من ثمانية مهندسين هم سبعة رجال وامرأة واحدة، ونحن نعمل كفريق واحد دون أي اعتبار لاختلاف الجنس".
وتؤكد أنه لا يكفي أن تقف المرأة -سواء كانت مهندسة أو غيرها- مكتوفة الأيدي ثم تنتظر من رؤسائها ومديريها أن يمنحوها الترقية والتكريم والإشادة لمجرد أنها امرأة قبلت أن تعمل، ولكن على المرأة ذاتها أن تثبت جدارتها وكفاءتها كما الرجل تماماً، وأكثر منه في بعض الحالات، حتى تحصل على المكانة التي تستحق.