ارجئت جلسة مجلس النواب اللبناني الرابعة التي كانت مخصصة اليوم الخميس لانتخاب رئيس للجمهورية اسبوعا بسبب عدم اكتمال النصاب نتيجة الانقسام السياسي الحاد، ما يقرّب البلاد من الفراغ في سدة الرئاسة مع انتهاء ولاية الرئيس الحالي خلال عشرة ايام.ودستوريا، دخل لبنان اليوم المهلة التي يتحول خلالها مجلس النواب حكما الى هيئة ناخبة يحظر عليها القيام باي نشاط باستثناء انتخاب رئيس للجمهورية، الامر الذي يستبعد حصوله قبل اشهر.واصدرت الامانة العامة لمجلس النواب بيانا بعد ظهر اليوم جاء فيه "بسبب عدم اكتمال النصاب، ارجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة العامة التي كانت مقررة اليوم لانتخاب رئيس الجمهورية الى ظهر يوم الخميس 22 مايو الجاري".ويعكس انقسام المجلس بشكل شبه متواز بين كتلتين اساسيتين احداها لحزب الله حليف دمشق وحلفائه، واخرى مناهضة له وللنظام السوري، الانقسام القائم في البلاد.وعقدت الجلسة الاولى المخصصة لانتخاب رئيس في 23 ابريل في حضور 124 نائبا من 128، ولم يحظ اي مرشح للرئاسة بغالبية الثلثين المطلوبة في الدورة الاولى للفوز.وبموجب الدستور "ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الاولى، ويكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي".وفي حين يبقى النص غامضا بالنسبة الى النصاب المطلوب في الدورات التي تلي، حصل توافق ضمني على ان يكون النصاب اكثرية الثلثين مقابل الاقتراع بالاكثرية المطلقة. ولم يتكرر التصويت بسبب عدم اكتمال النصاب.وفي حين يحضر كل نواب 14 آذار والمستقلون والوسطيون الى مقر المجلس في وسط بيروت في كل جلسة، يتغيب نواب حزب الله الشيعي وحلفاؤه نواب التيار الوطني الحر برئاسة الزعيم المسيحي ميشال عون.ويقول الدستور ان المجلس "يجتمع حكما في اليوم العاشر الذي يسبق اجل انتهاء ولاية الرئيس" وان "المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية ويترتب عليه الشروع حالا في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أو أي عمل آخر".وتنافس في التصويت الوحيد الذي حصل في الجلسة الاولى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، مرشح قوى 14 آذار المناهضة لحزب الله، والنائب هنري حلو (وسطي).وينظر على نطاق واسع الى النائب ميشال عون على انه مرشح الفريق الثاني القوي في البرلمان، لكن عون اعلن انه لا يريد خوض سباق الانتخابات ما لم يتم توافق مسبق عليه.ويقول الخبير في المسائل الانتخابية ربيع الهبر مدير عام شركة "ستاتيستكس ليبانون"، لوكالة فرانس برس ان "الدعوات الى عقد جلسات ستستمر حتى 24 مايو (اليوم الاخير من ولاية الرئيس الحالي). بعد ذلك، قد يتواصل السيناريو نفسه، اي الدعوة الى جلسات لا تعقد، او تحصل فترة جمود سياسي يرجح انها ستكون طويلة في انتظار التسوية الاقليمية والدولية".ويضيف "النصاب لن يكتمل، فالنواب الخائفون من تسوية ما (محلية) تأتي بمرشح لا يريدونه، او الذين لا يريدون اجراء الانتخابات، لن يشاركوا في الجلسات التي ستسقط حكما".ويوضح الهبر ان التسوية المنتظرة "سيشارك فيها الاميركي والسعودي والايراني وتكون على الارجح بدفع فرنسي وقطري، ويتم من خلالها الاتفاق على اسم الرئيس". لكنه يضيف ان "الدول الكبرى بعيدة عن البحث في موضوع لبنان" في الوقت الحالي.ونادرا ما عرف لبنان في تاريخه الحديث معركة حقيقية في الانتخابات الرئاسية. ولطالما جاء الرئيس نتيجة فرض من الخارج، اجمالا من دولة معينة تتمتع بنفوذ في البلد الصغير ذي التركيبة السياسية والطائفية الهشة، كما حصل بعد انتهاء الحرب الاهلية (1975-1990) مع سوريا التي عرفت آنذاك، ب"قوة الوصاية"، او نتيجة توافق داخلي وخارجي تجنبا لانفجار امني كما حصل مع انتخاب ميشال سليمان الذي كان قائدا للجيش اللبناني في 2008.ويتوزع النواب بين 54 نائبا لقوى 14 آذار و57 نائبا لقوى 8 آذار (حزب الله وحلفاؤه) و17 نائبا بين وسطيين ومستقلين، وبالتالي، لا يملك اي من الطرفين القويين الاغلبية المطلقة.ويتمحور الانقسام السياسي الحالي في لبنان حول النزاع السوري الذي يترك تداعيات امنية على لبنان، وسلاح حزب الله الذي تقول قوى 14 آذار ان الحزب يستخدمه للضغط على الحياة السياسية وتطالب بوضعه في عهدة القوى الامنية الشرعية، بينما يتمسك به الحزب بذريعة استخدامه في مواجهة اسرائيل. كما يطالب خصوم حزب الله الحزب بالانسحاب من سوريا حيث يقاتل الى جانب قوات النظام.ويجعل هذا الانقسام مسالة انتخاب رئيس في المدى المنظور امرا مستبعدا جدا.ويقول الهبر "حتى الآن المعركة داخلية محض، لا افق جديا لها"، متوقعا ان يبقى لبنان من دون رئيس حتى الخريف المقبل على اقل تقدير.واعلن الرئيس ميشال سليمان انه سيغادر القصر الجمهوري في 24 مايو، وانه ينتظر هذا اليوم "بفرح". وهذا يعني دخول لبنان الحتمي بعد هذا التاريخ في فراغ في سدة الرئاسة.وبموجب الدستور، ستتولى الحكومة الحالية التي تضم ممثلين عن غالبية الاطراف اللبنانيين "مجتمعة" مهام رئيس الجمهورية بعد شغور المنصب.