بغداد - (رويترز): يفر آلاف المدنيين من الفلوجة منذ الأسبوع الماضي بعد أن صعد الجيش العراقي من قصفه للمدينة في محاولة جديدة لسحق انتفاضة سنية تفجرت هناك منذ 5 أشهر وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى في عملية يصفها بعض السكان بأنها قصف عشوائي مكثف.ومنذ 7 أيام تتساقط قذائف المورتر والمدفعية و«البراميل المتفجرة» بحسب أقوال البعض على مدينة الفلوجة التي أذاقت القوات الأمريكية بأسها قبل 10 سنوات وهي الآن ساحة المعركة الرئيسة في حرب بين الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة من جهة وشيوخ عشائر سنية مناهضة للحكومة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» المنشق عن القاعدة من جهة أخرى.وفر بالفعل أكثر من 420 ألف شخص من الفلوجة والرمادي - المدينتين الرئيسيتين في محافظة الأنبار الغربية - اللتين تشهدان قتالاً منذ بداية العام. ويقول سكان إن القصف الجديد للأحياء السكنية في الفلوجة يهدف إلى إخراج كل المدنيين المتبقين استعداداً لهجوم شامل يقضي على الجماعات المسلحة تماماً.وتعهد رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يحاول تشكيل ائتلاف يبقيه في المنصب لفترة ثالثة بعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 30 أبريل الماضي بالقضاء على المسلحين الذين سيطروا على أجزاء من محافظة الأنبار العام الماضي.وبعد أيام من القصف أعلن الجيش العراقي الجمعة الماضي أنه يشن هجوماً على مناطق ريفية إلى الشمال والجنوب والغرب من الفلوجة.وتقول مصادر طبية إن 55 شخصاً قتلوا في الفلوجة منذ 6 مايو الجاري. والقتلى ما بين مدنيين ومقاتلين. وذكرت النائبة العراقية لقاء وردي أن أكثر من 1100 أسرة أو ما يقدر بستة آلاف شخص فروا من القصف وأن آخرين مازالوا يغادرون المدينة.ويقول سكان بالفلوجة إن الجيش يتسبب في أضرار واسعة النطاق وإنه يستخدم «البراميل المتفجرة» التي تحوي مواد قوية التفجير وإسمنتاً وأجزاء معدنية وتسقطها الطائرات الهليكوبتر.وتحمل البراميل المتفجرة دلالة معنوية سيئة في المنطقة نظراً لاستخدام قوات الرئيس بشار الأسد لها في سوريا المجاورة لهدم مبان في مناطق يسيطر عليها المعارضون. وتنفي الحكومة العراقية استخدام هذا السلاح وتؤكد حرصها على تفادي سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى.وقال علي الموسوي المتحدث باسم المالكي «على الرغم من أن قواتنا الباسلة ومعها أهالي المناطق والعشائر الغيورة تخوض حرباً غير عادية وتواجه مجاميع من القتلة الانتحاريين فإنها ملتزمة باستهداف تجمعاتهم فقط وتجنب المدنيين الذين يحاول الإرهابيون استخدامهم كدروع بشرية».غير أن ضابط أمن يحمل رتبة متوسطة في محافظة الأنبار أكد إسقاط براميل متفجرة على الفلوجة.وقال الضابط الذي يشارك في التخطيط لاستعادة المدينة من أيدي المعارضين والذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته «إنها سياسة الأرض المحروقة، تدمير منطقة بالكامل، الجيش أقل خبرة بأسلوب القتال من منزل إلى منزل الذي يبرع فيه المسلحون ولذلك لجأ إلى هذا».وبحلول الاثنين الماضي كان مسعى الجيش لدخول المناطق الجنوبية للفلوجة قد باء بالفشل وتوقفت العمليات البرية مرة أخرى. وقال سكان إن استخدام «البراميل المتفجرة» توقف أخيراً. ولايزال المالكي وقادته العسكريون يتعهدون باستعادة المدينة.ويلقي المدنيون الذين يفرون من الفلوجة بعد أن صمدوا لشهور في مكان بات أشبه ببيت الأشباح باللائمة في أزمتهم على الجانبين. فهم مقتنعون بأن الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة تريد طمس معالم مدينتهم كما إنهم يتهمون المقاتلين بتدمير حياتهم.