يرى مبتكر ستائر التكييف الذكية التي تعمل بلا كهرباء ماريو ستوكي، ، أن ستائره ستحل محل أجهزة التكييف التقليدية، التي صار استهلاكها من الطاقة مكلفًا. ويتوقع أن تنتشر هذه الستائر في دول الخليج العربي، حيث تتخطى الحرارة 50 مئوية.

ويتوقع العلماء - حسب تقرير نشرته إيلاف - أن تزداد حرارة الأرض ورطوبتها بالتدريج بتأثير التغيرات المناخية في العالم، وهذا يعني أن العالم سيحتاج المزيد من أنظمة التكييف. ولاشك في أن ابتكار أنظمة تبريد بيئية تحل محل الأنظمة الكهربائية المكلفة يقلل استهلاك الطاقة إلى حد كبير، خصوصًا في البلدان الحارة.

وربما يأتي البديل البيئي المطلوب من جامعة زيورخ التقنية التي عمّمت تقريرًا يتحدث عن ستائر ذكية تعمل على تكيييف القاعات والبيوت بلا كهرباء. وعمل طالب دكتوراه في قسم "بحوث المواد الجديدة" على إنتاج الستائر من أغشية خاصة تستخدم حرارة الجو ورطوبته وأشعة الشمس، المباشرة وغير المباشرة، في عملية التكييف.

ذكر ماريو ستوكي، مبتكر ستائر التكييف الذكية، أنه استخدم الوظائف المتضادة في إنتاج الستائر التي لايزيد سمكها على سمك الورقة الاعتيادية. وأضاف أنه صنع غشاءً من مادتين: بوليثيران طاردة للماء وبوليمر ممتز للماء، حيث يمتص الغشاء الماء في الطبقة الممتزة ويخزن في الطبقة الوسطى، ثم يتسلل الماء إلى الجو من مسامات لا يزيد قطر الواحدة على ميكروميتر واحد في الطبقة الخارجية من الغشاء. بمعنى آخر، يتحول الماء إلى بخار ماء عندما يخترق الغشاء الخارجي عبر المسامات المجهرية.

وتحتاج عملية تبخر الماء الكثير من الطاقة الحرارية، وهذه طاقة يستمدها الغشاء، أو الستارة، من حرارة جو الغرفة. تؤدي هذه العملية إلى تبريد الغرفة، وإلى بث شيء من الرطوبة المريحة في الجو، علمًا أن عملية ترطيب الجو تحتاج بدورها كهرباء وطاقة في معظم الأنظمة السائدة.

وعلى الرغم من صعوبة المقارنة بين درجات الحرارة في بلدان الخليح والولايات المتحدة، إلا أن الإحصائيات الأميركية الرسمية تشير إلى أن الأميركيين يستهلكون 15 في المئة من مجموع الطاقة المستهلكة سنويًا في التكييف. وعلى هذا الأساس، يمكن الستائر الذكية أن تقلل استهلاك الطاقة إلى أبعد حد.

وجذب ستوكي انتباه جامعة زيورخ، وهو ينال رسالة الماجستير نظير اختراعه نسيجًا للملابس لا يحتوي على مركبات الفلوريد التي يحتويها هذا النوع من الأقمشة الجديدة. وهذا نسيج يجف بسرعة، و"وظيفي" بمعنى أنه يمرر الروائح والعرق ويتنفس. يقول إنه طوّر الستائر الذكية من هذا القماش بعدما أضاف جزيئات كلسية نانوية إلى النسيج، وهو في الحالة السائلة، وعاملها بعد ذلك بأحماض ملحية طبيعية، وهذه التغيرات هي سر مسامية الغشاء الخارجي للستائر الذكية.

وفي الطبقات الثلاث التي تؤلف الستار الذكي، استخدم ستوكي طريقة ابتكرها البروفيسور فيندلين شتارك من جامعة زيورخ سنة 2012، وتعتمد على ربط الطبقات المكونة للنسيج بمحلول وسيط بدلًا من طريقة اللصق الشائعة في إنتاج الأنسجة المثيلة.

وثبت أن طريقة الربط الجديدة تضمن عدم تفكك القماش في طبقاته الثلاث، كما تحافظ على الثقوب المسامية في الطبقة الخارجية مفتوحة دائمًا.

في تجربته مدى كفاءة الستائر الذكية في التكييف، عمد ستوكي إلى نقع النسيج في الماء بدرجة حرارة 30 مئوية، ورطوبة غرفة بنسبة 50 في المئة، وثبت أنها تستوعب الماء وتبخره بكميات تتراوح بين 1.2 و1.7 كيلوغرام ماء في اليوم لكل متر مربع.

تمت تجربتها أيضًا في قاعة مربعة طول ضلعها 10 أمتار، حيث استخدم ستوكي ستائر مساحتها 80 مترًا مربعًا لتكييف الغرفة بينما الحرارة الخارجية 50 مئوية، والداخلية 30 مئوية. وثبت أن الستائر سحبت من حرارة الغرفة أكثر مما أرسلته الشمس من حرارة عبر النوافذ والجدران، وعملت على تكييف الغرفة بدرجة حرارة مناسبة تراوح حوالى 20 درجة مئوية.

ويرى الباحث أن الحديث عن دخول مرحلة الإنتاج مبكر الآن، إذ يبقى أن يتغلب على مشكلتين: الأولى، احتمال أن تتحول الستائر إلى مجمع للبكتيريا بحكم الرطوبة، وهذه مشكلة يمكن حلها من طريق طبقة نانوية خارجية مضادة للجراثيم تضاف إلى غشاء الستارة؛ والثانية، عمر النسيج والعمل على جعله نسيجًا قويًا يخدم البشر في التكييف فترة طويلة. لا يستبعد ستوكي أن تقتحم الستائر الذكية عالم الملابس والأنسجة والأثاث وغيرها بحكم فاعليتها الكبيرة.