واهم من يظن أن إيران «كاشفة الرأس» وحدها ذات طموح المد التوسعي في المنطقة العربية، فغيرها كثيرون ولكنهم يستترون تحت مظلات وأغطية، حتى لا تنكشف مساعيهم، فتعلن الحرب عليهم كما أعلنت على إيران بعد اكتشاف مساعيها.
لقد بات المشروع الفارسي في المنطقة جلياً، غير أن ما يستوقفنا اليوم هو المشروع العثماني، فمثلما كان مشروع إيران سياسياً قومياً يستلهم خطاه من أمجاد ماضيه وإرثه التاريخي، هناك تركيا التي يجمعها مع إيران تاريخ صراع طويل للهيمنة على الدول العربية، مستنيرةً هي الأخرى بوهج تاريخ الدولة العثمانية وما بلغته من عظمة ونفوذ وامتداد جغرافي شاسع.
فإن كان الفرس في أقصى امتداد لهم خلال فترة حكم الإمبراطورية الإخمينية، وبعدها الإمبراطورية الساسانية، بلغ نفوذهم بدرجات متفاوتة مساحة شاسعة من الدول العربية وأجزاء شمالية وشرقية من الخليج العربي، هنالك أيضاً الدولة العثمانية التي توغلت بعمق أكبر في السواد الأعظم من المنطقة العربية وغطت الخليج العربي بالكامل.
من جهة أخرى، فإن للعثمانيين الجدد فرصة ذهبية تجعلهم يتخذون من السياسة الإيرانية مدخلاً أمثل للعرب وخصوصاً الخليجيين، في اجتذاب ولاءات بعض السنة للخارج وفق أنظمة دينية شمولية، ولعل أسهل من يمكن اجتذابهم أولئك الذين تمكنهم عقيدتهم بالمقام الأول من تقديم ولاءات عابرة للحدود، وليس هناك من هو أفضل من «الإخوان المسلمين» في سبيل تحقيق الهدف، لا سيما بعد سقوط عروشهم الكبرى في مصر وتجريمهم على نطاق أوسع عربياً وملاحقتهم قضائياً، ما يجعلهم في حاجة لمن يستظلون به، وليس ثمة حضن أدفأ من الحضن التركي الوارف. وإن نصبت طهران نفسها عاصمة سياسية للشيعة في العالم، ما الذي يردع أنقرة من أن تصنع صنيعها هي الأخرى؟!
وإن لم تكن تركيا مؤهلة بما يكفي لخوض حرب أو غزو عسكري مباشر في عموم المنطقة إلا أنها تملك ورقة «الحدود الشفافة» بما يمكنها من فرض هيمنتها على الداخل الخليجي عبر اختراق مكوناته الوطنية، تماماً كما فعلت إيران منذ ثورتها الخمينية.
يهمنا الآن العودة للوراء والاستنارة بتاريخنا القريب، فلربما كانت من بواكير وأفظع الأخطاء التي وقع فيها العرب كردة فعل على التمدد الإيراني، إعلان الحرب على المذهب الشيعي ككل، وتأليف مئات الكتب ضد الشيعة، وإطلاق النعوت المسيئة عليهم، وهو فعل زججنا به الشيعة العرب في أحضان طهران، في حالة تمكين عكسية جاءت لصالحها ضدنا. وهو أمر لن أوغل فيه كثيراً إذ تناوله كثير من المحللين والأكاديميين بتفنيد شامل.
ولعل تباشير فجر هذه القضية لاح بها التقارب السعودي العراقي الذي تمثل بزيارة «مقتدى الصدر» للرياض، ما يعني عودة الشيعة العرب من الحضن الإيراني إلى أصالتهم وعروبتهم. لكن ذلك لا يمنع أن نتخذ من تلك التجربة المريرة دروساً مستفادة للمستقبل في التعاطي مع التمدد التركي القادم.
* اختلاج النبض:
إن أقررنا كخليجيين بسوء صنيعنا في تضييع الشيعة العرب الذين بتنا ندعو مؤخراً لإعادتهم إلى الحضن العربي، ومع قناعتنا بإرهابية «الإخوان المسلمين» وخطرهم الداهم على دولنا.. أعلينا احتواء «الإخوان المسلمين» الخليجيين منذ اللحظة؟ أم استبعادهم كلياً عن المنطقة؟ أم تركهم للفك التركي المقبل على ابتلاع لقمته الكبرى في الخليج وقد بدأ فعلياً؟! سؤال كبير ولكن الإجابة عنه ضرورة ملحة يفرضها المصير الخليجي في قادم الأيام.
لقد بات المشروع الفارسي في المنطقة جلياً، غير أن ما يستوقفنا اليوم هو المشروع العثماني، فمثلما كان مشروع إيران سياسياً قومياً يستلهم خطاه من أمجاد ماضيه وإرثه التاريخي، هناك تركيا التي يجمعها مع إيران تاريخ صراع طويل للهيمنة على الدول العربية، مستنيرةً هي الأخرى بوهج تاريخ الدولة العثمانية وما بلغته من عظمة ونفوذ وامتداد جغرافي شاسع.
فإن كان الفرس في أقصى امتداد لهم خلال فترة حكم الإمبراطورية الإخمينية، وبعدها الإمبراطورية الساسانية، بلغ نفوذهم بدرجات متفاوتة مساحة شاسعة من الدول العربية وأجزاء شمالية وشرقية من الخليج العربي، هنالك أيضاً الدولة العثمانية التي توغلت بعمق أكبر في السواد الأعظم من المنطقة العربية وغطت الخليج العربي بالكامل.
من جهة أخرى، فإن للعثمانيين الجدد فرصة ذهبية تجعلهم يتخذون من السياسة الإيرانية مدخلاً أمثل للعرب وخصوصاً الخليجيين، في اجتذاب ولاءات بعض السنة للخارج وفق أنظمة دينية شمولية، ولعل أسهل من يمكن اجتذابهم أولئك الذين تمكنهم عقيدتهم بالمقام الأول من تقديم ولاءات عابرة للحدود، وليس هناك من هو أفضل من «الإخوان المسلمين» في سبيل تحقيق الهدف، لا سيما بعد سقوط عروشهم الكبرى في مصر وتجريمهم على نطاق أوسع عربياً وملاحقتهم قضائياً، ما يجعلهم في حاجة لمن يستظلون به، وليس ثمة حضن أدفأ من الحضن التركي الوارف. وإن نصبت طهران نفسها عاصمة سياسية للشيعة في العالم، ما الذي يردع أنقرة من أن تصنع صنيعها هي الأخرى؟!
وإن لم تكن تركيا مؤهلة بما يكفي لخوض حرب أو غزو عسكري مباشر في عموم المنطقة إلا أنها تملك ورقة «الحدود الشفافة» بما يمكنها من فرض هيمنتها على الداخل الخليجي عبر اختراق مكوناته الوطنية، تماماً كما فعلت إيران منذ ثورتها الخمينية.
يهمنا الآن العودة للوراء والاستنارة بتاريخنا القريب، فلربما كانت من بواكير وأفظع الأخطاء التي وقع فيها العرب كردة فعل على التمدد الإيراني، إعلان الحرب على المذهب الشيعي ككل، وتأليف مئات الكتب ضد الشيعة، وإطلاق النعوت المسيئة عليهم، وهو فعل زججنا به الشيعة العرب في أحضان طهران، في حالة تمكين عكسية جاءت لصالحها ضدنا. وهو أمر لن أوغل فيه كثيراً إذ تناوله كثير من المحللين والأكاديميين بتفنيد شامل.
ولعل تباشير فجر هذه القضية لاح بها التقارب السعودي العراقي الذي تمثل بزيارة «مقتدى الصدر» للرياض، ما يعني عودة الشيعة العرب من الحضن الإيراني إلى أصالتهم وعروبتهم. لكن ذلك لا يمنع أن نتخذ من تلك التجربة المريرة دروساً مستفادة للمستقبل في التعاطي مع التمدد التركي القادم.
* اختلاج النبض:
إن أقررنا كخليجيين بسوء صنيعنا في تضييع الشيعة العرب الذين بتنا ندعو مؤخراً لإعادتهم إلى الحضن العربي، ومع قناعتنا بإرهابية «الإخوان المسلمين» وخطرهم الداهم على دولنا.. أعلينا احتواء «الإخوان المسلمين» الخليجيين منذ اللحظة؟ أم استبعادهم كلياً عن المنطقة؟ أم تركهم للفك التركي المقبل على ابتلاع لقمته الكبرى في الخليج وقد بدأ فعلياً؟! سؤال كبير ولكن الإجابة عنه ضرورة ملحة يفرضها المصير الخليجي في قادم الأيام.