وقتنا الراهن يعج بـ «التنظير»، تعيش وسط دوامة من محاولات كثير من البشر «تعليمك» كيف تعيش حياتك، وهذا واقع!
لو نتمعن في مواقع التواصل الاجتماعي مثلاً، سنجد نشراً يومياً لآلاف من «الأقوال المأثورة» أو الجمل المعنية بالممارسة الفضلى للحياة.
لا ضير في نشر هذه المعلومات دون فرض أية وصاية، بمعنى أن هناك جملاً وقصصاً ونصائح تمر علينا في حياتنا، نعجب بها، ونحاول أن نتمثل بها، والبعض ينشرها لتعم الفائدة، وهذا فعل حميد.
لن أفصل في مسألة النشر، والتي يفضل قبلها أن يكون الشخص مقتنعاً بما ينشر، ويحاول أن يطبقها على ذاته قبل سعيه للتأثير على الآخرين، فالنشر وتعميم الفائدة فعل محمود.
لكن الفعل الذميم الذي يمارسه كثيرون، هو حينما ينشرون هذه الأمور بهدف «التجمل» أمام البشر، أو بهدف فرضها على الناس، خاصة من هواة التنظير الذين يمكن أن تكتشفهم بسرعة لو أمعنت النظر فيما يقولون وقارنته بما يتصرفون به.
عموماً، ليست هذه الفكرة، فالمقصد هنا بأننا حينما يعجبنا شيء، ويستهوينا، ونراه نموذجاً رائعاً لو طبقه كثيرون لطوروا من حياتهم ولاستفادوا، لو قمنا بنشره من باب المعلومية فهو أمر طيب، لكن الخطأ الجسيم الذي نقع فيه، حينما نعتبره أمراً ملزماً للناس، ونصاً لا يجب الحياد عنه، وإلا فإنك موغل في الخطأ ولا تعرف كيف تعيش حياتك.
لكل منا حياته بتفاصيلها وخصوصيتها، والتي تميزها عن بقية حياة الناس. لكل منا أسلوب حياة، قد يتفق معه كثيرون أو يختلف معه أكثر، لكن في النهاية هو أسلوب خاص بك، أنت مقتنع به، تحاول تطويره وتحسينه لو وجدت شيئاً إيجابياً يساعدك على ذلك، وكثيرون لن يقبلوا بأن يتدخل أحد في حياتهم ويمارس عليهم التنظير بمبرر النصح، لأن عملية إسداء النصائح بطرقها الراقية الصحيحة التي لا تتعدى الخطوط الحمراء لدى البشر «فن» لا يتقنه كثيرون، فيتحولون بالتالي إلى إما متطفلون، أو متعطشون للوصاية على البشر، وكأنهم يقولون «طريقتنا وإلا فإنك فاشل في حياتك».
المولي عز وجل أعطانا عقولاً نفكر بها، وفي المقابل خلق لدينا إرادة وبصيرة، وليس الإنسان بعاجز عن تقييم الصحيح من الخطأ لو فتح مداركه، والسعيد من يحقق أولاً «الرضا النفسي» وينجح في الوصول لحالة «السلام الداخلي».
لذلك هي نصيحة لأي إنسان، مارس حياتك على سجيتك، وبما يجعلك مبتسماً سعيداً، حاول أن تطورها بما يعجبك من نصائح ومعلومات مبعثرة يمنة ويسرة، لكن شريطة أن تكون مبنية على قناعة، وعلى إدراك بالحاجة لها، حين تتراءى أمامك مثل المفاتيح التي تحصل عليها لتفتح أبواباً مقفلة تختفي وراءها كنوز السعادة في الحياة.
واحذر كل الحذر من أن تفرض ما تؤمن به بالقوة والسطوة والجبروت وكل أنواع فرض الرأي على الناس، لا تستميت من أجل إقناع الناس بأن ما تقوله صحيح وأن طريقتك هي الأفضل ولا شيء غيرها.
هذه مشكلة يعاني منها كثيرون، في تجمعات إنسانية أو في مواقع العمل أو حتى في العائلة، وسببها يكون في الشخص نفسه ونزعته لفرض رؤاه، وهنا ينقسم الناس لنوعين، إما قاصد لما يفعل أو فاعل بحسن نية، وسبب آخر يتمثل في الجموع الأخرى التي تجعل حياتها مكشوفة أمام الناس، وكأنها دعوة للمشاركة فيها، تسقط الخصوصية وتتحدث بأدق التفاصيل، وهنا تتحول العملية لأشبه بمن يترك باب بيته مفتوحا، ثم ينزعج إن دخل اللصوص وسرقوا ما فيه أو تطفلوا عليه.
هناك ثوابت في معادلات الحياة، ومبادئ راسخة، منها ما يبني على تجارب البشر ويحاول منح خلاصة لها بحيث يستفيد منها الناس، بحسب إرادتهم وقناعتهم. التذكير بهذه الثوابت ليس سوى إعادة تدوير للمعلومات المفيدة، لكن استخدامها بأسلوب فرض الرأي والوصاية والتدخل في حياة البشر وتشكيلها وصقل سلوكهم وتصرفاتهم وعلاقاتهم بحسب «مقياسنا الشخصي» هو الخطأ الذي يقع فيه كثيرون.
لكل منا حياته، استمتع بحياتك كيفما تريد، لكن رجاء لا «تفصل» لي حياتي بأدواتك الخياطة خاصتك!
* اتجاه معاكس:
الأفكار الراقية لا تصدر إلا عن أناس راقين، يرمونها هكذا في الفضاء، ولا يعنيهم أبداً إن أؤخذ بها، أو تم تجاهلها، ففي النهاية الهدف نشر المعلومة والخبرات، لا فرضها على الناس.
لو نتمعن في مواقع التواصل الاجتماعي مثلاً، سنجد نشراً يومياً لآلاف من «الأقوال المأثورة» أو الجمل المعنية بالممارسة الفضلى للحياة.
لا ضير في نشر هذه المعلومات دون فرض أية وصاية، بمعنى أن هناك جملاً وقصصاً ونصائح تمر علينا في حياتنا، نعجب بها، ونحاول أن نتمثل بها، والبعض ينشرها لتعم الفائدة، وهذا فعل حميد.
لن أفصل في مسألة النشر، والتي يفضل قبلها أن يكون الشخص مقتنعاً بما ينشر، ويحاول أن يطبقها على ذاته قبل سعيه للتأثير على الآخرين، فالنشر وتعميم الفائدة فعل محمود.
لكن الفعل الذميم الذي يمارسه كثيرون، هو حينما ينشرون هذه الأمور بهدف «التجمل» أمام البشر، أو بهدف فرضها على الناس، خاصة من هواة التنظير الذين يمكن أن تكتشفهم بسرعة لو أمعنت النظر فيما يقولون وقارنته بما يتصرفون به.
عموماً، ليست هذه الفكرة، فالمقصد هنا بأننا حينما يعجبنا شيء، ويستهوينا، ونراه نموذجاً رائعاً لو طبقه كثيرون لطوروا من حياتهم ولاستفادوا، لو قمنا بنشره من باب المعلومية فهو أمر طيب، لكن الخطأ الجسيم الذي نقع فيه، حينما نعتبره أمراً ملزماً للناس، ونصاً لا يجب الحياد عنه، وإلا فإنك موغل في الخطأ ولا تعرف كيف تعيش حياتك.
لكل منا حياته بتفاصيلها وخصوصيتها، والتي تميزها عن بقية حياة الناس. لكل منا أسلوب حياة، قد يتفق معه كثيرون أو يختلف معه أكثر، لكن في النهاية هو أسلوب خاص بك، أنت مقتنع به، تحاول تطويره وتحسينه لو وجدت شيئاً إيجابياً يساعدك على ذلك، وكثيرون لن يقبلوا بأن يتدخل أحد في حياتهم ويمارس عليهم التنظير بمبرر النصح، لأن عملية إسداء النصائح بطرقها الراقية الصحيحة التي لا تتعدى الخطوط الحمراء لدى البشر «فن» لا يتقنه كثيرون، فيتحولون بالتالي إلى إما متطفلون، أو متعطشون للوصاية على البشر، وكأنهم يقولون «طريقتنا وإلا فإنك فاشل في حياتك».
المولي عز وجل أعطانا عقولاً نفكر بها، وفي المقابل خلق لدينا إرادة وبصيرة، وليس الإنسان بعاجز عن تقييم الصحيح من الخطأ لو فتح مداركه، والسعيد من يحقق أولاً «الرضا النفسي» وينجح في الوصول لحالة «السلام الداخلي».
لذلك هي نصيحة لأي إنسان، مارس حياتك على سجيتك، وبما يجعلك مبتسماً سعيداً، حاول أن تطورها بما يعجبك من نصائح ومعلومات مبعثرة يمنة ويسرة، لكن شريطة أن تكون مبنية على قناعة، وعلى إدراك بالحاجة لها، حين تتراءى أمامك مثل المفاتيح التي تحصل عليها لتفتح أبواباً مقفلة تختفي وراءها كنوز السعادة في الحياة.
واحذر كل الحذر من أن تفرض ما تؤمن به بالقوة والسطوة والجبروت وكل أنواع فرض الرأي على الناس، لا تستميت من أجل إقناع الناس بأن ما تقوله صحيح وأن طريقتك هي الأفضل ولا شيء غيرها.
هذه مشكلة يعاني منها كثيرون، في تجمعات إنسانية أو في مواقع العمل أو حتى في العائلة، وسببها يكون في الشخص نفسه ونزعته لفرض رؤاه، وهنا ينقسم الناس لنوعين، إما قاصد لما يفعل أو فاعل بحسن نية، وسبب آخر يتمثل في الجموع الأخرى التي تجعل حياتها مكشوفة أمام الناس، وكأنها دعوة للمشاركة فيها، تسقط الخصوصية وتتحدث بأدق التفاصيل، وهنا تتحول العملية لأشبه بمن يترك باب بيته مفتوحا، ثم ينزعج إن دخل اللصوص وسرقوا ما فيه أو تطفلوا عليه.
هناك ثوابت في معادلات الحياة، ومبادئ راسخة، منها ما يبني على تجارب البشر ويحاول منح خلاصة لها بحيث يستفيد منها الناس، بحسب إرادتهم وقناعتهم. التذكير بهذه الثوابت ليس سوى إعادة تدوير للمعلومات المفيدة، لكن استخدامها بأسلوب فرض الرأي والوصاية والتدخل في حياة البشر وتشكيلها وصقل سلوكهم وتصرفاتهم وعلاقاتهم بحسب «مقياسنا الشخصي» هو الخطأ الذي يقع فيه كثيرون.
لكل منا حياته، استمتع بحياتك كيفما تريد، لكن رجاء لا «تفصل» لي حياتي بأدواتك الخياطة خاصتك!
* اتجاه معاكس:
الأفكار الراقية لا تصدر إلا عن أناس راقين، يرمونها هكذا في الفضاء، ولا يعنيهم أبداً إن أؤخذ بها، أو تم تجاهلها، ففي النهاية الهدف نشر المعلومة والخبرات، لا فرضها على الناس.