^   كنت ومازلت أفتش في كتب التنمية الذاتية والتنمية البشرية وفي مواقع الإنترنت عن معنى وجود الإنسان فوق الأرض، معنى حياته، والحكمة من وجوده في مكان محدد وزمان محدد وعائلة محددة. وأعرف الآن أكثر من أي وقت مضى، أن الإنسان منذ البدايات الأولى في المجتمعات التي استعمرت هذا الكوكب المغاير والمختلف عن الكواكب الأخرى، وهو يحاول أن يصل إلى سبب وجوده هنا والآن. ويطرح على نفسه الأسئلة مثل؛ ماذا أريد أنا؟ وماذا أريد أن أكون؟ ما هو دوري في الحياة؟ ما الذي يمكن أن أقدمه؟ وما هي إنجازاتي في الحياة؟ هذه الأسئلة وغيرها هي الدافع لمن يريد التعرف على ذاته وتنميتها من أجل أن يليق بأن يكون خليفة الله على هذه الأرض. إن جملة تنمية الذات أو التنمية الذاتية تتكون من كلمتين؛ الأولى هي “تنمية” وتعني الزيادة والإكثار والتوسع والتمدد، والتوظيف الجيد بشكل مدروس ومفيد لكل الإمكانات المتوفرة، فيما الكلمة الثانية “الذات أو الذاتية” فهي تعني الجوهر الفردي الخاص بكل فرد من المجموعة الإنسانية، حيث لا يتشابه إنسان مع آخر، فكل واحد منا أعطاه الله سبحانه وتعالى بصمته الذاتية المرتبطة ارتباطاً بالمشيئة الإلهية. من هذا المنطلق نرى التنمية هي الارتقاء بكل معانيه؛ الجسدية المادية والفكرية والروحية، لكن كيف لنا الارتقاء من حالة إلى أخرى، ومن وضع سيء إلى وضع جيد، ومن أفكار سلبية إلى أفكار إيجابية، ومن الركض اللاهث وراء الزائل والمؤقت والفاني إلى الدائم والمستمر والخالد. إن أهم معنى لحياة الإنسان، ليس في زيادة علمه التقني فقط، إنما في زيادة وعيه بذاته، والتي تقوده إلى التعرف على غير المكتشف في الفترة التي يعيش فيها بين أمثاله من البشر. لذلك حينما يتعرف الإنسان على ذاته ويرى مدى اتساعها غير المحدود، اتساعاً يجاوز آخر المجرات في الكون غير النهائي، يستطيع أن يتعامل مع الآخرين كما هم، دون وضع أي فواصل بينه وبينهم، لأن الآخرين هم من نفس الطينة التي خلق الله منها أبانا آدم. من هنا تأتي أهمية التنمية الذاتية، وهي المقدمة للتنمية البشرية، لتبدأ من التمكن من تشكيل الثقة بالذات، والغوص في التفكير الإيجابي، والتمكن من زراعة الإبداع وتعلم مهارات الاتصال في العمل والبيت والطريق، والحصول على المهارات الدراسية من أجل التفوق الوظيفي والنجاح الحياتي والاجتماعي، والوصول إلى معرفة أفضل الطرق للحصول على الثروة، وكيفية استخدام هذه الثروة، كمنطلق للتنمية بالحياة المعيشية ومساعدة الآخرين في الوصول إليها. وعلينا أن نعي جيداً أن أي إنسان يعيش على كوكبنا هذا يملك قدرات لا محدودة، ولا يحتاج إلى أن يطلبها من الخارج، هي موجودة داخله، وما عليه إلا تنميتها. عبر قراءة النصوص الدينية، والاقتراب من تجارب حياة الأنبياء، والروحانيين، والحكماء والكهنة، والصوفيين. وغيرهم من التجارب التي ساهمت في ارتقاء الروح البشرية. إن كنت تريد الوصول إلى عاصمة معناك لا تحتاج للذهاب بعيداً أو الركض وراء آراء الحكماء. ادخل ذاتك، ناقشها، تجانس معها إلى درجة التناغم.، ومع كل قطرة ضوء وقطرة لون وقطرة محبة، سترى نفسك أمام وعيك الكوني.