^ كيف ننظر لبعض القضايا القديمة الجديدة التي ظهرت علينا حالياً ونحن أمام تداعيات أزمة عصفت بالبحرين منذ أكثر من عام؟ أولاً لابد من تحديد القضايا التي بدأ الرأي العام بالانشغال بها الآن، وما إذا كانت قضايا جوهرية أو مصيرية في مسارات مستقبل النظام السياسي البحريني. القضايا التي نتحدث عنها هنا تشمل قضيتين أساسيتين الأولى تتعلق بالأوضاع المالية والإدارية لشركة طيران الخليج والشبهات بالفساد التي تدور حولها منذ سنوات طويلة في ظل خسارتها لملايين الدولارات شهرياً. والقضية الثانية حادثة وزيرة الثقافة مع أعضاء مجلس النواب والتداعيات التي بدأت بالظهور بعد هذه الحادثة. هنا يحق لنا التساؤل؛ هل هاتان القضيتان جديدتان على الرأي العام البحريني؟ أعتقد أن الجواب قطعاً كلا، لأن أوضاع الناقلة الوطنية تم طرحها من قبل وسائل الإعلام منذ سنوات، وكذلك على المستوى البرلماني، وبالتالي ليست جديدة على الرأي العام البحريني. وكذلك الحال بالنسبة لقضية أداء الجهاز المعني بالثقافة الذي سبق أن شكلت بشأنه لجنة تحقيق برلمانية في فصل تشريعي سابق. لن أقلل من أهمية القضيتين تماماً مادامتا تشغلان شريحة معينة من الرأي العام البحريني، ولكن سأحاول تقديم رؤية مغايرة عن هذين الموضوعين مع تفاقم اهتمام المواطنين بهما. الدولة تشهد تحديات داخلية وخارجية هامة ومؤثرة للغاية في مسارات النظام السياسي البحريني نتيجة الصراع الذي مازال محتدماً، والجميع يعرف جيداً ماهية هذه التحديات، ولكنه بالمقابل يتجاهل التركيز في الحلول الناجعة والأساليب التي يمكن أن تنهي تداعيات هذه التحديات. من الأمثلة الواضحة على ذلك أن هناك تعديلات دستورية هامة للغاية في أروقة السلطة التشريعية يمكن أن تحدث نقلة نوعية في تركيبة القوة السياسية داخل النظام البحريني ومازال الرأي العام البحريني متجاهلاً لها، رغم أن مثل هذه التعديلات يمكن أن تؤدي إلى شكل من أشكال المعالجات السياسية للأوضاع الراهنة. فالتعديلات الدستورية تنقل النفوذ السياسي الأكبر بين مؤسسات الدولة لصالح السلطة التشريعية، وذلك طبقاً لما ورد من مرئيات حوار التوافق الوطني الذي تم خلال الصيف الماضي. وبالتالي هذه النقلة ستساهم في تعزيز الصلاحيات التشريعية والرقابية للسلطة التشريعية بشكل لم يسبق له مثيل داخل النظام السياسي. ومن ثم إمكانية معالجة العديد من القضايا التي مازال مستثاراً بشأنها بشكل عاطفي أكثر منه عقلاني. أمام هذه التعديلات الدستورية فإنه يمكن الجزم تقريباً بأن الرأي العام ليس لديه اهتمام كبير بها مقابل انفعالاته المتزايدة يوماً بعد آخر، مقابل اهتمامه وانفعاله الكبير بقضايا يتم إثارته فيها عاطفياً. لننظر إلى الموضوع من جانب آخر، في الصراع السياسي فإن الفائز فيه هو من يتمكن من السيطرة على اتجاهات الجمهور وليس من يدفع النظام أو النخبة الحاكمة إلى تقديم المزيد من التنازلات، وأعتقد بهذه المعادلة السياسية البسيطة أن النتيجة واضحة للغاية.
الصراع حول القديـــــــم الجديــــد
15 أبريل 2012