كتب - عبدالرحمن صالح الدوسري:يمتد وجود عائلة الذواودة من البحرين إلى شبه الجزيرة العربية ومنها إلى المغرب العربي، ويدلل معجم «أسماء العرب» على وجود العائلة في تونس وغيرها من بلدان المغرب العربي. في عام 1951 أتى حريق ضخم على معظم بيوتات فريج الذواودة غرب شارع القصر القديم، بينما طلب من صالح الذوادي الانتقال من الحي لبناء دار المعتمد البريطاني في حي الذواودة. فريج الذواودة أو كما أطلق عليه سابقاً كان أرضاً خالية لا يسكنها أحد قبل أن يستوطنها الذواودة، الفارين من فريج «شريبة» على عجل بعد مقتل زعيمهم في الظهران، إذ لم يمهلهم أحد فرصة جمع أغراضهم فدفنوها تحت الأرض.فريج شريبةمن أقدم أحياء جزيرة دارين «فريج شريبة»، ويسكن الحي العمائر والذواودة، ومن هذا الحي هاجرت جماعة من الذواودة إلى البحرين وأسسو فريج شريبه في البحرين.وتظهر الوثائق الأصلية -الموجودة بحوزة كاتب المقال- أن الذواودة كان لهم وجود في قرى القطيف مثل الخترشية والنابية وعنك وجزيرة جنة والمسلمية شمال مدينة الجبيل.ويذكر لوريمر مؤلف كتاب «دليل الخليج» في القسم الجغرافي الجزء السابع الصفحة 2446 عن سكان دارين «دارين على الساحل الغربي للجزيرة، عدد منازلها 100 منزل معظمهم من بني خالد مع قليل من الجنيدات، و10 منازل للسادة وكلهم سنة، والقرية محمية بقلعة مربعة، ولا يوجد بها حدائق ولا زراعات ويملك السكان 15 قارباً لصيد اللؤلؤ».ويقول في موضع آخر من كتابه عند الحديث عن بني خالد «شعبة الذواودة من فرع العمائر يقيم القليل منهم في الجسرة بالبحرين، وجزء منهم يقيم في عنك بواحة القطيف بصفة دائمة، وباقيهم بدو رحل».الذواودة في المنطقة الشرقيةتورد الوثائق العثمانية «قانون نامة لواء القطيف» لعام 959هـ 1552م «يبلغ عدد سكان القطيف 1122 خانة بمعنى 1122 عائلة»، ويشير الدفتر إلى وجود قبيلتين «طائفتين» في القطيف، وهي قبيلة «عماير» مع 8 أفخاذ، ما يدل على أنها القبيلة الأكبر، وعدد سكانها يتجاوز 2000 خانة، وتقع بساتينهم ومزارعهم وأملاكهم في القطيف، والقبيلة الثانية «نقيان» وتتكون من فخذين.فريج الذواودة يذكر عبدالله عبدالعزيز الذوادي في كتابه «رحلة العمر»، أنه ولد في حي يتوسط 3 من أحياء المنامة «فريج رأس رمان شمالاً، وفريج العوضية غرباً، وفريج بن سوار جنوباً، والبحر من جهة الشرق والآن حل محله شارع القصر الجديد، وكان فريج الذواودة يطلق عليه في الماضي (الحالة الصغرى)، لأنه يشكل نتوءاً في البحر من جهة الشرق، وكان أرضاً خالية لا يسكنها أحد».يضيف الذوادي «تبدأ القصة من حي أو قرية الشريبة قرب باربار، وكانت القرية هي سكن جماعة الذواودة»، ويروي عن ابن عمه عبدالله بن يوسف بن يعقوب الذوادي المتوفى في 19 أبريل 2000، قوله إن جماعة الذواودة كانوا يسكنون الشريبة، وزعيمهم أحد أفراد العائلة المالكة واسمه الشيخ دعيج، ويعيشون كأسرة واحدة، لكن زعيمهم قتل في الظهران بالجزيرة العربية أثناء رحلة قنص، وعندما نشر الخبر طلب خصومه في البحرين من جماعة الذواودة أن يغادروا «شريبة» على الفور، ولم يمهلهم الفرصة لجمع أمتعتهم، فدفن بعضهم أمتعته تحت الأرض وخرجوا من «شريبة»، فيما فر بعضهم إلى «دارين» وتوزع البقية على مناطق البحرين المختلفة من الحد إلى الزلاق، وحرقت بيوتهم المبنية من السعف.ويروي الذوادي «سكن الراحل عيد بن عبدالله ودرويش بن عبدالله وغيرهم من أبناء عائلة الذواودة منطقة تقع بين فريج الفاضل ورأس الرمان، واستقروا هناك وبنوا لهم مسجداً يطلق عليه الآن «مسجد عبدالجليل»، واستمروا في حيهم الجديد يمارسون مهنة الغوص والطواشة وأعمال البحر».وفي عهد الشيخ عيسى بن علي وبعد حرب الزبارة -والحديث للذوادي- طلب من الراحل صالح بن عيد الذوادي، الانتقال إلى مكان آخر، لأن البريطانيين كانوا اختاروا حيهم ليبنوا فيه دار المعتمد البريطاني الباليوز، وخصصت لهم الأرض الواقعة جنوب رأس الرمان، فانتقلوا إليها وبنوا فيها مسجداً «مسجد الذواودة» الحالي والواقع على شارع القصر القديم، وحفرت لهم عائلة كانو عيناً سميت عين «بوقيس».من هم الذواودة؟يقول عبدالله الذوادي «تتكون عائلة الذواودة في المنامة من أسرتين، عائلة عيد بن عبدالله الذوادي وأولاده صالح ومحمد وأحمد وحسين، وعائلة درويش بن عبدالله الذوادي وأولاده أرحمه وسالم وبناته رقية وظبية».وينقل عن الراحل عبدالله بن يوسف الذوادي -عاش أكثر من 120 عاماً- قوله إن صالح بن عيد وعبدالله بن عيسى كانا يتبادلان الزيارات والمشاورات فيما بينهما، ويروى عن تعاونهما المستمر أن سفينة لصالح تعرضت لاعتداء من القراصنة، فما كان من عبدالله بن عيسى إلا أن تصدى للمعتدين، واعتقل القراصنة وسلمهم للسلطات المختصة.ويورد عنه قوله «إن الشيخ عيسى بن علي آل خليفة زار صالح بن عيد عندما مرض، ورأى بيت صالح فقال له كيف تعيش يا أخي في مثل هذا البيت وأنا أخوك، سآمر ببناء بيتك، فأقسم عليه صالح بن عيد ألا يفعل لأنه لا يحب التراب والطين والحجر، وألح في قسمه وقال للشيخ عيسى إن كنت تعزني أترك لي هذا البيت، وما قصرت يا طويل العمر».في مناطق البحرين يواصل عبدالله الذوادي الحديث عن قبيلة الذواودة «الآن الذواودة تفرقوا في العديد من مناطق البحرين، وباعدت بينهم مناطق الإسكان الجديدة، فمنهم من سكن مدينة عيسى، وآخرون اتخذوا مدينة حمد، والبقية انتقلوا إلى عراد والرفاع والبديع، ولم يتبق من فريج الذواودة إلا المسجد وبيت صالح بن عيد شاهداً على عراقة الأسرة، وفي الجانب الغربي بقي بيت الراحلة رقيه بنت درويش الذوادي، وكذا حفيد الراحل جمعان الذوادي، الشيخ أحمد بن مطلق الذوادي، مازال مقيماً في الحي».حريق فريج الذواودة في عام 1951 تعرض فريج الذواودة إلى حريق أتى على معظم بيوته الواقعة غرب شارع القصر القديم بدءاً من بيت يوسف بن عبداللطيف حتى بيت بودريس، ولم يتبقَ لهم شيء بعد أن أتت ألسنة اللهب على منازلهم المبنية من السعف، لكن نخوة أهل البحرين أبت إلا أن تقف معهم في محنتهم وكان على رأس القوم حاكم البحرين الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، إذ تبرع لهم لبناء منازل بديلة بالحجارة والأسمنت، ما أعاد لهم استقرارهم وبوضع أفضل من سابقه.ملتقى الذواودة بالبحرينكانت عائلة الذواودة دعت منسوبيها في البحرين والسعودية، إلى حفل تكريم مساء يوم 25 أبريل 2014 بصالة «ألبا» في الرفاع، وتم خلاله تكريم العديد من الشخصيات بمقدمتهم الحاج محمد بن عبدالله بن عيسى الذوادي كبير العائلة، وعبدالله بن عبدالعزيز الذوادي بطل سباقات الكارتنج، والحاج محمد بن عبدالله بن عيسى الذوادي ابن عبدالله بن عيسى أحد كبار نواخذة الغوص وتجارة اللؤلؤ، والحاج صالح بن عيد الذوادي.ويأتي الملتقى من أجل التعارف بين أفراد الأسرة في البحرين والسعودية، أو حتى الممتدة بأرجاء الوطن العربي من مشرقه إلى مغربه، فعلى الصعيد الخليجي يتواجد أبناء عائلة الذواودة في سلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت والعراق إضافة إلى المملكة العربية السعودية والبحرين.وتتمركز العائلة في بلدان المغرب العربي كالجزائر وتونس وليبيا وخاصة في مدينة الزاوية، حسبما أكد مطر بن عبدالله الذوادي خلال زياراته المتكررة إلى لليبيا.ودلل معجم «أسماء العرب» على وجود العائلة في تونس بالمجلد الأول صفحة 619 و620 الصادر عن مؤسسة السلطان قابوس ويقول الكتاب «كلمة ذوادي يستخدم للذكور وهو أحد الأسماء المستخدمة في تونس»، ويذكر الكتاب أن ممن سموا به محمد الحبيب الذوادي المتوفى سنة 1381 هـ 1961م، وهو قاص وأديب ومناضل من تونس.وفي الجزائر يطلق عليهم «الذوادية»، وذكر أحد المؤرخين الجزائريين واسمه توفيق بن سالم «أن الذواودة ساهموا مع إخوتهم أبناء الجزائر في محاربة الاستعمار الفرنسي إبان الثورة الجزائرية، ووصلت العائلة إلى تلك الدول خلال الفتوحات الإسلامية المنطلقة من شبه الجزيرة العربية وكانت البحرين جزءاً منها في العهد النبوي».
Variety
الذواودة.. حكايـــة الفـــرار مـــن «شريبــــة»
23 مايو 2014