منذ بداية المشكلة عمل الإعلام القطري على تصوير موقف الدول الأربع «البحرين والإمارات والسعودية ومصر» بأنه يرمي إلى فرض الوصاية على قطر ويستهدف الشعب القطري، لهذا اختار لفظة «حصار» بدلاً عن «مقاطعة» رغم تيقنه بأن هذه الدول لم تحاصر قطر ولا تريد أن تفرض عليها حصاراً وإنما قطعت علاقاتها الدبلوماسية معها واتخذت مجموعة إجراءات أملاً في أن تنتبه الدوحة إلى تجاوزاتها وتعود إلى رشدها وتصحح الأخطاء التي ارتكبتها وتضررت منها الدول الأربع كثيراً وهددت وتهدد المنطقة وتجرها نحو مزيد من الآلام.

ما يروج له الإعلام القطري غير صحيح بالمرة، فالدول الأربع لا تسعى إلى فرض الوصاية على قطر ولا تفرض عليها حصاراً ولا تستهدف الشعب القطري الذي تعلم جيداً أنه يعاني من سياسات حكومته ومواقفها السالبة وتدخلاتها في شؤون الدول الأخرى بالطريقة نفسها التي تمارسها إيران التي صارت منبوذة من كل دول المنطقة بسبب تدخلاتها في شؤون الآخرين واستهتارها.

الدول الأربع لا تستهدف الشعب القطري أبداً بل أن هذا مستحيل، منطقاً وواقعاً، فهذا الشعب جزء من الشعوب الخليجية ولم يحدث منذ بداية إظهار ما يجري إلى العلن أن اتخذت شعوب هذه الدول من الشعب القطري موقفاً أو أساءت إليه، ولم يحدث أيضاً أن تناولت حكومات الدول الأربع الشعب القطري بكلمة تجرحه أو تحط من قدره، بل أن هذه الحكومات وهذه الشعوب وقفت في وجه كل من حاول أن يسيء إلى الشعب القطري.

الخلاف ليس مع الشعب القطري خصوصاً وأنه أحد المتضررين من سياسات الحكومة القطرية وهو في كل الأحوال غير راضٍ أبداً عن تلك السياسات ويرغب في تغييرها بدليل حملة الاعتقالات التي نفذتها السلطة هناك وقوائم المنع من السفر التي أصدرتها وتضرر بسببها الكثير من القطريين. الخلاف محصور بين حكومات الدول الأربع والنظام في الدوحة، وهذا ما أكده وزير شؤون الإعلام علي بن محمد الرميحي في لقائه الخميس الماضي بالصحافة الوطنية حيث قال «إن ما تقوم به المؤسسات الإعلامية الوطنية في البحرين ليس موجهاً بأي شكل من الأشكال إلى الإخوة والأشقاء في دولة قطر بل ضد السياسة القطرية الداعمة للإرهاب ورداً على الادعاءات الكاذبة لوسائل الإعلام القطرية وعلى رأسها قناة الجزيرة، وفضحاً للسياسة الإعلامية القطرية التي عملت منذ سنوات على تشويه الحقائق في مملكة البحرين بادعاءات كاذبة وملفقة تحت عناوين براقة وخادعة وادعاءات غير صحيحة حول حرية التعبير والرأي والرأي الآخر». وبالتأكيد فإن الأمر نفسه ينطبق على إعلام الإمارات والسعودية ومصر التي لا تريد غير ما تريده البحرين وعبر عنه وزير شؤون الإعلام.

الإعلام القطري حاول خلال الشهور الثلاثة من عمر الأزمة الإيقاع بين شعوب دول مجلس التعاون بتصويره ما يجري على أنه موجه ضد الشعب القطري وبمخاطبة العواطف واتباع أسلوب «المظلومية»، والمثير أنه رغم عدم نجاحه في هذا ورغم تيقنه بعدم تمكنه من إقناع أحد بما يروج له إلا أنه لا يزال يواصل الأسلوب نفسه ويعمد إلى النفخ في القصص الصغيرة وتصويرها وكأنها جرائم كبرى تمارس ضد الشعب القطري ، غاضاً البصر عن الجرائم التي يمارسها هو ضد هذا الشعب الشقيق.

كل متابع لتطورات الأزمة القطرية يبصم بالعشرة على أن الدول الأربع لا تستهدف الشعب القطري بل أنها تعمل لصالحه، حيث كل تغيير في أسلوب وتوجهات الحكومة القطرية يصب بالضرورة في صالحه ويعفيه من تحمل تبعات هذه الحكومة التي من الواضح أنها لا تحسب أي حساب لهذا الشعب وتريد منه تحمل خطاياها.

الحقيقة التي يجب أن يعرفها الشعب القطري هي أن قيادات وشعوب الدول الأربع المقاطعة للنظام القطري تعتز به وتفخر.