نسمع دائماً عن الاستثمارات التي تمثل ملاذات آمنة في أوقات الأزمات وأبرزها الذهب، لكن الفرنك السويسري بدوره لطالما اعتبر كذلك. فمنذ عشرات السنوات ينظر إلى الفرنك السويسري على أنه ملاذ آمن في أوقات الأزمات. لكن كيف أصبح كذلك؟
بدايات الحكاية تعود إلى عام 1934 حين أقرت الحكومة السويسرية آنذاك قانوناً يجرم الإفصاح عن تفاصيل أي من عملاء المصارف، وبدلاً من استخدام أسماء المودعين على الحسابات، ابتكرت سويسرا نظاماً رقمياً لزيادة مستوى السرية. هذه السرية المصرفية المشددة ساهمت في توجه مليارات الدولارات إلى سويسرا من أثرياء العالم وهرباً من الضرائب في بعض الأحيان، هذه المليارات تحول جزء كبير منها إلى الفرنك السويسري مما وضع العملة في مركز قوة لتصبح تدريجياً رمزاً للأمان.
لكن يجب أن نذكر هنا أن موضوع السرية المصرفية وضع البنوك السويسرية في وجه الاتهامات والدعاوى القضائية مرات عدة، أبرزها فضيحة التهرب الضريبي لعملاء UBS في 2008 نتيجة لذلك، فإن السرية المصرفية المتعلقة ببعض الجنسيات قد شارفت على نهايتها حيث دخلت الاتفاقية الدولية لتبادل المعلومات المصرفية حيز التنفيذ في الأول من يناير، والاتفاقية تجبر سويسرا بالإفصاح عن هذه المعلومات بشكل سنوي أوتوماتيكيا بدءاً من العام المقبل.
ورغم ذلك، يبقى القطاع المصرفي السويسري من بين الأكثر متانة حول العالم ولذلك تبقى ثقة المستثمرين فيه عالية جداً. كذلك الاقتصاد السويسري يعتبر مستقراً والأسواق المالية قليلة التقلبات. كما إن سويسرا تتمتع بفائض في الميزان التجاري ما يعني أن الأموال الداخلة إلى البلاد أكثر من تلك الخارجية ما يضيف إلى جاذبية الفرنك.
إلى ذلك، تعتبر سويسرا بلداً محايداً في أوقات الحروب والأزمات السياسية وهذا يضيف إلى مكانتها كملاذ آمن. كما إنها ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي ولم تتبن عملة اليورو وهو ما يراه البعض إيجابياً لها ويساعدها للحفاظ على استقلاليتها ومكانتها الخاصة.