كتب – وليد صبري:يتوجه المصريون إلى صناديق الاقتراع اليوم وغداً للتصويت في انتخابات الرئاسة التي يتنافس فيها وزير الدفاع السابق المشير عبدالفتاح السيسي واليساري حمدين صباحي، حيث يحق لأكثر من 50 مليوناً مدرجين على قوائم الانتخابات، التصويت لاختيار الرئيس السابع للبلاد، بينما أعلن الجيش المصري أن «أكثر من 182 ألف ضابط وجندي سيشاركون في تأمين الانتخابات بالتنسيق مع وزارة الداخلية»، فيما أكد محللون لـ«الوطن» أن «المشير السيسي هو الأقدر على قيادة البلاد، وحل مشاكلها خلال المرحلة المقبلة، وحماية الأمن القومي، وتوطيد وتقوية العلاقات خارجياً، خاصة مع دول الخليج».إدراك بالواقعمن جانبه، قال المحلل السياسي د. محمد نعمان جلال «أعتقد أن السيسي أكثر قدرة على مواجهة مشكلات مصر في المرحلة المقبلة، فلديه خبرة عملية في التعامل مع مؤسسات الدولة، ولديه إدراك واقعي بالمشكلات، وعلى معرفة دقيقة بقضايا الأمن الوطني، ويملك شجاعة اتخاذ القرار في اللحظة المناسبة، كما حدث في مساندته للتظاهرات الشعبية في 30 يونيو 2013، ويدرك بعمق مفهوم الوحدة الوطنية بين الأقباط والمسلمين، ودور المؤسسة الدينية سواء الأزهر أو الكنيسة في المجتمع». وقال إنه «يتمنى أن يتعامل الرئيس القادم مع ملف جماعة الإخوان المسلمين بحكمة تميز بين أمرين، أولهما تورط الإخوان كحركة وكحزب في الإرهاب، وتدمير الوطن، وبين سلوك الإخوان كأفراد أخطؤوا ويتم معاقبتهم بالقانون، وثانيهما التمييز بين العمل السياسي والعمل الدعوي، فالعمل السياسي له قواعده، والعمل الدعوي له قواعد مختلفة، والخلط بين الاثنين جلب النكبات على الدولة، والدستور الجديد أكد أهمية عدم قيام الأحزاب على أسس دينية». ورأى د. نعمان جلال أن «مسألة معاقبة الإخوان يجب أن تكون وفقاً للقانون، وبحزم خاصة مع من ارتكبوا جرائم أضرت بالدولة، ومن لم يرتكب جرائم، فهو مواطن ينطبق عليه ما ينطبق على غيره من قوانين». وفيما يتعلق بالمهلة الزمنية المتاحة للمرشحين لتنفيذ برامجهما الانتخابية، أوضح د. نعمان جلال أن «الأهم وجود خطط عملية وواقعية لإحداث تغيير جوهري في الواقع المصري، ومعالجة مشاكل الفقر والبطالة والتخلف، وإطلاق عملية تنموية، وهذه تحتاج لوقت، ولكن يمكن للرئيس أن يحقق خطوات عاجلة مثل فرض الانضباط والقانون، وإعادة الأمن، ومقاومة الفساد».وبشأن الجدل حول عودة الجيش لحكم مصر من خلال السيسي، ذكر د. نعمان جلال أن «السيسي له خلفية عسكرية، لكنه استقال من القوات المسلحة، وبالتالي هو مواطن مدني له كامل الحقوق، وترشح بصفته مواطناً وليس بصفته عسكرياً، ويتم انتخابه على هذا الأساس، ولم يقم السيسي بانقلاب عسكري، وإنما بتحرك عسكري لتأييد الشعب بعد تظاهرات 30 يونيو، واستجابة لنداءات أحزاب جبهة الإنقاذ والقوى السياسية لمواجهة تهديدات وإرهاب قوى الإخوان المرتبطة بالإسلام السياسي».وأشار إلى أن «رؤساء مصر السابقين كعسكريين قاموا بمهام كبيرة، وحققوا إنجازات مهمة ومعروفة، وارتكبوا أخطاء، أقل من أخطاء الحاكم المدني في عام، وأقل من أحزاب ما قبل ثورة 1952، وإن كان الرئيس السابق حسني مبارك ارتكب في فترة حكمة الطويلة أخطاء جسيمة، وإنجازاته محدودة، مقارنة بجمال عبدالناصر وأنور السادات».وخلص د. نعمان جلال إلى أن «العبرة في المرحلة المقبلة بعمل الرئيس وخططه وما يقدمه للمجتمع ووضعه خطة واقعية لإحداث تغيير جذري في التنمية الاقتصادية والأمن الوطني وإعادة الانضباط للمؤسسات»، لافتاً إلى أن «ثورتي 25 يناير و30 يونيه أدت إلى تغيرات جوهرية في الشعب المصري وجعلته أكثر إقداماً على محاسبة الحاكم إذا أخطأ، وهذا سيجعل المنصب مسؤولية، وليس مغنماً، وعلى الرئيس الجديد أن يلتزم بالقانون ويقدم إنجازات حقيقية، إذ الإنجاز ليس بالإعلام والتصريحات، كما في عهد مبارك، ولكن بالأعمال، وباحترام القانون والقضاء والمواطن وتهيئة الحياة الصالحة له».ابن المؤسسة الباسلةمن جهته، قال نائب رئيس تحرير صحيفة «الوطن» المصرية اليومية أحمد الخطيب إنه «بلا أدنى شك، المشير عبدالفتاح السيسي هو القادر على مواجهة التحديات التي تواجه مصر خلال المرحلة المقبلة»، موضحاً أن «الأسباب لا تُحصي ولا تُعد، ويكفي أن الرجل خرج من رحم الدولة المصرية العريقة، من خلال مؤسسة عملاقة باسلة متمرسة على الإدارة وهو يعرف مدى التحديات التي تواجهها بلاده ومدى خطورتها، وعليه فلن تكون إدارته للدولة كرئيس تحت التمرين، مثلما حدث مع الرئيس المعزول محمد مرسي».وشدد الخطيب على أن «المشير السيسي قادر على مواجهة التحديات التي تواجهها الدولة المصرية نظراً لأنه يعلمها جيداً والعلم بمثابة نصف العلاج». وتابع الخطيب «السيسي كان وزيراً للدفاع، ومن ثم فهو قادر على حل معضلة وتحدي الأمن، مقارنة بالمرشح المنافس، وعليه فإن فرص نجاح السيسي في القضاء على التحدي الأول أكبر بكثير من فرص نجاح المرشح الآخر، كما إنه قادر على مواجهة الإرهاب في سيناء، خاصة أن الرجل قطع شوطاً في القضاء عليه كونه كان قائداً للجيش حتى وقت قريب، كما إنه ليس بعيداً عن متابعة الملف، ولا ننسى أن السيسي لديه مشروع تنموي في سيناء إلى جانب الحل الأمني في محاربة الإرهاب».وفيما يخص أزمة الاقتصاد، ذكر الخطيب أن «وجود السيسي على رأس السلطة في مصر كفيل أن يعيد فرص الاستثمار الحقيقية إلى البلاد، نظراً لكونه ينتمي للمؤسسة العسكرية التي تحظى بثقة العالم كله، وثقة المستثمرين داخلياً وخارجياً، وهناك دول عربية شقيقة أرادت مساعدة الشعب المصري، بإقامة مشروعات تنموية، ووكلت مشروعاتها للجيش المصري، فضلاً عن أن السيسي قادر فعلياً على ضبط الواقع الاقتصادي الحقيقي، بالقضاء على الفساد، وبجلب مشروعات تنموية، وخطط اقتصادية واعدة فضلاً عن ثقة دول العالم به وفي مقدمتها الدول العربية الشقيقة ومملكة البحرين في القلب منهم».ورأى الخطيب أن «ملف المصالحة الوطنية لا يمثل تحدياً، بل إن التحدي الأكبر هو الأمن والوضع الاقتصادي»، فيما استبعد أي «مصالحة من قبل السيسي أو غيره مع تنظيم الإخوان الإرهابي» معتبراً أنه «أمر غير مقبول لأن من يملك التصالح هو الشعب المصري وليس السلطة»، موضحاً أن «الإخوان يقتلون كل يوم أبناء الشعب بتفجيراتهم، كما إن تنظيم الإخوان ليس مهموماً بالتصالح مع الشعب، بقدر محاولة تفشيل الدولة المصرية وهدمها، وتحويلها إلى سوريا أو ليبيا أخرى». وقال الخطيب إن «السيسي قادر على القضاء على جماعة الإخوان الإرهابية، ولن يتعامل معهم مطلقاً، بل إن أنباء متواترة تتحدث عن نيته مطاردتهم، والقضاء عليهم، ليس داخل مصر فقط، وإنما في المنطقة العربية كلها، بمساعدة الدول العربية الشقيقة».وذكر الخطيب أن «مقولة «عدم القضاء على تنظيم الإخوان» الإرهابي فرية عظيمة افترتها الجماعة وصدقتها، وفرضت تصديقها على كثيرين منذ نحو 85 عاماً، وعليه فإن القضاء على جماعة الإخوان واقتلاع تنظيمهم الإرهابي سهل ويسير، من خلال مشروع تنموي قومي، وإصلاح الوضع الاقتصادي، لإغلاق باب متاجرتهم بآلام الناس».ورأى الخطيب أن «المشير السيسي يحتاج إلى عامين فقط من أجل تحقيق طموحات المصريين وتنفيذ برنامجه الانتخابي، وفترة العامين تعتبر وقتاً قياسياً نظراً لحجم التحدي الكبير والخراب والانفلات الأمني الذي خلفته أحداث يناير». واعتبر الخطيب أنه «في حال فوز حمدين صباحي، فإن الوضع الأمني سيزداد سوءاً، لأنه لا يملك خطة لاستعادة الأمن، كما إن برنامجه الاقتصادي يعتبر بمثابة أحلام بعيدة عن الواقع المصري». وشدد الخطيب على أن «الخلفية العسكرية للمشير السيسي يفخر بها المصريون، كما إن الجيش المصري مصدر فخر لمصر وللمصريين، وما الشعبية الجارفة التي يحظى بها السيسي إلا لأنه ابن المؤسسة العسكرية الباسلة». الأمن والاستقرارمن ناحيته، توقع المحلل السياسي العزب الطيب الطاهر أن «يكون المشير السيسي الأقرب لمنصب الرئاسة بنسبة تصويت عالية، وهذا ما أكدته أصوات المصريين بالخارج التي حصل عليها على نحو بدا أشبه بالاكتساح، نتيجة للدور الوطني الذي لعبه في ثورة 30 يونيو، التي انحاز فيها على رأس المؤسسة العسكرية لخيار الملايين الذين خرجوا مطالبين بإسقاط نظام الرئيس السابق محمد مرسي وجماعة الإخوان». ورأى أن «السيسي هو الأقدر على التعامل بدرجة عالية من الحسم مع التحديات المطروحة في الواقع المصري وهي عديدة ومتنوعة وتطال مختلف القطاعات من سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية». وأضاف الطيب الطاهر أن «الرئيس القادم يحتاج إلى متسع من الوقت كي يقوم بإجراء تغييرات في هيكل الجهاز الإداري للدولة على نحو يجرده من حالة الترهل والخمود التي يعيشها منذ سنوات مبارك، وإجراء تعديلات جوهرية في الأجور والمداخيل، تنحاز للطبقة المتوسطة والفقراء، حتى يمكنهم تحمل عبء مشروع النهوض، فضلاً عن الاعتماد على التوزيع العادل للمشروعات بين المحافظات»، لافتاً إلى أن «ملفي الأمن والاقتصاد أبرز التحديات أمام الرئيس القادم». وتوقع الطيب الطاهر أن «يستمر التوتر مع جماعة الإخوان خلال فترة حكم السيسي الذي سيستخدم لغة أكثر حدة من صباحي في التعامل مع الجماعة»، مؤكداً أن «الجماعة لن يكون لها حضور في المشهد السياسي سواء فاز السيسي أو صباحي»، وفق تصريحات المرشحين.وشدد على أن «فوز السيسي لن يكون إعادة إنتاج لحكم المؤسسة العسكرية».إنعاش الاقتصادمن جهته، اعتبر المحلل السياسي عبدالله الجنيد أن «السباق الرئاسي المصري حسم في ثورة 30 يونيو 2013 عندما انحاز الجيش للثورة، إضافة إلى تفويض المصريين للسيسي بتصحيح مسار ثورة 25 يناير»، مضيفاً أن «السيسي يعي مسؤوليته الوطنية جيداً، لكن ذلك لا يقلل من شأن صباحي كونه سياسياً محترفاً». ورأى الجنيد أن «إعادة إنعاش الاقتصاد هو التحدي الأكبر، لذلك مصر تحتاج إلى برلمان قادر على التشريع لبناء منظومة اقتصاد واعد، شريطة أن يتم ذلك في ظل شفافية تامة». وأضاف الجنيد أن هناك «أولويات للرئيس القادم منها الأمن والقضاء على الإرهاب». وبشأن التعامل مع ملف الإخوان المسلمين، أوضح الجنيد أن «القانون سوف يتعامل مع كل من يخرج على إرادة المجتمع بشرط عدم تسييس القضاء». أمن الخليجمن جانبه، أكد المحلل السياسي د. ظافر العجمي أن «تصريحات السيسي تظهر حرصه على أمن دول الخليج العربي، كما إن خلفيته العسكرية وعمله كملحق عسكري في مكتب الارتباط المصري بالرياض، يجعله الأقرب لفهم قضايا الخليج وأمنه»، موضحاً أنه «بحكم منصبه فهو على اتصال وتفاهم مع صناع القرار في الخليج، ومن ثم هو الأقرب إلى دوله».تحديات ضخمةمن ناحيته، اتفق رئيس تحرير صحيفة «الوفد» المصرية السابق، والمحلل السياسي سليمان جودة مع تصريحات د. العجمي بشأن «التفاهم بين قادة دول الخليج والسيسي»، فيما دعا إلى «تمديد الولاية الرئاسية إلى 6 سنوات، بدلاً من 4، ومن ثم يحتاج الرئيس إلى 12 عاماً لتنفيذ برامجه الانتخابية، ومواجهة التحديات الضخمة».