عملت الأسواق العالمية للطاقة خلال الفترة الماضية على اختبار أسواق واقتصاديات الدول المنتجة للنفط والطاقة النظيفة، إضافة إلى دراسة مستويات التسعير المرتفعة والمتوسطة والمنخفضة للنفط، فضلاً عن اختبارها للخطط والاستراتيجيات المتوسطة والقصيرة ذات التأثيرات الإيجابية والسلبية على جميع المسارات السعرية لمصادر الطاقة، حيث تجنبت هذه الاختبارات التأثيرات على المستهلك النهائي، كونها تمتعت بمستويات دعم جيدة تتحملها موازنات الدول كافة.
وأوضح التقرير الأسبوعي لشركة نفط "الهلال"، أن الاختبارات التي جرت على أسواق واقتصادات الدول المنتجة للنفط والطاقة أظهرت انخفاضاً في نسبة العوائد، وتراجعاً في تأثيرات الدعم عند الأسعار المرتفعة للنفط، حيث إن القطاعات الاقتصادية الرئيسية بحاجة إلى إعادة هيكلة وخصخصة، ويجب أن ترتبط أسعار النفط المحلي بالأسعار العالمية، بهدف توفير خليط متوازن من مصادر الطاقة لتفادي التأثيرات السلبية لرفع الأسعار على القطاعات التي تستهدفها خطط التحول الاقتصادي الجاري تنفيذها، وذلك لأن رفع كلف الطاقة لن يصب في صالح نجاحها في المراحل الأولى من تنفيذها.
وبين التقرير أن التحول من إنتاج النفط نحو إنتاج الغاز الطبيعي قد يكون له تأثيرات إيجابية على خطط تحرير أسعار النفط وربطها مع الأسواق العالمية، يأتي هذا في الوقت الذي تشير فيه توقعات الوكالة الدولية للطاقة بنمو الطلب على الغاز الطبيعي بنسبة 50% بحلول العام 2040، وذلك لأن العديد من أسواق الاستهلاك باتت تفضل الغاز الطبيعي على النفط والفحم لدعم نمو القطاع الصناعي، الذي سيرفع الطلب على الغاز بنسبة تتجاوز1.6% على أساس سنوي.
وأشار التقرير إلى أن تزايد إمكانية رفع القدرات الإنتاجية للغاز الطبيعي لدى دول المنطقة خلال السنوات القادمة يرتبط بشكل وثيق مع مسارات أسعار النفط في الأسواق العالمية وتحركاتها، حيث إن هذه الخطط يتوقع أن يكون لها تأثيرات إيجابية، وقد تكون قابلة للتطبيق مستقبلاً، وذلك لأن تطوير خليط إنتاج الطاقة وتجاوز سيطرة النفط سيقلل من التأثيرات السلبية على القطاعات الاقتصادية المستهدفة في خطط واستراتيجيات التنمية والتحول الاقتصادي.
وأوضح التقرير أن المشهد الحالي من الاستهلاك للنفط في المملكة العربية السعودية، والذي يصل إلى 3.8 مليون برميل يومياً، وعند مستوى دعم مباشر يصل إلى 35 مليار دولار سنوياً لدعم قطاع إنتاج الطاقة الكهربائية والماء والبنزين، حيث تشير المصادر الرسمية إلى أن المملكة تتجه نحو ربط أسعار الطاقة بالأسعار العالمية بشكل متدرج بدءاً من العام الحالي وحتى عام 2020، وذلك لأن أسعار البنزين في السعودية تعتبر من الأسعار المتدنية على مستوى العالم، وأن استهلاك الفرد يعادل ثلاثة أضعاف معدلات الاستهلاك حول العالم، وبالتالي لابد من الاتجاه نحو تعزيز خليط الطاقة ورفع كفاءة الاستهلاك لضمان تحقيق نتائج إيجابية طويلة المدى.
وأكد التقرير أن الاتجاه نحو ربط أسعار الطاقة والنفط بالأسواق العالمية سيخلق تأثيرات سلبية على أداء القطاعات الاقتصادية وبشكل خاص في المراحل الأولى من الإنتاج والتطوير، وذلك نظراً لصعوبة تقدير نتائج رفع التكاليف في كثير من الأوقات، واستمرار التقلب والتذبذب على أسعار الطاقة العالمية، والذي من شأنه أن يضعف قدرة القطاع الصناعي على سبيل المثال من المنافسة الخارجية، كما يمكن أن تلقي هذه الاتجاهات بظلال سلبية على طبقات المجتمع ذات الدخل المتدني.